نفط سوريا في ظل "الفدرالية الكردية".. وقائع وأرقام وسيناريوهات

تملك القوى الكردية التي يتزعمها "حزب الاتحاد الديمقراطي"، شمال شرق سوريا، السيطرة على 75% من نفط سوريا، لكنها لا تملك الإمكانيات اللازمة لاستثماره، ولا تحظى حتى الآن بالسبل الملائمة لتصديره، ناهيك عن عدم نيّة النظام التخلي عن تلك الثروة، وبالتالي، لن يقبل النظام بـ "الفدرالية" وفق السيناريو "الكردي".

تلك أبرز النقاط التي تضمنتها أجوبة الأستاذ، عبدو حسام الدين، معاون وزير النفط المنشق عن النظام، وعضو اللجنة التفاوضية العليا التي تمثّل المعارضة في مفاوضات جنيف الجارية حالياً.

ورغم أهمية النقاط السابقة، إلا أن نقاطاً أخرى لا تقل عنها أهمية تضمنها مقال مفصّل أرسله عبدو حسام الدين، لـ "اقتصاد"، في سياق إجابته على تساؤلاتنا بخصوص ملف النفط و"الفدرالية الكردية". منها، إشارة إلى شراكة غير مباشرة بين رامي مخلوف، وأيمن أصفري، قد تكون شراكة غير مقصودة. إذ أن الأخير، أصفري، اشترى 10% من أسهم شركة نفط بريطانية عاملة في سوريا، الأمر الذي يُوحي بوجود معلومات عن استئناف عملها قريباً. وأصفري، ملياردير سوري معارض لنظام الأسد، ويُقيم في بريطانيا.

نترككم مع مقال الأستاذ عبدو حسام الدين، المُرسل في سياق الرد على تساؤلات "اقتصاد":

الثروة النفطية في ظل "الفدرالية الكردية"

بعد إعلان وحدات حماية الشعب الكردية الحكم الذاتي على جزء من الأراضي السورية، وكذلك بعد إعلان حزب الإتحاد الديمقراطي الكردي بزعامة صالح مسلم الفدرالية للدولة الكردية المزعومة، صار هناك لغط كثير حول الثروة النفطية والغازية التي يتمتع بها هذا الجزء من الدولة السورية، وبطبيعة الحال كان كثير من الأحاديث المتداولة بعيدة عن الواقع ولنقل هي أحاديث مجالس.

وسوف أجيب في هذا المقال عن مجموعة أسئلة في غاية الأهمية:

١- كم تقدر نسبة ثروة النفط والغاز التي تسيطر عليها وحدات حماية الشعب/الاتحاد الديمقراطي الكردي قياساً إلى الثروة الكلية؟
٢- هل يملك الكرد الإمكانيات المالية والتقنية لاستثمار وتشغيل منشآت النفط والغاز الخاضعة لهم؟
٣-هل يملكون إمكانية تصدير النفط والغاز من المناطق الخاضعة لهم، وعبر أية طرق؟
٤- هل يمكن لأطراف دولية وإقليمية أن تشتري النفط والغاز منهم، دون أن يكون لهم صفة قانونية ( إذا لم يتم الاعتراف بكيانهم)؟
٥- ما طبيعة العلاقة بين النظام والقوى الكردية الفاعلة في شمال شرق سوريا على صعيد إدارة وتشغيل وتقاسم موارد النفط والغاز؟
٦- ما هو وضع الشركات العاملة المنتجة (المشتركة مع شركات أجنبية) ودورها في إدارة المنشآت والإنتاج؟
٧- هل النظام صادق برفضه للفدرالية المعلنة من قوى كردية، وهل للثروة النفطية علاقة بذلك؟

حقائق تاريخية

في البداية لا بد من بعض الحقائق التاريخية وهي أن أول برميل نفط أنتج وصدِّر كان من المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، وربما آخر برميل ينتج سيكون من نفس المنطقة والواقعة الآن تحت سيطرة حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي المعروف بـ (PYD).

حيث أنه في الفترة ١٩٥٥-١٩٥٧ حصلت شركة منهل الأمريكية على أول تدفق تجاري من حقل كراتشوك الواقع  في المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا، وفي أيار ١٩٦٨ وصل أول برميل نفط إلى مرفأ طرطوس عبر خط نقل النفط من تل عدس التي تعد أول محطة ضخ، الواقعة أيضاً في نفس المنطقة، وفي نفس العام بدأ الإنتاج الفعلي من حقل السويدية وهي جميعاً ضمن الإدارة الذاتية الكردية الآن.

مناطق النفط الخاضعة لـ "PYD" قادرة على إنتاج 250 ألف برميل يومياً

تبين الخارطة، التوزيع الجغرافي للمناطق الرئيسية للإنتاج، وهي موزعة على خمسة مناطق، منها منطقتان رئيسيتان تقعان تحت سيطرة الوحدات الكردية هما منطقة حقول الحسكة بما فيها رميلان والسويدية وكراتشوك... ، ومنطقة الشدادي أو حقول الجبسة بما فيها جبسة وغونة وكبيبة وتشرين ... وهاتين المنطقتين تنتجان النفط الثقيل، بينما منطقة الفرات-حقول دير الزور- تنتج النفط الخفيف.
 
وبحسب خطط الإنتاج التي كانت مقررة في عام ٢٠١٠ فإن إنتاج النفط الثقيل (رميلان وجبسة) الواقعة الآن تحت السيطرة الكردية، حوالي ٢٥٠ ألف برميل في اليوم مقارنة بـ ١٠٠ ألف برميل في اليوم للنفط الخفيف الذي تسيطر عليه الدولة الإسلامية- داعش- في منطقة الفرات، والنظام يسيطر فقط على معامل الغاز في المنطقة الوسطى وبعض الآبار والتي لا يتجاوز إنتاجها ٢٠ ألف برميل في اليوم (بما فيه المكثفات الناتجة عن معامل الغاز) أي أن النفط الثقيل يمثل حوالي ٦٧.٥٪‏ من إجمالي الإنتاج المخطط البالغ ٣٧٠ ألف برميل في اليوم.


خلال عقد.. 80% من إنتاج النفط ستكون في مناطق خاضعة اليوم للـ "PYD"

ومع استمرار الإنتاج ونقص المخزون متوقع أن يتراجع إنتاج النفط الخفيف إلى حوالي ٢٠ ألف برميل/ اليوم في عام ٢٠٢٥، بينما يحافظ النفط الثقيل على معدلات أكبر بحدود ٢٠٠ ألف برميل/ اليوم، وتصبح نسبة إنتاج النفط الثقيل حوالي ٨٠٪‏ من إنتاج النفط الكلي، أي أنه في غضون عشر سنوات القادمة سيكون الاعتماد الرئيسي في إنتاج النفط هو على النفط الثقيل الموجود في شمال شرق سوريا.

 وبالطبع قبل الثورة كان هناك خطط كثيرة لاستكشاف النفط من قبل شركات الدولة أو شركات عقود الخدمة، ربما تغير هذه الوقائع ومنها الاكتشافات التي تمت في منطقة القلمون.  

بالنسبة للغاز، الوضع مختلف

يبلغ الاحتياطي النفطي القابل للإنتاج في سوريا ٢.٤ مليار برميل، يشكل النفط الثقيل منه حوالي ٧٥٪‏.

أما الواقع الغازي فهو مختلف قليلاً إذ يبلغ الاحتياطي الغازي في سوريا ٢٨٥ مليار م٣ على مستوى القطر، منها ٣٣ مليار م٣ في حقول الحسكة، و٣٠ مليار م٣ في حقول الجبسة، أي مجموع الاحتياطي الغازي في المناطق المسيطرة عليها الوحدات الكردية هو ٦٣ مليار م٣ من أصل ٢٨٥ مليار م٣ ما يعادل ٢٢٪‏. وفي عام ٢٠١٠ لم يتجاوز إنتاج الغاز النظيف من حقول الرميلان وجبسة٣.٨ مليون م٣ / اليوم من أصل ٢٦ مليون م٣/ اليوم.

خط النقل الرئيس لنفط شمال شرق سوريا.. مُخرّب

كان النفط الثقيل ينقل من حقول الحسكة إلى ميناء طرطوس عبر خط للنفط الثقيل يمر بمحافظة الرقة، وكان يغذي جزئياً مصفاتي حمص وبانياس ويصدر الباقي، وحيث أن الخط تعرض للتخريب، إضافة لوجود جزء منه في منطقة سيطرة تنظيم "الدولة"، فقد توقف نقل النفط فيه كلياً، إضافة إلى توقف الإنتاج من حقول الحسكة الواقعة تحت سيطرة الوحدات الكردية.

 وينتج حالياً من هذه المناطق كميات محدودة لا تتجاوز ١٥ ألف برميل/اليوم تكرر في مصافي صغيرة بإشراف الوحدات الكردية فقط لاستخراج كميات من المازوت والبنزين غير المطابقة للمواصفات لاستخدامها فيما يطلق عليه حزب بي وأي دي (كردستان الغربية).

الأكراد أدركوا عجزهم عن إدارة المنشآت النفطية دون دعم من مؤسسات الدولة

ومن الجدير بالذكر أن الشركة السورية للنفط كانت تدير وتشغل آبار ومنشآت النفط والغاز ولديها كادر بشري في حقول الرميلان والجبسة يقارب عدده خمسة عشر ألف عامل وفني ومهندس مدربين بشكل جيد، ولن تستطيع الوحدات الكردية إدارة وتشغيل الآبار والمنشآت بالكادر القليل المدرب المتوفر لديها (ممن كان يعمل أساساً في تلك المنشآت)، خاصة وأن الإنتاج من آبار النفط الثقيل يحتاج إلى خبرات وتقنيات خاصة، إضافة إلى التكاليف الباهظة لتشغيل المنشآت نظراً لقدمها وحاجتها المستمرة للصيانة، أي أن الأمر يحتاج لتمويل لا قِبل لهم به.

 من هنا تنبه بعض القائمين على العمل في حقول الحسكة من الكرد إلى هذا الأمر وظهرت دعوات من مهندسين أكراد لتسليم إدارة منشآت النفط والغاز للنظام ليقوم هو بالإنتاج وهم يأخذون نسبة يتفق عليها.

خيارات تصدير النفط الخاضع لسيطرة الـ "PYD".. جميعها غير متاحة اليوم

فيما يتعلق بتصدير النفط والغاز من مناطق سيطرة وحدات الحماية الكردية، فكما أسلفنا كان النفط يصدر من تلك الحقول عبر خط لنقل النفط إلى طرطوس، وربما تكون تلك إحدى الوسائل المتاحة والموجودة لتصدير النفط. ولكن ذلك يحتاج إلى وقت طويل لإعادة إصلاح المقاطع المتضررة من الخط، وهذا يمكن أن يتم بعد التأكد من عدم سيطرة تنظيم "الدولة" على مقاطع منه، أو أن يجري اتفاق ثلاثي بين النظام والوحدات الكردية وتنظيم "الدولة"-إن استمر تواجد الأخير- لمرور آمن للنفط (مثل الاتفاقات التي جرت بين النظام والتنظيم في أكثر من مكان، خاصة الغاز).

 أما إن لم يتم مثل هذا الاتفاق فيعتقد أن الوحدات الكردية ستلجأ – في حال استطاعت بمفردها إنتاج فائض معين للتصدير- إلى كردستان العراق لتصدير فائض النفط لديها، وقد علمت أن مباحثات قد جرت بين الطرفين لهذا الأمر، أي لنقل النفط إما بواسطة صهاريج أو مد خط لهذه الغاية.

 ولكن ذلك لن يكون قبل استعادة جزء أكبر من الإنتاج المتوقف، الأمر الذي لا تقوى عليه الوحدات الكردية بمفردها، وقد يكون بالاتفاق مع النظام إن لم يستطع تشغيل خط طرطوس.

الاحتمال الثالث هو أن يتم تصدير كميات محدودة عبر وسطاء معينين إلى تركيا، والذي قد لا تسمح به تركيا، إلا إن تم الاعتراف بالحكم الذاتي (وهذا مستبعد من الأطراف الإقليمية والدولية) وعندها يمكن أن توافق الحكومة التركية على مد خط للنفط من تل عدس إلى الأراضي التركية ضمن منفعة مشتركة.


معظم الغاز في مناطق سيطرة الـ "PYD" يستهلك محلياً

أما ما يتعلق بالغاز فالأمر أيضاً مختلف، إذ أن كميات الغاز المنتجة محدودة وهي أساساً تستهلك داخلياً، أي ما ينتج في حقول رميلان يذهب إلى معمل السويدية المتهالك (يعمل على الغاز المرافق وبدأ العمل في عام ١٩٨٤)، وما ينتج في حقول الجبسة يذهب إلى معمل غاز الجبسة (بدأ العمل عام ١٩٨٨) وهو يعمل على الغاز المحتوي نسبة عالية من كبريت الهيدروجين.

 إضافة إلى بعض محطات توليد الطاقة القديمة والتي كانت بصدد التحديث ثم توقفت. وإن لم يستثمر الغاز محلياً في معامل الغاز أو لتوليد الطاقة فليس أمامه إمكانية للتصدير أو استثمار آخر سوى الحرق.

أبرز الشركات العاملة في مناطق سيطرة "PYD"

وفي سياق الحديث عن العلاقة بين النظام والقوى الكردية العاملة في شمال شرق سوريا، لابد من التنويه بأن هناك جهات أخرى كانت فاعلة في مجال إنتاج النفط في مناطق سيطرة الوحدات الكردية الآن، إضافة إلى الشركة السورية للنفط، وهي الشركات العاملة المنتجة كما يلي:

الشركة السورية للنفط كانت تنتج حوالي ١٩٠ ألف برميل/يوم.
شركة دجلة (شركة مشتركة مع شركة غولف ساندز البريطانية) ١٨ ألف برميل/يوم.
شركة عودة(شركة مشتركة مع شركة دبلن الكندية ثم سينوبيك الصينية) كانت تنتج ١٧ ألف برميل/ اليوم.
شركة كوكب ( شركة مشتركة مع شركة CNPCI الصينية) كانت تنتج ١٤ ألف برميل/ اليوم.

بالنسبة لشركة غولف ساندز فقد توقفت عن العمل امتثالاً للعقوبات الاقتصادية الأمريكية والأوروبية على النظام، إلا أنها فوضت المؤسسة العامة للنفط للاستمرار بالإنتاج (خاصة أن غولف ساندز مملوكة جزئياً لرامي مخلوف). أما الشركات الصينية فقد استمرت بالعمل لفترة طويلة بعد ذلك. ومن المتوقع عند استقرار الأوضاع بالكامل أن تعود تلك الشركات للعمل في قطاعات الإمتياز الخاصة بها ( في مناطق سيطرة الوحدات الكردية) مع مطالبات بحصص من النفط المنتج خلال فترة القوة القاهرة، وربما اللجوء إلى القضاء لتحصيل حقوقها وفوات المنفعة. ومن المتوقع  سواء كان النظام أم الوحدات الكردية أن تسمح لهذه الشركات بالعودة للعمل في مناطق امتيازها، كنوع من الإلتزام بالعقد الموقع بين الحكومة والشركة من جهة، ولأن الجميع سوف يكون بحاجة مالية وخبرة فنية لصيانة المنشآت والآبار وإعادة الإنتاج إلى ما كان عليه، وهذا سوف يعطي فرصة مباشرة وأقرب من غيرها لإنتاج حوالي ٥٠ ألف برميل/يوم.

لـ غولف ساندز البريطانية.. قصّة

وبالحديث عن إمتياز أو عقد شراكة الإنتاج مع شركة غولف ساندز البريطانية، فهذه المنطقة تقع ضمن مناطق سيطرة الوحدات الآن في البلوك ٢٦ بمساحة ١١٠٠٠ كم٢، وتعد المنطقة الأكبر مساحة بين عقود الاستكشاف والإنتاج، ويملك رامي مخلوف حصة فيها، وهي مسجلة في الجزر العذراء للتهرب الضريبي، فـ رامي هو واجهة استثمار لبشار وماهر الأسد المستثمرين الحقيقيين، وهي اقتُطعت من الحقول المنتجة أساساً كي يضمن الإنتاجية بعيداً عن مخاطر الاستكشاف وتكاليفه المرتفعة، ورغم الكثير من الإنتقاد الضمني لم يجرؤ أحد على الإعتراض لأن الجميع كان موقناً أنها لبشار الأسد باسم رامي مخلوف، وصدق العقد ونفذ، ووصل إنتاج الشركة إلى ١٨ ألف برميل في اليوم وكان مخططاً أن يصل إلى ٢٤ ألف ب/ي.

أصفري ومخلوف شركاء غير مباشرين

ومنذ فترة قريبة اشترى الملياردير السوري أيمن الأصفري صاحب شركة بتروفاك لأعمال النفط، حصة لا تقل عن ١٠٪‏ من أسهم شركة غولف ساندز، دون تخلي رامي مخلوف عن حصته، مما يعني أن الأصفري ومخلوف أصبحا شريكين في شركة غولف ساندز رغم أن مخلوف من عظام رقبة الأسد، والأصفري من معارضيه. أياً يكن فشراء الأصفري لحصة من غولف ساندز ليس عبثيّاً، ويعني أن الشركة ستستأنف نشاطها الإنتاجي عند تواجد عوامل الأمان.

أما شركة CNPCI الصينية فكانت تنتج النفط الثقيل جداً وبطرق غير تقليدية، ولكنها من المتوقع أن تعود هي وشركة سينوبيك للعمل فور استتباب الأمن.

أما الشركة السورية للنفط، (أو النظام بصورة عامة، لأنها لا تعمل بدون أوامره)،  فقد كانت حتى وقت قريب موجودة في الحقول، وتدير المنشآت والإنتاج بالتعاون مع الوحدات الكردية، بل بينهم اتفاقات للتشغيل والحماية في هذا الخصوص، عرضت وسائل الإعلام بعضاً منها، ولكن في الفترة الأخيرة بدأت العلاقة تزداد تعقيداً وسوءاً مما دفع بالنظام للتوقف عن التشغيل في حقول الرميلان، أما في حقول الجبسة فقد سيطرت الدولة الإسلامية فاضطر عناصر النظام للانسحاب، ومؤخراً استولت الوحدات الكردية على منطقة الشدادي وبالتالي على الحقول المرتبطة بها.

النظام غير راضٍ عن مساعي الـ "PYD" للسيطرة على النفط

أعتقد أن النظام لم يكن راضياً عن تصرفات حزب الإتحاد الديمقراطي فيما يتعلق بموضوع النفط والسيطرة على منشآت وإنتاج النفط، ولكنه كان مكرهاً للتعاون معه. لقد كانت السيطرة على مصادر النفط والغاز الهاجس الأكبر لجميع الفرقاء المتقاتلين في سوريا: النظام، تنظيم "الدولة"، الأكراد، الثوار- كما في دول أخرى- وعلى سبيل المثال كان النفط يمثل ٢٢٪‏ من موارد الدولة، بما يعادل ٥ مليارات دولار سنوياً، أو ٤٥٪‏ من مجمل الصادرات السورية. وليس بالأمر السهل للنظام التخلي عن هذا المصدر الهام للدخل، والتخلي عن النفط اللازم لتشغيل المصافي (مصفاة حمص شبه متوقفة، ومصفاة بانياس تعمل جزئياً على النفط الإيراني المستورد)، وللمشتقات النفطية، ولتشغيل الكادر.

 لذلك أجزم بأن النظام – إن بقي- لن يقبل بفدرالية كردية تنتقص سيادته على أهم موارد الدولة، أو مصادر التمويل. وسيحاول بأي طريقة بسط نفوذه مجدداً على المنطقة الشمالية الشرقية من سوريا أو منطقة الحسكة لاستثمار موارد النفط والغاز.

وإن لم يستطع بشكل مباشر فسيلجأ إلى عقد اتفاقات مع وحدات الحماية الكردية ليضمن –حصة الأسد!-،  خاصة وأن قطاع النفط في سوريا مُني بخسائر فادحة، ولكن منشآت وآبار النفط في مناطق شمال شرق سوريا الواقعة تحت سيطرة الأكراد، كانت الأقل عرضة للخسائر، نظراً لتحالف النظام مع مليشيات صالح مسلم، وعدم تعرض تلك المنشآت للقصف من قبل التحالف الدولي أو روسيا أو النظام، كما حصل لمنشآت النفط في محافظة دير الزور التي أصبحت مدمرة بالكامل، ويصعب إصلاحها أو إعادة تشغيلها وإن أمكن فهي تحتاج لمليارات الدولارات، وسنوات عديدة من العمل.

خلاصة

 إن الثروة النفطية في منطقتي رميلان والجبسة في محافظة الحسكة الواقعة تحت سيطرة وحدات الحماية الكردية أو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي الذي أقر العمل بالفدرالية تشكل حوالي ٧٥٪‏ من إجمالي الثروة النفطية في سوريا، وفق الدراسات الخزنية المتوفرة حالياً، وهذه النسبة قد تتغير بناء على الاكتشافات النفطية التي قد تحصل في مناطق أخرى على اليابسة أو في المياه قبالة الشاطئ السوري. أما الغاز فهو بكميات محدودة ولا يشكل تلك الثروة التي يعول عليها في تلك المناطق.

أخيراً ما نرجوه ونأمله أن لا يطغى الفكر الإنفصالي وأن لا يحصل كل ذلك لا من قبل الوحدات الكردية، ولا أن يكرس من قبل النظام الزائل، وأن تبقى سوريا موحدة بأرضها وشعبها، وثرواتها ومصادرها توزع على كل أبنائها، ليعم الخير على الجميع من أقصى شمالها وشرقها إلى أقصى جنوبها وغربها، وأن ينعم جميع أبنائها بالخير والرفاه الذين يستحقونه في ظل وطن محرر وديموقراطي للجميع بدون عصابات تنهب خيراته.

ترك تعليق

التعليق