الليرة السورية من المركزي إلى المفتي

شكل بيان مفتي حلب الدكتور محمود عكام، الذي طالب فيه المواطنين بإخراج ما لديهم من دولار وطرحه في الأسواق دعماً للعملة الوطنية، شكل نقلة نوعية في طبيعة المعالجة للأزمة الاقتصادية التي يعيشها نظام الأسد.

 فحال الليرة السورية بات يشبه حال المريض الذي عجز الطب الإكلينكي عن معالجته، فيحاول ذووه أن يلجأوا إلى الطب الروحي، من باب أنه إذا لم ينفع، فإنه لن يضر.

غير أن المفتي استعجل كثيراً في علاجه، وذهب إلى حد الإفتاء مباشرة، حيث أوشك أن يقول: إن تشتروا الدولار يعذبكم الله عذاباً شديداً.. وهي مرحلة متقدمة في المعالجة. وكان من المفروض أن يتدرج في المراحل بما منحه الشرع  من سعة .. فهو تجاوز مثلاً، مرحلة الايعاز لخطباء يوم الجمعة أن يخصصوا بعضاً من خطبهم أو كلها عن الدولار والدعاء لليرة ... أيضاً كان بوسعه أن يدعو المؤمنين من جماعته لإقامة صلاة الاستسقاء والتضرع إلى الله، عله ينظر في حال الليرة السورية وما وصلت إليه من تدهور. إلا أنه لم يفعل كل ذلك واكتفى الرجل بإصدار بيان كان بمثابة نعوة أكثر منه دعوة.   

 لذلك أرى أن الرجل لم يكن موفقاً في تدخله، شأنه شأن المصرف المركزي، وهو بذلك ضيّع على رجال الدين فرصة ثمينة لأن يكون لهم موقف مما يحصل للاقتصاد السوري، كما كان لهم موقف بارز فيما يخص الوضع السياسي، بدليل أن النظام ووسائل إعلامه لم يهتما لكلامه ولبيانه من الأساس .. وهو ما جعل الكثيرين يقولون أن عكام تحدث من تلقاء نفسه، وقد أخذته الغيرة من ابن مدينته المفتي الأوسع أحمد حسون، فأراد أن يسجل موقفاً متقدماً عليه في الشأن الاقتصادي هذه المرة، لقناعته أن حسون لا يفهم بالاقتصاد مثله، فهو سبق وأن قام بتدريس مادة المواريث في كلية الحقوق في جامعة حلب، وهي مادة أعطته خبرة اقتصادية ممتازة جعلته يرى أن بشار هو وريث شرعي للسلطة في سوريا وبالتالي يحق له أن يرث ما عليها ...!!

وبكل الأحوال هناك رأي آخر يقول إن عكام لا يمكن أن يتحدث من تلقاء نفسه، فلا بد أن أحداً من النظام أوعز له بأن يقول ما قال، لكنه فهم الدعوة بالخطأ .. فالنظام وبعد فشل كل محاولاته في إنقاذ الليرة السورية، أدرك أن عملته لم يعد ينفع معها تدخل المصرف المركزي وبالتالي قرر إحالة أوراقها إلى المفتي..

ترك تعليق

التعليق