ما بين أروقة المركزي والصرافة: 4.5 مليون دولار ضائعة يومياً

ذكرت مصادر رسمية تابعة للنظام أن كتلة الحوالات الخارجية الآتية إلى داخل سوريا من المغتربين، والتي كانت تُقدر سابقاً بـ 8 مليون دولار يومياً، تقلصت مؤخراً إلى 3.5 مليون دولار أمريكي، دون توضيح الأسباب.

وفي تقرير نشرته صحيفة "الوطن" المخلوفية، حمّلت الأخيرة شركات الصرافة المسؤولية، ملمحةً إلى احتمال تلقي موظفي مصرف سوريا المركزي المسؤولين عن مراقبة شركات الصرافة، رشاوي ضخمة لغض الطرف عن القيم الحقيقية للحوالات الخارجية التي تصل هذه الشركات، بصورة سمحت بابتلاع أكثر من نصف الحوالات الآتية للسوريين من الخارج.

وكانت حكومة النظام أقرت خلال السنة الماضية أن مصرف سوريا المركزي يتحصّل على 8 مليون دولار أمريكي يومياً، بصورة وسطية، جراء الحوالات الخارجية الآتية للسوريين من أقاربهم المغتربين. حيث تُسلّم قيمة الحوالة بالليرة السورية، وفق السعر المحدد من جانب مصرف سوريا المركزي، والذي يقل عن سعر السوق السوداء بنسبة ملحوظة، فيما تُحوّل العملة الصعبة التي تم تحويل الحوالة بها لصالح المركزي.

وكان المركزي سمح لشركات ومؤسسات الصرافة المُرخصة بالاحتفاظ بـ 40% من العملة الصعبة التي تصلها عبر الحوالات لطرحها في سوق العملة بصورة تساعد على لجم الدولار عن الارتفاع، فيما يحتفظ المركزي بما بقي من قيمة العملة الصعبة المتأتية من الحوالات، والتي تقدر يومياً بحوالي 4.8 مليون دولار أمريكي، وهو ما يشكل مورداً رئيسياً من العملة الصعبة لصالح المركزي، يُعين الأخير على تمويل المستوردات، والتدخل في سوق الصرف من حين لآخر.

لكن، وحسب السلطات النقدية التابعة للنظام، تقلص هذا المورد إلى أقل من النصف، حيث بات مؤخراً حوالي 3.5 مليون دولار يومياً، يبقى للمركزي منه 2.1 مليون دولار، فيما يبقى الباقي لصالح شركات ومؤسسات الصرافة.

التطور الأخير قد يكون أحد أسباب عجز المركزي عن لجم الدولار عن الارتفاع مؤخراً، إذ بات التدخل في سوق الصرف بصورة مباشرة، مُكلفاً أكثر، بعد تقلص المورد الرئيس من العملة الصعبة إلى أقل من النصف.

والملفت هنا أن صحيفة "الوطن" المقربة من النظام حمّلت شركات الصرافة المسؤولية في تقلص كتلة الحوالات الواردة للبلاد، متسائلة عن مصير الـ 4.5 مليون دولار أمريكي، الضائعة يومياً، حسب وصفها.

واتهمت الصحيفة، بشكل شبه مباشر، موظفي المركزي المسؤولين عن مراقبة أداء شركات الصرافة بتلقي الرشاوي للتغطية على تلاعب هذه الشركات حيال القيمة الحقيقية للحوالات التي تصلها، خاصة أن الأرباح المتأتية من هكذا عملية كبيرة للغاية، تقدر بعشرات إن لم يكن بمئات آلاف الدولارات يومياً.

ورغم أن صحيفة "الوطن" طرحت عدة سيناريوهات أخرى منها أن يكون سوء أداء شركات الصرافة، إلى جانب التسعير الرسمي لدولار الحوالة، قد دفع جزءاً كبيراً من متلقي هذه الحوالات في الداخل إلى الاعتماد على شركات صرافة تعمل في مناطق خارج سيطرة النظام، إلا أن الاتجاه الرئيس لتقرير الصحيفة كان يركز على ما يحدث بين أروقة موظفي المركزي وشركات الصرافة، خاصة مع غياب أي تفسير رسمي لأسباب تقلص قيمة الحوالات إلى أقل من النصف، في وقت يبدو فيه أن المركزي وحكومة النظام بأكملها، في أمس الحاجة للعملة الصعبة، بصورة دفعت النظام إلى تقديم تنازلات غير مسبوقة على صعيد ملفات جوازات السفر، لتحصيل الدولار من السوريين في الخارج.

ترك تعليق

التعليق