مشترو الذهب في المناطق المحررة ينعشون خزائن النظام

لم يخطر في بال مستهلكي الذهب أو الصاغة في مناطق حلب المحررة، بعد التخلص من سطوة نظام الأسد، أن لعنة هذا النظام سوف تلاحقهم، وأن وزارة مال النظام ستمد يدها الخفية إلى مدخراتهم، لتملأ منها خزائنها.

فعدم ثقة الحلبيين بالذهب المصنع بمناطق المعارضة، وغياب ورش التصنيع تحت وطأة القصف المستمر، ساهم بشكل كبير في إنعاش خزينة النظام والتي تقوم بدوها باستيفاء رسم الانفاق الاستهلاكي على الذهب المشغول والمصنع والقديم حتى قبل أن تتم عملية البيع في محال الصاغة.  

المنحى العام للذهب صعوداً

وبعيداً عن المؤشرات أو التنبؤات، يقول الناشط الميداني ظافر أبو البراء: "إن الحلبيين يتابعون بحذر وترقب كل معلومة أو خبر يتناولُ أوضاع الذهب، ولاسيما في ضوء تقلبات أسعاره الحالية في سوريا، والمنحى الصعودي العام".

 ويضيف " أبو البراء" أن أسواق حلب شهدت في الآونة الأخيرة ارتفاعاً حاداً في أسعار معظم السلع الأساسية والكمالية نتيجة الارتفاع الحاد لسعر صرف الدولار حيث وصل في أواخر الشهر الفائت إلى أعلى مستوى له وهو 325 ليرة، وبنتيجة ذلك ارتفعت أسعار السلع بشكل كبير ثم بدأ سعر الدولار بالهبوط بشكل سريع ووصل سعر صرفه مع بداية الشهر الحالي إلى مستوى 245 ليرة، لكن أسعار السلع لم تنخفض بنسبة انخفاض سعر الصرف.
 
ويتابع " أبو البراء " أنه وفي ظل هذه الظروف شهد سعر الذهب تفاوتاً نتيجة اختلاف سعر صرف الدولار بعد أن وصل إلى أعلى مستوى له وهو 10500 للغرام من عيار 21، ومن ثم بدأ بالهبوط تدريجياً بتناسب طردي مع الدولار إلى أن وصل حالياً إلى 8500 ليرة.
 
لا يوجد ورش تصنيع ذهب في المناطق المحررة
 
وهنا يقول صاحب محل صياغة في حلب –فضل عدم ذكر اسمه- إن رسم الإنفاق الاستهلاكي الذي فرضه النظام دفع عدداً كبيراً من الصاغة إلى رفع  سعر الذهب، حيث قفز سعر غرام الذهب عيار 21 من " 7000 " ليرة سورية إلى " 8400" ليرة سورية.

وأضاف الصائغ أن توقف المبيعات بشكل تام ربما يدفع الصاغة إلى إغلاق المحال التجارية، وهذا الأمر يؤثر سلباً على مدخول المواطن الذي لا يمتلك الدولار وكل تداولاته بالليرة السورية.

وبيّن الصائغ أنه على الرغم من أن محال الذهب لا تفرغ من زبائنها إلا أن هذه الفترة تشهد ركوداً كبيراً، فهناك نقص في المبيعات يقترب من 70 % مقارنة بالعام الماضي، مشيراً إلى أن الطلب لا يتناسب مع كمية العرض، فرغم أن الذهب يبقى مخزوناً استراتيجياً للبعض، إلا أن القوة الشرائية الضعيفة لدى المستهلك تمنعه من شراء الذهب.

فوضى في سوق ولا يوجد سعر نظامي

وأوضح المصدر أن أسواق الذهب تشهد أحياناً حالة من الفوضى ولا يوجد سعر نظامي، وخلال العام الفائت 2014، انتعشت مبيعات الذهب في حلب بعد أن اضطرت الظروف والحياة الصعبة الحلبيين إلى بيع جزء كبير من مقتنياتهم، لتوفير المصاريف اليومية. وفي بداية العام الحالي ارتفعت أسعار الذهب بشكل كبير بسبب ارتفاع أسعار الصرف بعد الضرائب الجديدة التي فرضها النظام مع انعدام ورش تصنيع الذهب في المناطق المحررة.

وأضاف المصدر، أحياناً يمكن أن نرسل الذهب القديم من المناطق المحررة إلى مناطق النظام ليتم استبداله بذهب مصنع حديثاً، بسبب عدم ثقة المستهلكين بالذهب المستورد المشغول والمصنّع، ولا يمكن بكل الأحوال استيراده لعدم سلامة الطرق، أما الذهب القديم نضطر إلى دمغه في مناطق النظام، الأمر الذي ينعش خزائن النظام.

لو كان الذهب مُيسّراً ومتاحاً كوسيط للتداول لاستعمله الناس

يشار إلى أن تحول الاقتصاد السوري إلى الدولرة ساهم بشكل كبير في عدم استقرار أسعار الذهب منذ بداية الثورة، ويتحمل مسؤوليته الاقتصادية والسياسية عصابة النظام، لأنها دفعت بالأمور إلى مستوى انهيار الاقتصاد وانهيار الثقة جراء العبث بمقدرات الاقتصاد والناس ومن ثم بمقتنياتهم ومدخراتهم من الذهب، ولهذا فإن التضخم العالي وانقطاع السلع ومقومات الحياة أدى إلى انهيار سعر صرف الليرة السورية وانهيار قوتها الشرائية، والبديل الوحيد أمام الناس هو اللجوء إلى الدولار أو الدولرة كمخزن للقيمة وكأداة للتبادل، ولو كان الذهب ميسراً ومتاحاً كوسيط للتداول لاستعمله الناس.

يذكر أن حلب القديمة شهدت احتراق خمسة أسواق بالكامل بسبب المعارك بين جيش النظام والجيش الحر، وحيث أن الأسواق والمحال متلاصقة وأسقف الحوانيت وأبوابها مصنوعة من الخشب العتيق امتدت إليهم النيران بسهولة، وأدت المعارك إلى تدمير بقية الأسواق ومناطق أثرية ومنها سوق الذهب. ودفعت ظروف الحرب في حلب أصحاب محال الصاغة في الأسواق القديمة لمدينة حلب، العاصمة الاقتصادية، إلى إغلاق هذه المحال، ونقلها إلى مواقع أخرى في حلب، منها حي الفرقان الذي بات المنطقة التجارية الرئيسة في الجانب الغربي من حلب، الخاضع لسيطرة النظام.

ترك تعليق

التعليق