"اقتصاد" تحاور رجل الأعمال السوري نزار الخراط

أقلية من رجال الأعمال السوريين التفوا حول الثورة مغلبين المصلحة الوطنية على مصالحهم الضيقة، وهذا يعني أن هناك رجالاً شرفاء قدموا ولا زالوا يقدمون ولا ينتظرون إلا أن يتوقف القتل وتنتصر الثورة لإقامة نظام الحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية.

ولا يقتصر دور رجال الأعمال على إعطاء الهوية الوطنية للمال اللازم لخدمة الثورة والثوار وإغاثة الأهالي وتقديم الخدمات ولوازم العيش لهم، كما أن موقف رجال الأعمال الوطنيين يشير من جهة أخرى إلى أن هذا المال نظيف وليس مال التشارك بالفساد مع رموز النظام.

"نزار الخراط"، رجل أعمال، ونائب رئيس الجالية السورية سابقاً في مصر، رجل ثورة حقيقي تنازل عن كل شيء من أجل وطن، ورغم همومه بقي همّ الناس شاغلا له، فسوريا تنتظر هؤلاء لتنفض عنها ركام الأسى والخراب.

موقع "اقتصاد" أجرى الحوار التالي مع نزار الخراط:

سيد نزار...رجال الأعمال السوريين منقسمين إلى مؤيد للنظام، معارض له، أو صامت ليس له موقف معلن، كيف سينعكس ذلك في مرحلة إعادة الإعمار أو بناء الاقتصاد السوري من جديد، في رأيك؟

بالنسبة لرجال الأعمال المنقسمين إلى (مؤيد، معارض، صامت)...نحتاج إلى تحليل هذا التقسيم الثلاثي لنوعية رجال الأعمال السوريين، ولماذا وجد هذا التقسيم وأصبح من نتائج قيام ثورتنا؟،...كلنا نعرف أن رجال الأعمال السوريين، وخاصة منهم رجال الأعمال من المدن الرئيسية دمشق وحلب، والذين كان البعض منهم سند وعضد للنظام منذ ٥٠ عاماً، فيهم فئة أولى، كانوا مخيرين بالتعاون مع النظام وبخالص إرادتهم بهدف مادي بحت دون النظر والأخذ بالاعتبار النتائج السلبية الكارثية التي ستصيب المجتمع على المدى البعيد، وأول المتضررين ومن سيدفع ثمن هذا التحالف بين السلطة والمال هم أنفسهم هؤلاء التجار في المستقبل. وفي ظل الدولة المدنية الدستورية بحاضنة القانون المأمول قيامها، لن تجدهم في ساحة التنمية والاقتصاد الوطني، اللهم إلا إذا دخلوها من أبواب خلفية بأسماء وهمية أو غير معلنة قانونياً، وهنا سنجد أن من الصعوبة التعرف عليهم أو تحجيمهم إلا بقوانين حازمة ومراقبة شريفة بعيدة عن السياسيين أو الأمنيين، وهم ذراع الفساد إذا كانوا فاسدين في أي مجتمع.

أما الفئة الثانية من رجال الأعمال هؤلاء، وهو المعارض، ومعه الصامت، فهو المأمول والمعول عليه في الأخذ بالمبادرة في العملية الاقتصادية مستقبلاً، على أساس أنهم ثاروا على فساد وتخريب وسرقة ورشوة كانوا شهوداً عليه، وكانوا يعملون تحت هذا العبث مرغمين، والبعض منهم على مضض ربما شارك وتعامل مع الواقع السابق مرغمين، فمدة 50 عاماً من "اللا أمل" في دولة تحكم بالقانون، كان لا بد من أن تدفع المرء للتكيف معها قدر الإمكان، وبدون رضى داخلي، وبانتظار تغيير ما، في وقت غير معلوم.

حال انتهاء الصراع المسلح في البلاد، من أين يجب أن تبدأ مراحل إعادة الاعمار أو البناء الاقتصادي في سوريا، من جديد؟

بالنسبة لموضوع إعادة الإعمار، فإن مرحلة إعادة البناء في الحالة السورية، تحتاج إلى دخول شركات وتكتلات اقتصادية كبيرة، وهذا ما سيجعل العملية أسرع في الإنجاز، مما يتطلب تأسيس تكتل اقتصادي جامع، إما من السوريين أنفسهم المنتشرين في كافة أنحاء العالم، وهو ما سيجعله مشروع إعادة بناء وتأسيس وطني خالص، غير مشروط أو مقيد من دول أو سياسات أو شركات عالمية، وإما من تعاون عربي على أساس تبادل مصالح ومنافع عربية – عربية، إضافة إلى دول الجوار والتي تمثل سوريا لها العمق الجغرافي، مثل العراق ولبنان والأردن وتركيا، وربما تكون الأخيرة هي الدولة الأكثر أهمية.

ما هو البلد الحالي الأكثر جذباً لرجال الأعمال السوريين، هل هو تركيا؟

تركيا تسير بخطوات صاعدة وواعدة بين مختلف الاقتصاديات الصاعدة، وعلى الرغم من المنغصات الآتية من الخارج والتي تحاول الزج بتركيا في صراعات إقليمية، وأحياناً داخلية، بتحريك المعارضة مدفوعة من الخارج، يوجد حالياً مجالات عديدة للاستثمار في هذا البلد، وأولها الاستثمار العقاري والسياحي ومن ثم الصناعي، ومستقبلاً في مجال الطاقة، وهي استثمارات متنوعة بين المتوسطة والكبيرة الحجم والتكلفة، والاستثمار في تركيا له مستقبل آمن وجاذب، ويمكن أن تشكل الحدود المشتركة الطويلة بين سوريا وتركيا، وسهولة التحرك بين البلدين براً وبحراً وجواً، دافعاً لمشروعات مشتركة تبادلية وتكاملية تستفيد منها الدولتين مستقبلاً – سوريا وتركيا-.

هل فشل الاستثمار السوري في البلدان العربية عموماً، أو في مصر خصوصاً؟

هناك بشكل عام، حالة من التخبط في القرارات الاقتصادية، وعدم الاستقرار، وخاصة في مصر، مع غياب العامل الأمني اللازم للتنمية، وارتفاع مستوى الغلاء، مما دفع المصريين أحياناً إلى التفكير في الاستثمار الخارجي أو تقليص أعمالهم انتظاراً وترقباً للقادم من أحداث.

هل دعم رجال الأعمال الشرفاء كان كافياً للثورة، أم أنه لم يكن بالإمكان أكثر مما كان؟

رجال الأعمال الشرفاء اندفعوا من الشهور الأولى لدعم الثورة السورية، سواء المقيمين منهم في الخارج أو الداخل، وقدموا الكثير من الدعم العسكري أو الإغاثي، ولكن لم يكن أحد منهم يتخيل أن تطول مدة الثورة لما بعد سنواتها الأربعة السابقة، بالإضافة إلى الآثار السلبية التي نجمت عن إصرار النظام على المزيد من القتل والتدمير والتهجير، والتمسك بكرسي الحكم، وإدخال العالم بمتاهات الصراع. فكل من شارك من رجال الأعمال، تجاريين أو صناعيين، أنهك تماماً وفقد الكثير من رصيده، بل وصل الأمر ببعضهم إلى الإفلاس، فأغلق أبوابه ولجأ إلى العمل عند الآخرين، ومن تبقى من الذين مازالوا يمارسون أعمالهم في مصانعهم وشركاتهم، بدأوا بالتقهقر في الدعم المالي لأكثر من سبب، مادي أولاً، وأيضاً لدخول أطراف في الصراع غير معلومة التوجه والمصدر، مما عقّد الموقف أمام الداعمين، خشيةً منهم مما هو قادم من الأيام.

في سطور

نزار الخراط: رجل أعمال سوري، ونائب رئيس الجالية السورية ورئيس اللجنة التنسيقية للثورة السورية في مصر "سابقاً"، ورئيس مؤسسة البيت الدمشقي، ومؤسس فريق الطوارئ التطوعي، نقل نشاطه الثوري والاقتصادي في العام 2014 إلى تركيا.

ترك تعليق

التعليق