مستقبل النظام الاقتصادي في سوريا...بين العقلاء والجهلاء

بالكثير من الخجل والتردد، بدأ بعض الباحثين الاقتصاديين المنتمين للمعارضة بالحديث عن مستقبل سوريا الاقتصادي، وذلك بعد أن بدأت تلوح في الأفق ملامح لانهيار النظام، سواء من خلال الانتصار العسكري أو عبر التسوية السياسية.

وبهذا الصدد، نشر الباحث الاقتصادي، سمير سعيفان، على صفحته في "فيسبوك"، قبل نحو أسبوع، موجهاً السؤال للمهتمين، عن طبيعة النظام الاقتصادي الذي يجب أن يحكم سوريا بعد سقوط النظام...هل هو اشتراكي، أم ليبرالي ..؟...وقد بيّن سعيفان مزايا كل نظام تاركاً للمعلقين أن يدلوا بآرائهم بما يشبه الاستفتاء أو تمازج الأفكار.

الملفت أن مبادرة سعيفان لم تحظ بتعليقات وآراء جدية...والسبب تزامنها مع أسئلة أكبر: هل ستكون سوريا موجودة مستقبلاً بشكلها المعروف، أم سيتغير شكلها...؟!، فما الفائدة أن تشتري سيارة وأنت لا تملك رخصة قيادة، وغير متأكد ما إذا ستحصل على هذه الرخصة أم لا...؟!!

بهذه الطريقة يحاولون إسكات الروح السورية التي تريد أن تقاوم  الخراب، لهذا بدت مبادرة سعيفان، مبكرة وغريبة ومعزولة وحتى مستهجنة وكافرة...ألم تلاحظوا أن عدد العقلاء الذين لازالوا على قيد الكلام صاروا قلة، وهم في تناقص رهيب..؟!، إنهم يريدون سوريا للمجانين، وأن يقرر مستقبلها الجهلة...حتى يتسنى لهم رسم ما يريدون..!!

نحن اليوم بحاجة للمزيد من الشجعان والعقلاء، وبالذات ممن يجب أن يخططوا لمستقبل سوريا الاقتصادي...لأن الاقتصاد هو البوابة الوحيدة التي يمكن أن تجلب الاستقرار للبلد وتحقق طموحات الناس السياسية...ومنذ نشوء الدول، شكلت النظم الاقتصادية على الدوام عوامل نهضة وعلى كافة المستويات..وبمقاربة بسيطة، إن الفترة الوحيدة التي عرف فيها لبنان الاستقرار بعد الحرب الأهلية كانت الفترة التي جلب فيها رفيق الحريري، رحمه الله، مشروعه الاقتصادي للبلد...لذلك اغتاله أعداء الاستقرار والمستفيدين من استمرار الصراع.

ومن هذا المنطلق، يكثر الحديث اليوم عن مؤامرات التقسيم والكونفدراليات لتعطيل الحياة في سوريا المستقبل وإدامة الصراع..ولا يمكن برأيي مقاومة هذه المشاريع الانفصالية، إلا من خلال المشروع الاقتصادي الذي يجب أن يحكمها بعد سقوط النظام.
 
نحن بحاجة لفتح النقاش ومنذ الآن، حول طبيعة النظام الاقتصادي الملائم لسوريا في المستقبل. وإذا كانت دعوة الباحث سمير سعيفان لم تلق التجاوب المطلوب، فإن ذلك يجب ألا يكون عامل إحباط..بل يجب أن نستمر ونقاوم بكافة عقلائنا..الجريمة الكبرى هي أن نسخر منهم لصالح المزيد من الجهلاء.

ترك تعليق

التعليق