الـ 1000 ليرة الجديدة وقصة "دولار زيمبابوي"

في العام 2006 طبعت زيمبابوي ورقة نقدية بقيمة 100 تريليون دولار، كانت قيمتها الحقيقية 300 دولار فقط. تلك كانت إحدى تجارب الدول الفاشلة التي تلجأ بنوكها المركزية لطباعة أوراق نقدية ذات قيمة عالية، كلما ارتفع التضخم...فهل تتكرر قصة "دولار زيمبابوي" في سوريا؟


مناسبة هذا التساؤل تترافق مع إصدار مصرف سوريا المركزي، الخاضع لسيطرة النظام، أوراقاً نقدية جديدة من فئة الـ 1000 ليرة، الأمر الذي أثار مخاوف مراقبين من ارتفاع نسب التضخم المتفاقمة أصلاً في البلاد.

وبهذا الصدد، يؤكد الخبير الاقتصادي السوري، د.أسامة قاضي، أن إصدار الورقة النقدية السورية الجديدة بقيمة 1000 ليرة، هي ضرورة اقتصادية من أجل مجاراة التضخم الهائل الذي يفوق 300 بالمئة ومجاراة فقدان قيمة العملة لـ 80 بالمئة من قيمتها.

وأضاف قاضي في حديث خاص لـ "اقتصاد" أن إصدار الورقة النقدية الجديدة هو بمثابة استجابة لعجز هائل في الموازنة الحكومية بسبب انخفاض العائدات إثر فقدان حكومة النظام السيطرة على السلة الغذائية والنفطية والثروات المعدنية في إدلب والرقة والحسكة ودير الزور والقامشلي وأكثر من نصف درعا وحلب، فضلاً عن القنيطرة وريف حماة، ناهيك عن الشلل الاقتصادي الذي طال كل القطاعات الاقتصادية، بحيث بات معه من الصعب الاكتفاء بأوراق نقدية ذات قيمة صغيرة من أجل سهولة التداول.

ونوّه قاضي إلى تجارب دول فاشلة، حسب وصفه، لجأت بنوكها المركزية لطباعة أوراق نقدية ذات قيمة عالية كلما ارتفع التضخم، ضارباً مثال زيمبابوي، التي طبعت عام 2006 ورقة نقدية بقيمة 100 تريليون دولار زيمبابوي، قيمتها الحقيقية 300 دولار أمريكي.

وحول النتائج المرتقبة لإصدار الأوراق النقدية الجديدة من فئة الـ 1000 ليرة، يعتقد قاضي أن ذلك سيدفع بالسوريين دفعاً نحو "الدولرة" المعلنة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، و"الدولرة" المخفية في المناطق التي يسيطر عليها النظام، بسبب فقدان الثقة بالعملة السورية.

لكن بالمقابل، يعقّب قاضي أنه من الأرجح أن يستمر تعامل السوريين بالليرة، لأن لا بدائل أخرى لها على الأرض.

ويستطرد الخبير الاقتصادي السوري، مشيراً إلى وجود حالتين قد تؤديان إلى إدبار السوريين نهائياً عن الليرة، الأولى: لو استطاع تنظيم "الدولة الإسلامية"، فعلاً، فرض العملة الذهبية الجديدة التي صكها، على المناطق التي يسيطر عليها. فيما تتعلق الحالة الثانية بإمكانية دفع رواتب موظفي القطاع العام والعاملين في مؤسسات الدولة بعملة غير الليرة، فهم الماكينة الأساسية للتداول، وهذا تحدي كبير وصعب، فلو استطاع تنظيم "الدولة" أو أية جهة فعل ذلك، لبات التعامل بالليرة السورية بالحد الأدنى مما يؤذن بهبوطها بطريقة مخيفة. لكن واقع الحال أن لا بديل في الواقع المنظور لدفع رواتب الموظفين بعملة بديلة غير الليرة، مما يعني أن الشعب السوري سيظل يتعامل بعملة سورية غير مستقرة، لتستعر حمى "الدولرة" في المدى المنظور.

يُذكر أن د.أسامة قاضي يترأس "مجموعة عمل اقتصاد سوريا"، وهي مجموعة بحثية سبق أن أعدت عشرات التقارير التي رصدت القطاعات الاقتصادية في سوريا اليوم، وآفاقها المستقبلية.

ترك تعليق

التعليق