تعرّف على رمضان السوريين في حوران 2015


حزن ووجع وفقر مدقع, وانقطاع كامل للتيار الكهربائي, وشح كبير بمياه الشرب, وغلاء فاحش, وتوقف شبه كامل لدورة العمل والإنتاج, هو ما يميز المشهد العام لشهر رمضان في نسخته الخامسة هذا العام، في الجنوب السوري.

فالسوريون في الجنوب يعيشون ما تبقى من الأيام الرمضانية هذا العام, وسط فقدان الكثير من السلع الاستهلاكية, وتحليق لأسعار سلع  أخرى, وذلك في ظل ظروف اقتصادية صعبة فرضتها عليهم الحرب الدائرة هنا منذ أكثر من أربع سنوات, زاد عليها عدم تمكن بعضهم من جني محاصيله الزراعية التي لازالت في السهول عرضة للاحتراق في أي لحظة.

بهذا الصدد، يقول عبد الخالق العلي لـ "اقتصاد": "كل شيء غال جداً يفوق إمكانيات أي سوري في هذه الظروف الصعبة حتى أبسط السلع الضرورية غالية، صحن البيض ارتفع سعره مباشرة من 550 ليرة سورية إلى 700 ليرة سورية، والحلاوة الضرورية للسحور ارتفعت بشكل غير مسبوق حيث أصبحت العبوة زنة 1كغ بـ 800 ليرة سورية حيث كانت سابقاً بـ 625 ليرة سورية"، مضيفاً: "ترتفع الأسعار وفق هوى البائع ولا حسيب ولا رقيب عليها والحجة الدائمة ارتفاع سعر الدولار".

أما عصام الأحمد فيخبر "اقتصاد": "حتى المشتقات النفطية ارتفعت في الأسواق فارتفع سعر ليتر البنزين من 350 ليرة إلى 550 والمازوت من 300 ليرة إلى 500 ليرة، وعبوة الغاز 20كغ من 5300 إلى 7500، لا بل فقدت من الأسواق حتى"، لافتاً إلى أن كميات كبيرة  من المشتقات النفطية تحتكر من قبل الموزعين والباعة الصغار, الذين يتابعون أخبار إغلاق وفتح الطرق للتلاعب بالأسعار, وهم الذين يتحكمون بأسعار المواد ودائماً يحتجون بأنهم يخاطرون بأنفسهم وبأموالهم بالذهاب إلى مناطق أخرى لتأمين هذه المواد".

وأضاف الأحمد: "الطلب يزداد على المشتقات النفطية لتشغيل وسائل النقل بالدرجة الأولى والمولدات التي تنتج الطاقة الكهربائية في ظل غياب كامل للطاقة الكهربائية عن مناطقنا، وهو ما يجعل البائعة يتحكمون بأسعارها".

بدوره، قال الشيخ علي عز الدين لـ "اقتصاد": "إن كثير من المأكولات والأطعمة الرمضانية التقليدية غابت عن موائد السواد الأعظم من المواطنين لعدم وجود الأموال الكافية لشرائها, ولارتفاع أسعار المواد التي تدخل في تركيبها, ولاسيما اللحوم بجميع أنواعها الحمراء, والبيضاء والأسماك، والتي تفوق إمكانيات معظم المواطنين, حيث بلغ سعر 1كغ من لحم العجل نحو 1500 ليرة سورية, فيما تخطى سعر الكغ من لحم الخروف الـ 2250 ليرة سورية, أما سعر كغ الفروج فقد وصل إلى نحو 600 ليرة سورية، وكلها تدخل في تركيب المنسف الحوراني التقليدي، والمقلوبة الأكثر شعبية خلال شهر رمضان المبارك".

من جانبه، أكد سليمان الحسن لـ "اقتصاد": "سنعمد إلى الاستغناء عن كثير من الحلويات الرمضانية التقليدية, ونستبدلها بحلويات تقليدية منزلية كالعوامة والمشبك رغم ارتفاع أسعار المواد الضرورية الداخلة في تركيبها كالسكر, الذي تخطى حدود المئتي ليرة سورية, والطحين الذي وصل الكغ منه إلى 175 ليرة سورية, والسميد الذي يصل سعر الكيلوغرام منه إلى نحو 300 ليرة سورية, ولكنها تبقى بالمقارنة، أرخص من غيرها من باقي الحلويات التي تباع جاهزة"، لافتاً إلى أن السوري اعتاد على هذه الظروف التي تعصف به منذ سنوات طويلة, متمنياً أن تنتهي الأزمة, ويتحقق النصر, وتعود سوريا كما كانت إلى سابق عهدها, بلد الخير والوفرة والأمن والأمان.

وقال سليم الخالد، موظف سابق، "إن من أهم المصاعب التي نعاني منها في شهر رمضان هذا العام, هي الحصول على المياه, والعصائر الباردة لإطفاء الظمأ في هذا الحر الشديد"، لافتاً إلى أنه لا يوجد تيار كهربائي منذ عدة أشهر, وإن لم تحل مشكلة التيار الكهربائي فسيكون الأمر قاسياً على الجميع, مستثنياً من ذلك الميسورين ممن يملكون الطاقة البديلة كالمولدات وصفائح تجميع الطاقة الشمسية, التي تستخدم في تشغيل الكثير من الأدوات الكهربائية, ذات الاستخدام المنزلي، كالبرادات وغيرها.

رمضان حلّ هذا العام على أهالي الجنوب السوري وهم يعيشون للمرة الخامسة تداعيات معارك طاحنة ومآسٍ وآلام يومية، ومع كل لحظة يتفاقم وجعهم وألمهم بخبر فَقدِ أو اعتقال أو موت عزيز.

وفي هذا السياق، قال مروان العيسى: "رمضان هذا العام بلا زينة ولا فرحة استقبال، بسبب ظروف البلد"، لافتاً إلى أن كثيراً من طقوسه وعاداته غائبة هذا العام, ومن أهم المظاهر الغائبة، الخيم الرمضانية, وموائد الرحمن، التي كانت تنتشر سابقاً في مثل هذه الأيام الرمضانية, والسبب في ذلك ضعف ذات اليد, والفقر الذي حل بالسوريين، بدل الوفرة والغنى, والخوف من أن تكون هذه التجمعات الرمضانية الصغيرة أهدافاً سهلة لطائرات النظام وصواريخه, التي تجلب الموت في كل لحظة لعشرات السوريين على امتداد التراب السوري".


ترك تعليق

التعليق