الليرة التركية في الشمال السوري...كارثة التضخم في وجه العاصفة اليونانية

تبدو الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالشمال السوري المحرر تقارب أو تشابه لتلك الأزمة التي تعصف باليونان.

الطرح الجديد بالشمال السوري، بخصوص استبدال العملة المحلية المتدوالة حالياً بالليرة التركية، تزامن مع دعوات العديد من اليونانيين في قطاع تجارة التجزئة لقبول التداول بالعملات البلغارية والتركية بعد مشكلة السيولة، باعتبارها وسيلة للحصول على سيولة إضافية.

إذاً، هناك مطالب ودعوات شعبية باليونان لقبول العملة التركية، إلا أن عملية إقناع سكان الشمال السوري بالليرة التركية كبديل عن ليرتهم، لم تلقى رواجاً بعد على عكس الحالة اليونانية، والكثير من السوريين في الشمال المحرر لم يُرضهم اقتراح الاستبدال هذا، رغم الرغبة الجارفة أو العارمة لدى الساسة في الائتلاف والحكومة المؤقتة وحتى الفصائل المقاتلة التي تسيطر على الشمال المحرر.
 
العديد من السوريين في قطاع الأعمال التجارية ليسوا سعداء من فكرة استبدال الليرة السورية بالتركية، وهناك مخاوف على نطاق واسع في الأوساط التجارية والصناعية. ولو كان سكان الشمال يعملون في السياحة لكانت خطوات الاستبدال أو التعامل بالليرة التركية أكثر مرونة في القبول.
 
هل الناس في المناطق المحررة مستعدون للتعامل بالليرة التركية؟..، ثم ما مدى إمكانية العودة إلى الليرة السورية فيما بعد، ومدى الثقة بالخطوة المؤقتة؟...، ليس بوسعنا معرفة ماذا سيفعل سكان مدن الشمال، هل سيسافرون إلى تركيا لتبادل الليرة؟.، ما هي إمكانية فتح حسابات مصرفية في تركيا أو السحب من الصرافات الآلية؟...، هناك حالة عدم اليقين من نجاح هذه الخطوة، وفي حال الفشل، هل نعود إلى الليرة السورية مجدداً أم إلى الدولار؟

من الناحية الاقتصادية، لا يوجد شيء سيء في قبول الليرة التركية لأنها مستقرة، فلماذا لا تقبل شركات الصرافة في مناطق الشمال المحرر أن تتعامل مع هذا المقترح؟
 
ربما شركات الصرافة التي تتعامل مع النظام تتبنى وجهة نظره ذاتها والتي تكمن في أن الهدف من الخطوة هو تطبيع مناطق الشمال السوري لإدخالها أو لضمها اقتصادياً، مع تركيا، من خلال دمج الزراعة، والنفط والقنوات المالية والمصرفية والتي تصب في المحصلة في رفد الاقتصاد التركي على حد تعبيرهم.

لا يوجد سبب لعدم قبول المقترح، وهناك مشكلة سيولة خطيرة في الشمال، لذلك، هذه وسيلة للعثور على سيولة إضافية على الأقل في المرحلة القادمة.

الأتراك عاصروا تضخماً جامحاً في الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وهذا الأمر يحدث بسيناريو مختلف مع سكان المناطق المحررة.
 
من الناحية العاطفية، الخطوة جيدة، وهذا لا يبرر استبدال العملة السورية بالتركية، وإنما الهدف الاقتصادي ربما ينتهي بربط مناطق شمال سوريا بالاقتصاد التركي. هناك أسباب عديدة لاستبدال الليرة السورية في الشمال، أهمها إيقاف التضخم الذي أرهق السكان والاقتصاد، ومن ثم إيقاف التعامل أو الدعم – غير المباشر- عبر تحويل الدولار إلى مناطق النظام، المهم أنه وعلى الرغم من الرفض والتخوف الشعبي إلا أن عملية الاقناع بجدوى هذه الخطوة مستمرة، كما يمكن أن نرى خطوات إجبارية تكمن في تسديد الرواتب أو المستحقات المالية بالليرة التركية.

الأمر أشبه باستفتاء اليونان على اليورو، لكن بوسائل أقل ديمقراطية، وهذا هو الفرق بين العودة إلى عملة اليونان، ومستقبل عملة الشمال السوري!! 

ترك تعليق

التعليق