تجارة تزوير الأوراق الرسمية للسوريين...تجربة شخصية

 
لم يعد مستغربا أن تقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي إعلانات عن عروض لتزوير الوثائق الرسمية السورية، كجوازات السفر وشهادات السواقة والشهادات الجامعية وشهادات الميلاد وغيرها من الوثائق الضرورية التي خرج السوريون بدونها واكتشفوا فيما بعد كم هم بحاجة إليها، بل وصل الأمر ببعضهم إلى وضع أرقام هواتف لمن يرغب بالتواصل والاستفسار، وبأسعار تشجيعية وبزمن قياسي وتزوير متقن..!!
 
فمن هم هؤلاء المزورون..؟، وما مدى فاعلية الوثائق التي يقومون بتزويرها؟، وهل يمكن الاستفادة منها فعلاً، أم أنها تجارة جديدة لابتزاز السوريين الباحثين عن النجاة بأي ثمن...؟!

تجربة شخصية
 
على المستوى الشخصي، تعرضت لهذه التجربة مرتين، مرة بدافع الحاجة ومرة ثانية بدافع الفضول..في المرة الأولى كنت في الأردن منتصف العام 2012، وقد خرجت هارباً من سوريا حاملاً معي فقط هويتي الشخصي. ويومها أتتني فرصة للسفر خارج الأردن، ولكن ليس معي جواز سفر..فتم وصلي مع شخص مختص بتزوير جوازات السفر، وأخبرني بعد أن التقيته، بعدد من الأسماء المعروفة في المعارضة، والتي ساعدها بتأمين ما يريدون، واستطاعوا السفر والتنقل بين عدة بلدان...لكن المشكلة التي حالت دون إتمام الصفقة يومها أنه طلب مقابل تزوير جواز السفر مبلغ ثلاثة آلاف دولار..وهو مبلغ رأيته مهولاً ولا يمكن بأي شكل من الأشكال تأمينه...فأقلعت عن الفكرة لصالح مبتز آخر طلب مني مبلغ 50 ألف ليرة سورية فقط، مقابل استخراج جواز سفر نظامي من سوريا...فكادت أن تذهب الخمسون ألف ليرة لولا لطف الله...فاسترجعتها بعد ستة أشهر، وكنت قد فقدت قسماً كبيراً من قيمتها مقابل العملة الأردنية.

في المرة الثانية، كانت قبل نحو عام، عندما كنت أشكو لأحد الأصدقاء من عدم وجود شهادة سواقة معي، فأخبرني أنه يعرف مزوراً بارعاً يستطيع أن يستخرجها لي بأيام وبدون مقابل، كونه على معرفة معه...وبالفعل تواصلت مع المزور وطلب مني صورة شخصية وبياناتي الشخصية..ولم تمض سوى أيام قليلة وإذ به يرسل لي على بريدي الخاص صورة عن شهادة سواقة كاملة المواصفات..وعرفت من هذا الشخص أنه امتهن التزوير خلال الثورة، بمساعدة أشخاص آخرين استطاعوا الحصول على بعض الأوراق الرسمية الفارغة بعد أن سيطرت المعارضة على بعض المقار الرسمية..وكانت المفاجأة أنه يقوم بتزوير جميع الوثائق المطلوبة وبأسعار بخسة جداً..قد لا تتعدى المئة دولار أو أكثر بقليل..وأسر لي هذا الشخص أنه قدم لي شهادة السواقة مجاناً مقابل أن أوصله بزبائن آخرين...ظناً منه أنني قد أكون صلة وصل جيدة في هذا المجال ومحط ثقة الآخرين.

مهنة في العلن

يقول "إياد"، وهو ناشط مدني، إنه في مناطق حلب الحدودية مع تركيا، يعتبر الحصول على وثائق مزورة أمراً شائعاً ومتداولاً بكثرة..ولا يشعر العاملون بهذا الأمر بأية خطورة أو حرج، بل على العكس فهم يومياً يكشفون عن وثائق جديدة يستطيعون تزويرها وأحياناً يعلنون عن تزوير وثائق تركية بسيطة..ويضيف إياد أنه بعد أن سيطر الجيش الحر على مقرات رسمية في عدد من المناطق في حلب وإدلب، تم سرقة العديد من الوثائق الفارغة بما في ذلك الأختام..لذلك قد تبدو الوثائق كما الأصلية تماماً..بما في ذلك التواقيع التي يجري تزويرها بحرفية عن طريق لصاقات شفافة، لكنه يشير إلى أن المشكلة التي تعتري هذه الأوراق أنها لا تحمل أرقاماً تسلسلية وغير مسجلة لدى أجهزة النظام..وبالتالي ليس صعباً كشفها في المطارات وبحسب أهميتها.

ويؤكد إياد أن هؤلاء المزورين مرتبطين بعدد من السماسرة في تركيا الذين يحاولون تصيد الحالات الصعبة، ومحاولة ابتزازهم وتوريطهم بوثائق قد تسبب لهم مشاكل كبيرة..مشيراً إلى أن المزورين يحاولون الحصول على أكبر قدر ممكن من المال في حال كان الطرف المحتاج لها تائهاً ويبحث عن الخلاص بأي شكل، وقد تصل المبالغ إلى مئات الدولارات مقابل أوراق بسيطة.

ترك تعليق

التعليق