في مصر....المثقف السوري على "بسطة"


يعتبر المثقفون والمتعلمون في مصر الحلقة الأضعف حيث لا يتمكن الطبيب أو المهندس أو الصحفي، وغيرهم، من ممارسة مهنته، كما أن معظم هؤلاء المثقفين يعملون في أعمال حرة أو مشروعات صغيرة في القاهرة.
 
وفي الوقت نفسه، أغلب اللاجئين السوريين ليسوا من المثقفين، لكن المتعلم لا مكان حقيقي له في دول اللجوء العربية عموماً، وعندما جاء الطبيب والمهندس وحملة الشهادات بمختلف فروعها تم إقصاؤهم أو منعهم من مزوالة مهنهم، بينما وجد أرباب المهن اليدوية -الحداد والنجار- فرصاً لهم في القاهرة.

ورغم الارتباط التاريخي والسياسي والاجتماعي بين سوريا ومصر، وسهولة تعايش السوريين في المجتمع المصري، وعوامل أخرى مختلفة، إلا أن ذلك لم يسهم حتى الآن في خلق فرص العمل للمثقفين السوريين، والتي قد تكون معدومة تماماً في بعض التخصصات، ولم يستطع الكثير من المتعلمين أو المثقفين السوريين حتى اليوم، التأقلم مع الواقع الجديد، ولن يستطيعوا الحصول على فرصة عمل بشهادتهم الجامعية، واكتفى بعضهم بممارسة بعض النشاطات التجارية، ولهذه الأسباب كان المثقفين والمتعلمين من أوئل المهاجرين عبر البحر المتوسط نحو "الحلم الأوروبي".

 "اقتصاد" حاولت تسليط الضوء على هذه المشكلة، وبهذا الصدد، يُعتبر "محمد كاظم هنداوي"، خريج معهد البيطرة، أحد المتعلمين الذي لم يجد أي فرصة عمل في مجال تخصصه، ليلجأ إلى مهنة بيع الحلويات مصدراً لرزقه في القاهرة.


إقبال المصريين على شراء المنتجات السورية

ويروي هنداوي، وهو عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان، لـ "اقتصاد"، أن الفكرة بدأت عند قدومه إلى مصر نتيجة إقبال الأخوة المصريين على شراء المنتجات السورية.
 
ويتابع "هنداوي" أن الهدف من العمل هو "تحقيق مصدر للدخل يؤمن لنا حياة كريمة لحين العودة إلى سوريا المحررة وعودة كل شخص لممارسة عمله كلاً وفق اختصاصه".
 
ويضيف "هنداوي": "بدأ المشروع بطاولة صغيرة في شارع الهرم بالجيزة، ومن ثم بعد نجاح هذه المبادرة تم توسيع طاقم العمل ليشمل فيما بعد مناطق عديدة في محافظتي القاهرة والجيزة".
   
ويقول "هنداوي": "إن التوسع في مشروع تسويق الحلويات كان سريعاً في مرحلة الاقلاع، وبلغ الطاقم 11 شخصاً موزعين في الهرم ووسط القاهرة والمعادي وفي بعض الأحياء الكبرى، مع العلم أن كل فريق العمل لم يسبق له العمل في بيع الحلويات في سوريا، وهناك بعض العاملين تحسنت ظروفهم الاقتصادية عما كانت عليه في سوريا".


سوريون في مدن مغلقة
 
ويرى "هنداوي" أن الخطأ الذي وقع فيه أغلب السوريين، هو الإقامة في مدن مغلقة وبعيدة لا يوجد فيها أصلاً عدد كبير من السكان، مثل 6 أكتوبر – العبور – العاشر من رمضان، وأغلب السوريين لم يدخلوا السوق المصرية وخصوصاً المدن الكبرى، وعندما توقفت أغلب الجمعيات والمؤسسات الإغاثية عن العمل شعر أغلب السوريين باختيارهم المكان غير الصحيح للسكن والعمل.

"هنداوي" أشار إلى وجود العديد من الصعوبات والتحديات منها ارتفاع تكلفة المواد الأولية الداخلة في صناعة الحلويات، إلا أنه وعلى الرغم من تغير الأسعار من شهر إلى آخر، يحاول المحافظة على أسعار المنتج النهائي، ثابتة.

وهناك مشكلة بالتسويق، يقول "هنداوي"، وتم تطوير مشروع الحلويات والتوسع فيه خلال ثلاث سنوات على أساس احتياجات السوق المصري، وهناك أماكن جديرة بالدراسة والاهتمام مثل الهرم- العتبة- شبرا، وغيرها.
 

أموال الإغاثة جاءت بطريقة خاطئة

وأوضح "هنداوي" أنه لا يمكن القول أن كل أصحاب المشروعات الصغيرة من السوريين فشلوا في مصر، وإنما نسبة الناجحين منهم ليست كبيرة، وهناك مشكلة حقيقية في اندماج السوريين في المجتمع المصري، ومن المستغرب أن شرائح واسعة من المصريين لم تعرف بعد المنتجات السورية، لأن أغلب أرباب الأسر السوريين وأصحاب الأعمال الحرة لم يدرسوا السوق المصري بالقدر الكافي، كما أن أغلب السوريين منغلقين على أنفسهم وأصحاب المشروعات اكتفوا بدراسة متطلبات السوريين فقط، وخاصة أن عدد السوريين في مصر 300 ألف نسمة ولا يشكلون شارعاً من شوارع القاهرة.
     
"هنداوي" أكد أن أغلب السوريين اختاروا الأماكن التي يصعب فيها التواصل مع المصريين، وعلى السوريين اليوم الاعتماد على أنفسهم وفتح آفاق للعمل ومصادر للدخل وعدم انتظار الجهات الداعمة، مع العلم أن أموال الإغاثة جاءت بطريقة خاطئة، وأُنفقت بطريقة خاطئة.
 
وأضاف"هنداوي" أنه وللشهر الرابع على التوالي، منظمة الغذاء العالمي في مصر مستمرة في استبعاد أرقام جديدة من المستفيدين، مع العلم أن منظمة الغذاء العالمي فصلت من دون سابق إنذار أعداداً كبيرة، و50 % من المستبعدين مازالوا يستحقون، والاستبعاد تم دون ضوابط.
   
في سطور..."محمد كاظم هنداوي"
 
خريج معهد البيطرة، عضو المنظمة العربية لحقوق الإنسان، وصاحب مشروع لتسويق الحلويات السورية. يسعى لخدمة الشأن العام السوري، ويعمل مع منظمة الصحة العالمية في القاهرة.
 

ترك تعليق

التعليق