بئر ماء ووقود، تجعلك "ملكاً" في معضمية الشام...و"الخلطة" حلت المشكلة جزئياً

أبو مظهر، مزارع من أهالي مدينة معضمية الشام، يعتمد على الزراعة كمصدر أساسي في كسب قوته اليومي، وهو كمعظم المزارعين المحاصرين في المدينة، تشكل المياه بالنسبة إليه المعضلة الكبرى التي غالباً ما تستعصي على الحل، لأن المياه الرئيسية شبه مفقودة، ولم يبق أمامه وأمام غيره إلا الاعتماد على الآبار للشرب والاستعمال وسقي المزروعات.

* الكثيرون يستخرجون المياه يدوياً

خلال حديثه لموقع "اقتصاد"، أوضح أبو مظهر أنه يمتلك بئراً عربياً يعتمد عليه هذه الأيام في سقي مزروعاته، وأضاف: "نتيجة غياب المياه عن المدينة اضطررنا إلى الالتجاء للطرق اليدوية حيث نستخرج المياه من البئر بدلو مربوط بحبل نرفعه بالبكرة".

و تابع أبو مظهر قائلاً: "نحن نستخرج المياه من عمق 50 متراً، وهذه العملية شاقة ومتعبة جداً، لأن المزروعات في حاجة إلى السقي يومياً".


* بعض المزارعين يسقون بالصرف الصحي

تركنا أبا مظهر، متابعين جولتنا بين البساتين الخضراء التي تقع غربي مدينة معضمية الشام، فلفت انتباهنا أحد المزارعين وهو يسقي بالصرف الصحي، اقتربنا منه وسألناه، فرفض الحديث معنا، لكن بعد إلحاح طويل سجلنا معه هذا الحديث:

ما الذي اضطرك للسقي بالصرف الصحي؟...أجاب أبو سعيد: "ظروف الحصار وانقطاع المياه الرئيسية، وعدم امتلاكي لبئر ماء، هذا ما جعلني أسقي بهذا الشكل". وأضاف: "الناس كلها تعتمد على الآبار أو على الصرف الصحي، و من يمتلك بئراً هذه الأيام يعيش ملكاً، لكن بشرط واحد؛ أن يتوفر لديه الوقود اللازم لتشغيل شفاط المياه".

وإجابة عن سؤالنا: ألا يضر هذا الأسلوب بالصحة وبالزرع؟، أجاب: "لا يسبب ضرراً على الصحة، لكن الخضراوات سيتغير طعمها قليلاً".


* المياه الرئيسية مقطوعة منذ أشهر

صرّح أبو الزبير، عضو المكتب التنفيذي في المجلس المحلي، لـ "اقتصاد"، أن المياه الرئيسية شبه مقطوعة عن المدينة منذ أشهر،
وقال أبو الزبير: "الأهالي يعتمدون على مياه الآبار في الاستعمال والزراعة ولا يمتلك الكثير من المزارعين غير السقي بالصرف الصحي"، مضيفاً: "غالباً ما يعتمد المزارعون وأصحاب صهاريج المياه على الخلطة المستخرجة محلياً من البلاستيك، لأن الوقود مفقود في المدينة إلى حد ما، وإن وجد، فالكمية محدودة جداً، وبأسعار غالية".


* حلول جديدة لاستخراج الوقود

بات من المسلمات أن المازوت والبنزين وسائر المواد النفطية شبه معدومة في معضمية الشام، وذلك بسبب الحصار المفروض عليها منذ أكثر من ستة أشهر، لكن الأهالي تعاطوا مع طريقة جديدة قادت إلى حل مؤقت لهذه المسألة، تمثلت فيما بات يعرف باسم "الخلطة"، وهي عبارة عن استخراج الوقود من البلاستيك المستعمل بعد صهره على نار عالية، ساعات طويلة، حتى يصبح جاهزاً للاستعمال.

معظم المزارعين الذين التقاهم موقع "اقتصاد" أكدوا أن "الخلطة"، حلت المشكلة بالنسبة لهم، حيث بات بإمكانهم استخراج المياه آلياً من الآبار أو من الصرف الصحي دون أدنى عناء، لكن أبا مظهر كان له رأي آخر في هذا الموضوع، إذ قال: "أنا لا أستخدم الخلطة في تشغيل الشفاط الموجود لدي لأنها مع مرور الوقت سوف تتشمع داخل المحرك وتعطله".

وقال أبو مظهر: "هذه المادة تعطل الكثير من المحركات والمولدات لكن يوجد بعض الأجهزة التي لا تتأثر بها والفلاح الذي يمتلك مولدة من هذا النوع يستخدم الخلطة بشكل اعتيادي".


* الوقود قليل جداً

في معضمية الشام، قد تجد هنا وهناك بسطات عليها ليتر أو اثنان من الوقود، لكن المفاجأة تأتي في السعر المرتفع جداً لهذه المواد، إضافة لندرتها مع حاجة الناس إليها. أحد أصحاب البسطات، ويدعى أبو ربيع، أكد لـ "اقتصاد" أنه لا يحصل على بضاعته من المازوت والبنزين إلا بعد عناء وجهد كبير. وتابع قائلاً: "أبيع البنزين بـ 3500 ليرة والمازوت بـ 2200 ليرة، لأني اشتريتها من بعض التجار الذين يستطيعون إدخالها من الحي الشرقي بهذا السعر المرتفع".

وشكى أبو ربيع من أن الكميات التي تدخل محدودة جداً، ولا يسمح بإدخالها إلا لأناس محددين، رفض الإدلاء بأسمائهم، مكتفياً بالإشارة إليهم مع إلحاحنا الشديد لمقابلتهم.

ورغم الهدنة التي عُقدت مع النظام بات من غير المسموح إدخال كميات كافية من سائر المواد الإنسانية والإغاثية والطبية، بينما يتعرض المعبر للإغلاق بين الفينة والأخرى.

* أين تصرف المزروعات؟

يزرع الفلاح في معضمية الشام الخضراوات الصيفية، مثل البندورة والخيار والقثاء والباذنجان، وفي الشتاء زرع الكثير منهم الحبوب مثل القمح والشعير، إضافة إلى البقوليات المختلفة.
 
أحد الفلاحين، ويُدعى أبو صطيف، قال لـ "اقتصاد": "نحاول زرع كافة أنواع الخضراوات في هذا الصيف، لكن مسألة المياه تشكل عائقاً أمامنا، لذلك لا ننتج الكمية المطلوبة والتي تكفي لأهالي المدينة". مضيفاً: "لا يخرج شيء من الخضراوات خارج المدينة وإنما نزرع لنأكل ونطعم أولادنا ثم نبيع ما تبقى إلى الأهالي".

ترك تعليق

التعليق