"الزواج الأبيض"...عقود قران وهمية بين الأجانب والسوريين الحالمين بالهجرة إلى أوروبا

عرضت فتاة سورية الزواج من شخص يريد السفر إلى ألمانيا، زواجاً صورياً ينتهي بانتهاء حصوله على الإقامة هناك. وكتبت فتاة تدعى "ج ت" على صفحة باسمها، "بتعرفوا شي حدا بالشام بدو يسافر عألمانيا نكتب كتابنا وبس ياخد الإقامة يعملي لم شمل ومنفسخ وقتها، يحاكيني خاص مشان نتفق عالسعر"، هذه القصة ليست الوحيدة عن تهافت بعض السوريين والسوريات على الخروج من سوريا أو بلاد اللجوء إلى الدول الأوروبية، أو"الفردوس الموعود" كما باتت تُعرف به هذه الدول مهما كان الثمن، سواء للهروب من جحيم الموت داخل سوريا، أو الهروب من ظروف اللجوء هرباً من ضيق الحال في بعض دول اللجوء التي أصبحت تُحصي على اللاجئين أنفاسهم.

وقد أصبحت الدول الأوروبية أكثر وعياً بحقيقة هذا النوع من الزيجات الذي يُطلق عليه الزواج الأبيض، بعد أن انتشرت هذه الظاهرة بشكل ملفت وخصوصاً بعد أن فتحت دول الاتحاد الأوروبي أبوابها لموجات اللجوء، فأصبحت مصالح الهجرة في هذه الدول ترفض طلبات الزواج وتعرقل إتمامه، وتضع شروطاً كثيرة لمنع استغلال المهاجرين له من أجل الحصول على أوراق الإقامة، ووضعت بعض الدول الأوروبية قوانين صارمة تفرض على الزوجين قضاء فترة طويلة معاً قبل الحصول على أوراق الإقامة، وتبعث مصالح الهجرة الباحثين الاجتماعيين ليقوموا بزيارة لبيت الزوجية في أي وقت من الأوقات خاصة في الليل للتأكد من أن الزوجين يعيشان تحت سقف واحد.

ناشط في مجال اللجوء والهجرة، فضل عدم ذكر اسمه، أوضح لـ "اقتصاد" أن قانون اللجوء والهجرة في ألمانيا يسمح بهذا النوع من الزواج ولكن إذا تم اكتشافه يعتبر تزويراً، مضيفاً أن "بعض الأجانب رجالاً ونساءً يتزوجون من سوريين من باب المنفعة المادية وهذه سوق رائجة في ألمانيا من قبل الثورة السورية، وهناك حالات يدُفع فيها 25 ألف يورو، وفترة الزواج عادة تكون لمدة 3 سنوات"، وأوضح محدثنا أنه "من الصعوبة بمكان اكتشاف قصص الزواج المزورة، ولكن إذا شكّت السلطات الألمانية بحالات من هذا النوع تقوم بـ"ـكونترول" على المنزل المعني ليروا فيما إذا كان طرفا الزواج يعيشان مع بعضهما أم لا".
 
وتنشط في بعض البلدان، وبخاصة تلك التي تضم لاجئين سوريين، ما يشبه المافيات التي تسهّل عمليات الزواج من ألماني أو ألمانية، للحالمين بالهجرة إلى أوروبا، بغض النظر عن انتماءاتهم الدينية، وبمقابل مادي، حيث يتم الاتفاق على المبلغ، ويأتي حامل الجنسية إلى هذه البلدان ليتم ترتيب إجراءات الزواج والذهاب إلى ألمانيا، لتقديم لم شمل، وبعد الحصول على وثائق الإقامة في أوروبا وحصول الطرف الثاني على المبلغ المالي المتفق عليه، يتم فسخ عقد الزواج بينهما".

ومن المعروف أن الزواج من ألماني أو ألمانية يتيح الحصول على الجنسية خلال 3 سنوات، ويمكن للنشاطات الخيرية أن تقلل من مدة الانتظار، وكذلك خلو السجل الجنائي من أي جنح أو جرائم قبل فترة اللجوء.
 
ويرى الشيخ "هيثم منصور" في حديث لـ"اقتصاد" أن "هذا النوع من الزيجات غير شرعي لأنه لا ينبع من رغبة حقيقية في بناء أسرة، كما أنه يفقد صفة الأبدية في الزواج، وتغيب لدى أطرافه نية الاستمرارية، مما يجعل منه سلعة واستثماراً لا أكثر"، ويحذر منصور من عواقب انتشار هذا النوع من الزواج وتأثيره على بنية المجتمع الإسلامي وتماسك الأسر، مضيفاً أن "هذا النوع من الزيجات يسهل على الفتيات الهروب من أسرهن وتحقيق استقلالية في البلاد الغربية، وهو ما يفتح الباب لكثير من المشاكل".

ترك تعليق

التعليق