12 دولاراً شهرياً لعلاج الأمراض المزمنة.."اقتصاد" تفتح ملف الرعاية الصحية للاجئين السوريين في مصر


يواجه آلاف اللاجئين السوريين في مصر مشاكل في الرعاية الصحية وتقديم العلاج، خاصة بعد تخفيض المفوضية العليا لشؤون اللاجئين بالقاهرة، استحقاقات السوريين في الرعاية الصحية والطبية، ورفضها التدخل إلا في علاج اللاجئين المصابين بأمراض مزمنة فقط.

وكما يتم خلال أغلب المعاملات في مصر، فإن الرعاية الصحية للسوريين تخضع للروتين والبيروقراطية، يضاف إلى ذلك شح التمويل، فعلاج السوريين مرتبط بالتمويل وحسب.
 
ويبلغ قيمة ما تدفعه مفوضية اللاجئين بالقاهرة، لعلاج أصحاب الأمراض المزمنة، فقط 12 دولاراً للفرد، بينما قيمة الدواء تصل إلى نحو 120 دولاراً لدى بعض المرضى.

ويوماً بعد يوم، تضاف أعباء جديدة على كاهل اللاجئين السوريين في مصر، وبعضهم دفع الثمن مرتين، عندما لم يتلقى الرعاية الصحية المناسبة، وعند إصابته "بالفيروس سي" كنتيجة حتمية لانتشار هذا المرض في مصر.

ومعاناة السوريين لم تنتهي بعد، يُضاف إلى ذلك تخلي المفوضية أو الجهات الشريكة لها عن التكفل بمصاريف الولادة والتي تتراوح ما بين 1500 إلى 3000 جنيه مصري.
 
نعاني من عجزنا أمام كثرة الملفات الطبية وانعدام الموارد

ياسر الحلاق، مدير فريق الطوارئ السورية التطوعي، قال لـ "اقتصاد": "إن مفوضية القاهرة لم تنسحب أو تتراجع عن ملف الرعاية الصحية للاجئين السوريين، وما يقال أنه يتم إعادة النظر في هذا الشأن، لكن باعتقادي الشخصي هي محاولة من المفوضية للتخفيف من هذا العبء الذي يبدو لي عبئاً بسيطاً مقارنة بمدى قوة هذه المنظمة مالياً!!".

ويضيف الحلاق: "منذ فترة ليست بالقريبة لا دور للمفوضية في علاج الحالات المزمنة أو العمليات الجراحية، ولذلك نعاني اليوم أكثر مما سبق من عجزنا أمام كثرة الملفات وانعدام الموارد والكثير من فرق العمل الإنساني والإغاثي تحاول المساعدة في تغطية نفقات العلاج خاصة بعد تخفيض المفوضية قيمة الدعم إلى ما يقارب 100جنيه فقط، و العبء اليوم كبير".
 
واستطرد الحلاق: "عدة مؤسسات سورية أو مهتمة بالشأن السوري تجتهد لإيجاد حلول بديلة لكنها جميعاً تصطدم بتفوق الأزمة على اجتهادها، كيف سيكفي هذا المبلغ لبعض "الروشتات" التي تصل قيمتها لأكثر من 1000 جنيه في بعض الحالات!!".
 
وتابع الحلاق: "الحلول غالباً تأتي فردية...مبادرات شخصية، هذا قدرنا ولا مناص من اللجوء للمشافي الحكومية حين يغيب التمويل، وبالنهاية علينا أن ندرك حقيقة أننا نعيش في مصر وما ينطبق على أهلها سينطبق على غربائها".
 
دورنا الأساسي هو التشبيك بين المانح والمتلقي

وحول الجهات التي تحاول سد الثغرة، أوضح "مدير فريق الطوارئ السورية": "بالأساس الفريق يعاني من ضعف في التمويل أو بالأصح انعدامه، وما نعتمد عليه هو بعض الاجتهادات في الحالات الطارئة، مع العلم أن دورنا الأساسي هو التشبيك بين المانح والمتلقي، لكن كما أسلفت هي اجتهادات شخصية من أعضاء الفريق حيث أننا لا نملك أي مصدر تمويل ثابت من أجل هذا الملف أو حتى غيره!!".
 
وأكد الحلاق أن عدد الحالات التي يتولى الفريق رعايتها طبياً، وصل إلى 200 حالة، وبعض الحالات لا يكفيها نهائياً مبلغ الـ 100 جنيه الذي تدفعه المفوضية، وبعض الأسر تكون قيمة علاجها الشهرية 400 جنيه أو ما يفوق هذا المبلغ.
 
تخفيض كلف العمليات الجراحية إلى أقل من 50%

بدوره، يرى نذير القاق، منسق منظمة الصحة العالمية بمصر، في حديثه لـ "اقتصاد"، أن مفوضية اللاجئين في القاهرة ليس لديها المقدرة على تحمل ملف الرعاية الصحية للسوريين بمفردها، مضيفاً أنه تم تخفيض كلف العمليات الجراحية إلى أقل من50%.

وأشار منسق منظمة الصحة العالمية إلى أن المبلغ الذي تقدمه المفوضية للاجئين فيما يخص الدواء انخفض على ثلاث مراحل من 800 جنيه إلى 400 وأخيراً إلى 100 جنيه فقط.
 
وأكد القاق أن العلاج في مصر مرتفع حتى على المصريين، والمعاناة التي يعيشها اللاجئون لا تقتصر فقط على نقص أو ضعف التمويل، ولكن حتى المستشفى الذي تتعامل معه المفوضية هو مستشفى واحد، وغير قادر على علاج السوريين، وهم ينتظرون أكثر من ستة أشهر لإجراء عملية جراحية.

وتابع: "المفوضية حالياً تقدم الرعاية الأولية عبر مشافي وزارة الصحة المصرية فقط، وهذا الأمر لن يفيد المرضى من السوريين، ويجب التركيز على الأمراض المزمنة".

وكشف منسق منظمة الصحة العالمية عن وفاة عدد من اللاجئين المصابين بأمراض مزمنة، بينما يحتاج العديد من اللاجئين لإجراء عمليات عاجلة، بسبب وجودهم على قوائم الانتظار لفترات طويلة.
 
وبلغة الأرقام، تحدث نذير القاق عن: "2420 حالة تم تقديم الرعاية الصحية لها خلال العام 2014 عن طريق منظمة الصحة العالمية، كما بلغ حجم الكتلة النقدية التي تم إنفاقها على الأدوية والعمليات الجراحية في 2014 حوالي 3 مليون جنيه مصري استفادت منه أكثر من 100 عائلة سورية".

64 مركزاً صحياً لتقديم الرعاية الأولية للسوريين
 
يذكر أن منظمة الصحة العالمية تدفع بالحد الأقصى 20 ألف جنيه لأي عملية، وفي حال تجاوز هذا المبلغ يتم تشكيل لجنة بالتعاون مع الشركاء، كاتحاد الأطباء العرب.

وفي بداية العام 2015، تم توقيع برتوكول بين وزارة الصحة المصرية ومفوضية القاهرة حيث تم وضع أكثر من 64 مركزاً صحياً لتقديم الرعاية الأولية للسوريين، وذلك اعتباراً من شهر نيسان 2015.

ويعتبر دور "أطباء بلا حدود" محدوداً بالنسبة للسوريين، وهو يقتصر على علاج الاضطرابات النفسية لمن تعرضوا لاعتداءات جنسية، وأيضاً المعالجة الفيزيائية لمصابي الحرب، أما نقابة الأطباء العرب فهي عملت سابقاً بشكل جد فعال، لكن اليوم تظهر في استثناءات، وأحياناً بعض البروتوكولات.

ترك تعليق

التعليق