في حوار خاص مع "اقتصاد"..جمال قارصلي ينصح السوريين بالهجرة إلى ألمانيا لكن بشروط

 النائب الألماني السابق يعتقد بأن قرار إلغاء "بصمة دبلن" سينسحب على القادمين مستقبلاً إلى ألمانيا من السوريين.

للقرار دوافع إنسانية واضحة لدى صانع القرار الألماني.

ألمانيا قادرة على استيعاب من 200 إلى 400 ألف مهاجر سوري.

"بصمة دبلن" ما تزال قائمة، لكنها أُلغيت في حالة المهاجر السوري تحديداً.

على السوريين أن يتقبلوا قيم المجتمع الألماني، ويُحسنوا التعامل معها.

معظم مشكلات وحوادث الاشتباك بين الألمان وبين المهاجرين تكون نتاج سوء تفاهم، دون قصد.

على السوريين، من جانبهم، أن يستفيدوا من وجودهم في ألمانيا، خاصة في حال أتاح لهم المستقبل العودة لبلادهم، كي يساهموا في بنائها على أحسن صورة، مستفيدين من الخبرات التي اكتسبوها في بلد صناعي متقدم.


وصف جمال قارصلي، النائب الألماني السابق، من أصل سوري، قرار السلطات الألمانية إلغاء "بصمة دبلن" بالنسبة للمهاجرين السوريين، بأنه "إنساني إلى أبعد الحدود"، مشيراً إلى أن آلاف السوريين سيستفيدون من هذا القرار.

 ونوّه قارصلي إلى أن الكثير من الناشطين عملوا على تحقيق ذلك، ورفعوا الصوت بهذا الخصوص داخل ألمانيا، مضيفاً أن "أكبر معضلة في وجه المهاجرين السوريين إلى ألمانيا قد زالت".

 وفصّل قارصلي بأن المهاجر السوري يعبر في رحلته الطويلة إلى ألمانيا عدداً كبيراً من الدول (اليونان، مقدونيا، صربيا، هنغاريا، النمسا، أو إيطاليا)، وأنه مهما بلغ حرص المهاجر السوري، فإن احتمال أن يقع في قبضة السلطات الأمنية في إحدى هذه الدول، كبير جداً، ونتيجة ذلك سيتعرض للـ "التبصيم" القسري، الأمر الذي لطالما شكل كابوساً للكثير من السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا، قبل القرار الأخير.

وتُلزم "بصمة دبلن" الدول الأوروبية الأعضاء في اتفاقية "دبلن"، بإعادة اللاجئين إلى البلد الأول الذي "بصم" فيه اللاجئ، الأمر الذي كان يعني أن الكثير من السوريين مهددون بالطرد من ألمانيا إلى البلدان الأولى التي مروا فيها خلال هجرتهم غير الشرعية. ولا تقدم هذه البلدان أياً من المزايا التي يسعى إليها المهاجرون السوريون في أوروبا الغربية، وخاصة منها ألمانيا.

 وفيما إذا كان قرار إلغاء مفعول "بصمة دبلن" بالنسبة للمهاجرين السوريين في ألمانيا، ينطبق فقط على الموجودين بالفعل في ألمانيا، أم أنه ينسحب على القادمين إليها مستقبلاً، أجاب قارصلي بأن نص القرار الحرفي يشير إلى أنه ينطبق على الموجودين حالياً بألمانيا، لكن النائب الألماني السابق يعتقد بأن القرار سينسحب على القادمين مستقبلاً إلى ألمانيا من السوريين. وأوضح قارصلي بأن هناك زهاء ألفي لاجئ يصلون ألمانيا يومياً، الأمر الذي يُرجح بأن القرار سينسحب على القادمين مستقبلاً.

وحول دوافع القرار الألماني، يعتقد جمال قارصلي، بأن حكومة ألمانيا أرادت تخفيف الضغط عن الدوائر الرسمية الألمانية، وخاصة مكاتب اللجوء، ففي حالات المهاجرين من جنسيات أخرى، يمكن إعادة المهاجر إلى بلده الأم، أم في حالة المهاجر السوري، لا يمكن إرجاعه إلى بلده، الأمر الذي أجبر السلطات الألمانية على قبول كل المهاجرين السوريين الواصلين إليها.

 واستطرد جمال قارصلي بأن للقرار دوافع إنسانية واضحة لدى صانع القرار الألماني، مفسراً بأن ألمانيا تحاول أن تلعب دورها كدولة عظمى، لكن في البعد الإنساني. ولم ينفي قارصلي أن يكون للبعد الاستراتيجي السكاني تأثيره في صانع القرار الألماني، بخصوص جذب شريحة كبيرة من الشباب المنتج للمجتمع الألماني، لكنه أكد في الوقت نفسه، بأن تأثير البعد الإنساني أكبر بكثير، منوهاً إلى أن ألمانيا دولة عظمى اقتصادياً وصناعياً، وهي قادرة على استيعاب القادمين الجدد إليها، منوهاً إلى أن ألمانيا قادرة على استيعاب من 200 إلى 400 ألف مهاجر سوري، بكل بساطة، دون أن تتأثر بشكل سلبي.

 وللتوضيح أكثر، فصّل جمال قارصلي بأن ألمانيا استوعبت مليون و200 ألف من حاملي جنسيات دول الاتحاد الأوروبي، الأمر الذي يؤكد قدرتها على استيعاب المزيد، دون أن تظهر أية تداعيات سلبية لذلك على بنيتها السكانية، واستقرارها الاقتصادي.

وشرح قارصلي بأن "بصمة دبلن" ما تزال قائمة، لكنها أُلغيت في حالة المهاجر السوري تحديداً، منوهاً إلى أن لشكاوي الدول التي يمر عبرها المهاجرون، أثرها في القرار الألماني، إذ أن الدول التي تقع على طريق المهاجرين لا تملك قدرات اقتصادية لاستيعاب هؤلاء، إذا ما طُبقت اتفاقية "دبلن" بحذافيرها، وأُعيد المهاجرون إلى تلك الدول.

 وأفاد قارصلي بأن الألمان يدركون أن جزءاً كبيراً من السوريين الذين يصلون إلى ألمانيا هم من نخبة المجتمع السوري، من أطباء ومهندسين وشباب متعلم، وبالتالي، فإن هناك فائدة اقتصادية مستقبلية كبيرة من استيعاب هؤلاء المهاجرين، خاصة في ظل سمعة السوريين في ألمانيا، حيث يشتهر الأطباء بينهم، ويتحدر 8 آلاف طبيب ألماني من أصل سوري.

 أما بخصوص رد فعل النخبة السياسية الألمانية حيال قرار الحكومة، أفاد قارصلي بأن الحكومة الحالية تمثل ائتلافاً قوياً من أكبر حزبين ألمانيين، إضافة إلى أن معظم أحزاب المعارضة الصغيرة هي مؤيدة لاستقبال المهاجرين، لتبقى أحزاب متطرفة صغيرة للغاية، هي المناوئ الوحيد لاستيعاب المهاجرين السوريين في المجتمع الألماني. لكن قارصلي يعتقد بأن المناخ الشعبي الألماني أميل لاستيعاب المهاجرين السوريين، كما أن دور الإعلام والتوعية في ألمانيا يمكن أن يدفع باتجاه المزيد من التقبّل الشعبي الألماني للسوريين.

 وركز جمال قارصلي على أهمية التوعية من جانب الإعلام الألماني، والنخبة السياسية الألمانية، لإفهام الشعب الألماني بأن هؤلاء المهاجرين السوريين قادرين على الاندماج بالمجتمع الألماني، وأنهم شريحة فعالة ومنتجة.


 وفي سؤال لـ "اقتصاد" حول مدى قدرة السوريين على الاندماج في المجتمع الألماني، خاصة من الناحية القيمية، حسب تقديراته؟، أجاب قارصلي بأن الاندماج لا يكون من اتجاه واحد، بل من اتجاهين، فعلى المجتمع الألماني أن يفتح بابه للسوريّ القادم إليه، وأن يقدر عاداته وتقاليده ومعتقداته، وكذلك على السوريين أن يتقبلوا قيم المجتمع الألماني، ويُحسنوا التعامل معها.

وأسهب قارصلي بأن معظم المهاجرين السوريين من شريحة الشباب التي هي دون الـ 40 سنة، مما يعني أنهم أقدر على التأقلم مع المجتمع الجديد، محذراً من جلب أية أفكار غريبة ومتطرفة إلى أوروبا الغربية، داعياً السوريين في ألمانيا إلى أن يتعرفوا على حساسيات المجتمع الألماني، ويقدروها.

 ونوّه قارصلي إلى أن معظم مشكلات وحوادث الاشتباك بين الألمان وبين المهاجرين تكون نتاج سوء تفاهم، دون قصد، وهنا يأتي دور الإعلام الذي عليه أن يشرح عادات وقيم كل طرف للآخر. وعقّب قارصلي بأن المجتمع الألماني متقبل للأجانب بنسبة كبيرة، موضحاً أن ألمانيا لم يكن لها خبرة قديمة بالهجرة، فألمانيا لم تكن سابقاً دولة استعمارية كبيرة، كحال إنكلترا وفرنسا، ولم يحتك الألمان بشعوب مُستعمرة كثيرة، لكن رغم ذلك، ومع أن المجتمع الألماني حديث العهد في مجال استيعاب المهاجرين، إلا أن تقبّل الألمان للمهاجرين تطور كثيراً في السنوات الأخيرة، مشيراً إلى أن ألمانيا سبق أن استقبلت 300 ألف لاجئ من كوسوفو وحدها، التي كان تعداد سكانها لا يتجاوز 5 مليون نسمة. واستطرد قارصلي بأن هناك 5 مليون مسلم بألمانيا، وأن 40% من طلاب المدارس الألمانية من أبوين مهاجرين، أو أحد الوالدين يكون مهاجراً.

 ووصف قارصلي الأحزاب اليمنية المتطرفة في ألمانيا بأنها "شرذمة"، مقرّاً بأن هذه الأحزاب ستستغل هذه القضية للتأثير في الشارع الألماني، بهدف البروز السياسي والإعلامي، لكن قارصلي عقّب بأنه "مرتاح" لوجود منظمات وأحزاب ألمانية تتصدى لهذه "الشرذمة" داخل المجتمع الألماني، وتحاول رعاية المهاجرين ودعمهم.

 وأفاد قارصلي بأن الألمان يُقدرون حق اللجوء والهجرة، من واقع تجربتهم المريرة في عهد الحكم النازي، حيث فرت الكثير من الشخصيات الألمانية البارزة من تسلط هيتلر، ونالت اللجوء في بلدان غربية.

 وحول النصائح التي يمكن تقديمها للسوريين الجدد في ألمانيا، أوضح قارصلي بأن المجتمع الألماني جدّي وعملي، وأن على السوريّ أن يكون مثالاً إيجابياً للمواطن السوري، وأن يدعم هذا المجتمع بجهده، وألا يكون عالة عليه.

 وفي الختام خلص قارصلي إلى أن على السوريين، من جانبهم، أن يستفيدوا من وجودهم في ألمانيا، خاصة في حال أتاح لهم المستقبل العودة لبلادهم، كي يساهموا في بنائها على أحسن صورة، مستفيدين من الخبرات التي اكتسبوها في بلد صناعي متقدم.

ترك تعليق

التعليق

  • الاستاذ جمال قارصلى خبرة سياسية كبيرة يمكن ان تكون ذخرا لبناء سوريا الجديدة الحرة فياليت السوريون المهاجرون الى المانيا يستمعون لنصائحه جيدا ويعملون بها حتى يتجنبوا الصراع مع المتطرفينتر اليمينيين الالمان وعلى الشباب السورى فعلا ان يستغل فترة هجرته القسرية فى تنمية الخبرات ومواصلة التعلم فكما قال قارصلى حتى يستفيد بهم وطنهم حين يعودون اليه ويسهموا فى بنائه من جديد .ز اللهم ارفع الكرب والغمة عن شعب سوريا الحر وانتقم من الظالمين اللهم الهم اخواننا السوريين المشردين الصبر والسكينة والطمأنينة وامن روعاتهم واستر عوراتهم واطعمهم من جوع وامنهم من خوف امين يارب العالمين [email protected]