صاروخ الفيل أحد مشاهد الرعب.."اقتصاد" تدخل إلى مدينة العنب والدم


تعاني مدينة داريا من الحصار منذ بداية الحملة العسكرية التي تجاوزت سنتين ونصف، قضاها من تبقى في المدينة بين مطرقة القصف الممنهج بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة، وسندان الجوع الذي لا يعرف للرحمة مكاناً.

أبو محمد (55 عاماً)، لم يخرج من المدينة رافضاً ترك بيته وحارته التي أمضى فيها سنوات شبابه وكهولته. يقول لـ "اقتصاد": "عندما يشتد القصف آوي إلى قبو أحد الأبنية الذي جهزناه كملجأ أنا وبعض الجيران، لكن مايؤذينا أشد الأذى هو هذا الجوع الذي نعاني منه منذ سنتين، إنه لا يعرف الرحمة وبلا ضمير، وصلنا في بعض المراحل إلى التقوت على الأعشاب والمرق الذي طبخت فيه حفنة من البرغل أو الرز".


* الوضع سيء للغاية

من بين الركام والمنازل المدمرة يلاحظ المرء رجلاً مسناً يخرج من أحد البيوت التي سلمت شيئاً ما من الدمار، إنه أبو موسى (65 عاماً). حاولنا التقاط هذا المشهد عبر عدسة الكاميرا، لكن الرجل سارع بالرفض محتداً من جرأة هؤلاء الصحفيين الذين (لا يتركون الناس بهمها)، وفقاً لتعبيره.

بعد أن طيبنا خاطره بكلمة طيبة رضي أبو موسى أن يبث لنا شيئاً من معاناته، قال لنا: "أوقف الكاميرا ولا تلتقط أي صورة، أنا ربما أخرج من هذه المدينة في أحد الأيام ولا أريد أن يتعرض إلي أحد بالأذى".

وقال أبو موسى: "أحيانا لا أجد ما آكله، وفي معظم الأوقات أعتمد على مطبخ داريا الذي يقدم وجبة واحدة خفيفة".

(أحد مُسني داريا الصامدين)

* القصف لا يكاد يهدأ

تفتقر مدينة داريا لأبسط مقومات الحياة، وبضعة آلاف من سكانها الذين تبقوا فيها، لا يعرفون ملاذاً آمناً يفرون إليه حين يشتد القصف، ولا مكاناً يجدون فيه بعضاً من الطعام حين يعضهم الجوع.
 
ومنذ شهر تقريباً، يشن النظام حملة جديدة استخدم فيها أسلحة متنوعة لم تبق في المدينة حجراً على حجر، بحسب تعبير وائل، وهو  أحد المقاتلين على جبهات المدينة.

ويضيف وائل لموقع "اقتصاد": "البراميل والحاويات المتفجرة تتساقط علينا كأنها المطر في الليل والنهار، بينما يشكل صاروخ الفيل أحد مشاهد الرعب التي لا تنتهي".

ويتابع قائلاً: "القصف والحصار والجوع هي أمور ملازمة لداريا، حتى يأذن الله بالفرج أو بنصر قريب".

أما أبو علي، وهو كهل يرفض العيش في غير مدينته، فصرخ معبراً عن الفكرة التي يعتنقها تجاه الثورة والمدينة التي أحبها من كل قلبه: "أنا سأبقى في بلدي، أنا لن أخرج من هنا....تعرضت لإساءات كثيرة عندما كانت قوات النظام تتجول في شوارع المدينة قبل أن تتحرر، هذه الحياة التي أعيشها في داريا لا أبيعها بمال الدنيا لأنني حر ولا أحد يتعرض لي".

(مطبخ داريا الخيري)

* ساتر بين الجارتين ضاعف الحصار

الجدير بالذكر أن معبر معضمية الشام، الجارة القريبة، من داريا فُتح منذ عدة أيام وسُمح للأهالي بالخروج لشراء حاجياتهم بكميات محدودة.

وقد كان من المفترض أن تستفيد داريا من هذا المعبر لولا أن شرط النظام كان إغلاق الطريق نهائياً بين المدينتين، كبند أساسي لفتح معبر معضمية.

وقد أفاد نشطاء لموقع "اقتصاد" أن معضمية الشام أُجبرت على رفع الساتر وقد توعد النظام بقصف أي تحرك لإدخال مساعدات أو مواد إنسانية إلى المدينة، لتبقى تحت خط النار والحصار حتى إشعار آخر.


(الساتر الترابي بين داريا ومعضمية حيث اشترط النظام رفعه لإحكام الحصار على داريا)

ترك تعليق

التعليق