حيث للخروج "تسعيرته"..قدسيا والهامة محاصرتان إلى حين

قال نشطاء من مدينة قدسيا بالريف الدمشقي إن المدينة تعاني من حصار خانق منذ أسابيع حيث يعيش أكثر من 700 ألف   نسمة في ظروف إنسانية مأساوية.


و في 21 تموز من العام الحالي أُغلق الطريق نهائياً على قدسيا، وشاركتها بلدة الهامة المجاورة لها نفس المصير.  

اشتركت البلدتان في النكبة، ويعيش أهاليهما ظروف المعاناة بكامل صورها، حيث تجسدت المأساة في الجوع الذي لا يرحم، والرحلة اليومية الشاقة بحثاً عن رغيف الخبز وحفنة السكر.

 700ألف محاصر منذ أسابيع

ساعد مكان قدسيا والهامة بين الجبال من إمكانية محاصرة النظام لهما متى شاء، ويقول نشطاء لـ "اقتصاد" إن النظام يفرض كل ستة أشهر حصاراً مشابهاً لتحقيق أجندات أو فرض مطالب على البلدتين المكتظتين بالأهالي.

وقال أحد النشطاء إن الحصار عادة يدوم ما بين 10 أيام و 45 يوماً، لتبدأ بعد ذلك هدنة يفرض من خلالها النظام شروطه على الأهالي.

وقال محمود، وهو أحد الناشطين الذين تواصل معهم موقع "اقتصاد" للتعرف على أوضاع المنطقة: "يجاور قدسيا والهامة من عدة جهات مناطق موالية للنظام مثل مساكن الحرس وحي الورود ومساكن النازحين وجبل الورد، وقد كان سكان البلدتين يتعايشون مع سكان هذه المناطق على الرغم من موالاتهم للنظام، لكن بعض الأخطاء الفردية أشعلت فتيل الخلافات بيننا وبين هؤلاء ما جعل النظام يغلق الطرقات لتبدأ المأساة".

وتابع محمود بالقول: "الحصار بدأ منذ عدة أسابيع، وقد بدأت المعاناة من أول يوم حيث خلت الأسواق من الخضراوات والخبز، وبعد عدة أيام نفدت المواد الأساسية والزيت والسمن والسكر والشاي والطحين إضافة لمنع دخول الأهالي وخروجهم".

وكان النظام قد ادعى قتل أحد عناصره على يد ثوار المدينة، الأمر الذي نفاه الثوار بصورة مطلقة، مؤكدين أن هذه حجة استخدمها النظام في عدد من المناطق التي حاصرها.

أغلب المحاصرين من النازحين

يهرب آلاف النازحين من المناطق المشتعلة في سوريا بحثاً عن ملاذ آمن في المناطق التي لم تصل إليها ماكينة الحرب المدمرة. لكن بالنسبة لمئات الآلاف من النازحين في المناطق البعيدة عن الحرب، كقدسيا والهامة والتل، فإن شبح الحصار ومطرقة الجوع، هما من يطارد الناس ليعيشوا مأساة قد لا يذكر التاريخ أكبر منها لعقود من الزمن.

ووفقاً لإحصائيات من داخل المنطقة حصل عليها موقع "اقتصاد"، فإن عدد السكان الأصليين في بلدة قدسيا لم يكن يتعدى 25 ألفاً قبل اشتداد الأزمة، لكن مع احتدام المعارك في عدد من أحياء دمشق وغوطتيها، توافد النازحون بعشرات الآلاف ليصل الرقم النهائي إلى ما بين 500 و 700 ألف نسمة، أغلبهم من غوطتي دمشق ومخيم فلسطين واليرموك.

وبالنسبة للهامة، فإن عدد السكان فيها وصل إلى 35 ألفاً، حيث تعد هذه البلدة أصغر من جارتها قدسيا بمرات.

الفرار من الحصار له ثمنه

في قدسيا لكل شيء ثمن،  فعند اشتداد الحصار يسارع الكثير من الأهالي إلى الخروج من المدينة، لكن هذا الأمر بالذات، لا يتم بالمجان.

مبالغ طائلة تُدفع لتأمين خروج المدنيين إلى مناطق أخرى، والأسعار بحسب من سيخرج، أكان طفلاً أو امرأة أو سيارة أو أسرة كاملة، فلكل من هؤلاء سعر محدد تعارف عليه تجار الحروب المتعاملين مع النظام.

أحد الأهالي قال لـ "اقتصاد": "تتراوح المبالغ التي يدفعها من أراد الخروج ما بين 50 و 100 ألف ليرة سورية".

وأضاف: "غالبية الناس لا تستطيع الخروج لعدم وجود مكان بديل إضافة لأحوالهم المادية الضعيفة".

ناشطون: هدنة على وشك التنفيذ

أكد عامر الشامي، عضو المكتب الإعلامي في المجلس المحلي لبلدة الهامة، أن أوضاع السكان في كلا البلدتين مزرية جداً، حيث نفدت جميع المواد الغذائية والطبية والإنسانية.

وقال الشامي في تصريح خاص لـ "اقتصاد"، إن الشروط كانت: "وضع حاجز بطلعة 8 آذار، وإغلاق الطرق الفرعية الواصلة بين قدسيا والهامة، وتسوية أوضاع كل من رفع السلاح في وجه الدولة".

وتأتي هذه الشروط متوافقة إلى حد كبير مع هدنة معضمية الشام في الغوطة الغربية، حيث كان البند الأساسي للتفاوض هو إغلاق الطريق بساتر ترابي، مع الجارة، داريا.

وقال الشامي: "يوجد طريقان رئيسيان من قدسيا إلى الهامة، لكنهما مغلقان بسواتر ترابية"، موضحاً أن هذه الهدنة خاصة بقدسيا، وأضاف: "لم يعرض على الهامة شيء حتى هذه اللحظة".

دفعة ثانية تخرج لتسوية وضعها

وأكد عامر الشامي أن دفعة ثانية من ثوار قدسيا خرجت لتسوية أوضاعها في ضاحية قدسيا، وذلك تنفيذاً لشروط الهدنة، لكنه أكد أن الطرقات لم تفتح بعد، حتى تنفذ كافة الشروط، مضيفا أنه "لا يوجد وقت محدد لذلك".

لكن يبقى الأمل يحدو هؤلاء المحاصرين بأن هناك غداً قريباً سينعمون فيه بأبسط مقومات العيش حين ينزاح الحصار عن بلدتهم.  وفي انتظار ذلك اليوم يبيت عشرات الآلاف وهم يتضورون جوعاً، يحلمون برغيف الخبز الذي طالما حرموا منه".

ترك تعليق

التعليق