السوريون في أوروبا.. بلا عمل.. فما العمل..؟

لم يكن يتصور السوريون الذين وصلوا إلى أوروبا لاجئين، أن تتحول حياتهم إلى أكل وشرب ونوم وفيس بوك فقط... فهي حياة وإن كانت ما يحلم به المُنهكون، إلا أنها مع مرور الوقت تصبح آفة تنهش الفكر والجسد... ولكن ما العمل وهذه البلاد تعاني بالأساس من نسبة بطالة عالية، وغير قادرة على تشغيل مواطنيها..؟، ناهيك عن الكثير من الحواجز التي تحول دون دخول السوريين إلى سوق العمل، والتي يأتي على رأسها حاجز اللغة، بالإضافة إلى طبيعة القوانين الأوروبية والتي تضع شروطاً صارمة على من يريد أن يمارس أي مهنة.. فما هي إذاً الآفاق أمام السوريين الذين يحمل الكثير منهم شهادات عليا، وذنبهم الوحيد أنهم وصلوا إلى أوروبا في خريف العمر؟،...هل من آفاق متبقية أمامهم؟... أم أن حياتهم توقفت وما عليهم سوى متابعة هذه الحياة مع أولادهم...؟
 
 يقول أبو علاء، وهو مهندس كهرباء لجأ إلى بلجيكا منذ أكثر من عام، إن السوريين في أوروبا، أغلبهم، من حملة الشهادات الجامعية والعمال المهرة، الذين كانوا يمارسون أعمالهم في بلدهم، ويستمدون حضورهم  الاجتماعي من خلال هذه الأعمال، لكنهم فجأة وجدوا أنفسهم هنا ولا شيء، وكأن مسيرة حياتهم انتهت... ويتابع، "عمري فوق الأربعين عاماً، وأجد صعوبة كبيرة في تعلم اللغة، وعندما أتحدث إلى أحدهم عن رغبتي بالعمل، يصدمني بسؤاله.. كيف ستعمل وأنت لا تتقن اللغة..؟".

  ويضيف أبو علاء: "الكثير يطلبون مني تعلم مهنة أخرى، إذا كنت جاداً بالرغبة في العمل، لأني إذا بقيت مصراً على العمل باختصاصي، فلن أعمل على الإطلاق في هذه البلاد".

 ويرى أبو علاء أن الآفاق جداً ضيقة في هذه البلاد، وقوانين العمل صعبة وغريبة، وحتى في حال تعلم مهنة أخرى فإنه قد لا يحظى المرء بفرصة للعمل وهو في خريف العمر.. لأن سوق المهن الأجدر بها الشباب.

بدوره، أبو حسين، وهو لاجئ في هولندا منذ نحو عامين، وأب لثلاثة شباب، ويتقن العديد من المهن، تقدم للعديد من الأعمال، ولم يقع الاختيار عليه، إذ كانت الفرصة تذهب دائماً لمن هم أصغر سناً، ولمن يعرف لغة البلد.. وأشار إلى أنه حالياً يرى الحل بأن يقوم هو بمشروعه الخاص، وهو أمر بحاجة أيضاً للتمويل الذي لا يملكه.
           
ويرى محمد العويد، وهو صحفي مقيم في باريس منذ أكثر من عام ونصف، أن أول صدمة تعرض لها السوريون، أنهم كانوا يتوقعون أن أخوانهم العرب الذين سبقوهم إلى هذه البلاد بعشرات السنين، لا بد وأن يكون قد أصبح لهم مؤسساتهم الخاصة والتي يمكن أن تستوعب أبناء ثقافتهم، لكنهم فوجئوا بأن العرب المقيمن هنا، ورغم أنهم يحملون جنسيات البلاد ولغتها وثقافتها، لكنهم يعيشون على هامش الحياة.

ومن جهة ثانية، يتابع العويد، أن الحديث عن فرص جديدة ومتنوعة للعمل بحاجة لدول تنمو، بينما في أوروبا، نسبة النمو في أحسن الأحوال لا تتجاوز الـ 1.3 بالمئة، وهي نسبة، حسب قوله، لا تستوعب الكثير من الوافدين لسوق العمل، وبالتالي فإن سوق العمل الأوروبي ينتظر في أغلب الأحيان، المتقاعدين، أو من يتركون العمل طواعية، أو برغبة رب العمل، للبحث عن كفاءات أفضل، وجميع فرص العمل المتاحة، يقع السوري، كوافد جديد، خارج دائرتها، لصالح ابن البلد، أو من يعرف لغة البلد وثقافته.
 
ويضيف العويد، إن نسبة ضئيلة من آلاف السوريين الذين وفدوا إلى أوروبا، استطاعوا الحصول على أعمال جزئية ومؤقتة، وأغلبهم من الشباب، غير أن من قدموا وهم في خريف العمر، فلا تكاد تجد من يعمل.

 ويرى العويد في النهاية، أنه لايزال من المبكر الحديث عن فقدان الأمل بالحصول على عمل... فتاريخ لجوء السوريين، لا يتجاوز العامين، وهو زمن لا يمكن من خلاله الحكم على تجربتهم، فالأمر بحاجة على الأقل إلى خمس سنوات، حسب قوله.

ترك تعليق

التعليق