في داريا.. شاب يبحث عن حل للأيتام والأرامل

على بعد عدة أمتار، كان ابنه الصغير يحبو، بينما كان أبو محمد يتحدث عن زواجه الذي تم منذ سنة تقريباً، في مدينة داريا.

"علي"، الطفل الصغير الذي لم يتجاوز السنة والنصف جرى إلى والده ليضمه الأخير إلى صدره بكل حب ويداعبه بحنان، في مشهد مؤثر لاحت من خلاله مشاعر الأبوة تجاه طفل صغير كثير الحركة.

"إنه ابن أحد الشهداء، أبوه قضى في إحدى معارك داريا وترملت أمه وهي ماتزال صغيرة في السن، لكنه اليوم وبعد زواجنا صار ولداً لي، أقول لك بكل صراحة لقد أصبح ولدي الحبيب إلى قلبي، انظر إليه كيف يناديني بابا".

هذا ما بدأ به أبو محمد (29) عاماً حديثه لـ "اقتصاد"، حيث كانت المفاجأة في تعاطيه مع أزمة أبناء الشهداء وأراملهم بوجهة نظر جديدة، ربما تشكل حلاً لهذه المشكلة المستعصية على الحل.

* 200 يتيم في داريا


مع اشتداد المعارك في مدينة داريا، يتساقط الشهداء تباعاً على أرض المدينة التي صمدت في وجه نظام لا يعرف للرحمة طعماً، وعلى الرغم من استخدام الأخير لكل أنواع الأسلحة في قصفه للمدينة فإن صمود أبنائها حتى هذه اللحظة سيعتبر نموذجاً يُدرّس في تاريخ الثورات، كما يحلو القول لكثير من ناشطي المدينة.

وحول عدد شهداء المدينة، أوضح الناشط في المجال الخيري، سامر أبو إبراهيم، أنه تجاوز 1300 شهيداً سقطوا منذ بداية الحملة، وقال سامر لـ "اقتصاد" إن عدد الأيتام بلغ زهاء 200 يتيم، موضحاً أن "هذا العدد تقريبي"، لكنه أكد أن "هذا الرقم أقرب الإحصائيات إلى الواقع".

ويعمل سامر في منظمة "أنا إنسان"، حيث يدير مشروعاً لكفالة اليتيم، خاص بأبناء شهداء داريا، يقدم من خلاله مساعدات ومعونات بشكل دوري.

* حين يرجع الأب إلى الحياة

بدوره قال أبو محمد، موضحاً قصته لـ "اقتصاد": "عندما أردت الزواج فكرت ملياً في الفتيات اللواتي لم يبلغن العشرين من العمر وترملن سريعاً، فأحببت أن أتزوج إحداهن وأعتني بطفلها الصغير الذي أعتبره كابن حقيقي لي".

ويتابع قائلاً: "لا يشك من يرى علي أنه ابني، لكن حين أؤكد للناس أنني متزوج منذ سنة وأن علياً بلغ من العمر سنة ونصف، يظنون أنه من زوجة أخرى، وتكون المفاجأة عندما يعرفون الحقيقة".

ويقول أبو محمد إن الفتاة التي خطبها اشترطت عليه العناية بطفلها الوحيد وقد قبل هذا الشرط بنفس راضية، حيث تعيش هذه الأسرة  المكونة من أب وأم وطفل صغير ذي عينين زرقاوين وحركات محببة إلى القلب، عيشة راضية.

وفي الختام، دعا أبو محمد من خلال موقع "اقتصاد" الشباب المقبلين على الزواج، إلى الإقبال على العمل الذي قام به، حيث قال: "من يتكفل بهؤلاء إن لم نفعل نحن؟، إنهن أمانة في أعناقنا".

ترك تعليق

التعليق