بائع عطور سوري في أنطاكيا التركية.. يحمل شهادة جامعية


على ناصية أحد شوارع أنطاكيا التركية بالقرب من مشفى الدولة جلس الشاب خالد، وهو لاجىء سوري من ريف اللاذقية، أمام بسطة خشبية يضع عليها عدداً من زجاجات العطر التي يبيعها لتأمين لقمة عيشه، وبدا قانعاً بهذا العمل البسيط رغم أنه حاصل على الإجازة في اللغة الإنكليزية منذ عام 1993 من جامعة حلب، وعلى دبلوم تأهيل تربوي، وكان لسنوات مديراً لعدة مدارس إعدادية وثانوية، كما عمل مترجماً لدى الأمم المتحدة، بحسب ما يقول صديقه الناشط الإنساني، محمد بدر الدين، مضيفاً أن "خالد فرّ من ريف اللاذقية إلى تركيا من جرّاء الحرب الدائرة ولأنه فقد كل شيء هناك، وحاول أن يتوظف في عدد من المدارس في أنطاكيا ولكن محاولاته باءت بالفشل لأن المدارس السورية في تركيا كما هو معروف "أهلية محلية"، ومن الصعوبة على أي كان أن يحصل على وظيفة فيها".

 وأضاف محدثنا أن "أغلب من يستلمون هذه المدارس ويتم توظيفهم فيها من المحسوبين والأقارب، أما أصحاب الشهادات أمثال خالد فلا مكان لهم".

وحيث أن خالد "لم يعتد على انتظار معونة أو صدقة من أحد"- كما يقول بدر الدين، "قرر البحث عن عمل على الرغم من صعوبة إيجاده ومنعه في بعض الأحيان عن اللاجئين السوريين في تركيا، فلم يجد سوى العمل كبائع للعطور حيث يشتري زجاجات العطر من باعة الجملة وبالدين أحياناً كثيرة".

لا يشعر خالد بالحرج من هذا العمل الذي يبدو أدنى بكثير من مؤهلاته العلمية– كما يشرح صديقه بدر الدين- ويتابع أنه كان يردد على مسامعه أن "العمل ليس عيباً، وإنما العيب أن أجلس في البيت منتظراً من يقدم لي المساعدة أو يحسن إليّ".

ويتابع محدثنا الذي دأب على رصد حالات عمل اللاجئين وبخاصة الأطفال منهم في أنطاكيا التي ينتشر فيها آلاف اللاجئين السوريين، أن "هناك العديد من اللاجئين السوريين من أصحاب الشهادات ممن يعملون في مهن بسيطة في تركيا وفي أنطاكيا بالذات، فهناك من كان محامياً ويعمل اليوم في نقل البلوك، ومن كان مدرساً ويعمل في الدهان، وخريج الاقتصاد الذي فتح محل سمانة".
 
وأضاف الناشط بدر الدين أن "الناس أصبحوا يريدون تأمين لقمة العيش بأي طريقة، ولم يعودوا ينظرون إلى الماضي، فمن كان غنياً وذهبت كل أمواله في القصف لم يعد يقول كنت غنياً، فكيف أعمل بهذا العمل أو غيره ولذلك يلجأ لبيع المحارم مثلاً أو يشتغل كعامل أجير في معمل أو ورشة أو أي حرفة أخرى".
 
ويتراوح عدد السوريين المقيمين في أنطاكيا بين الـ150 و170 ألفاً، بمقدار حوالي60 ألف عائلة، وهم يتوزعون على أحياء تعتبر تجمعات للسوريين أكثر من غيرها، ومنها "جمهوريات، ومزرلك، واستنبيه"، وغيرها من الأحياء الشعبية.

ويعاني بائعي البسطات الصغيرة من ملاحقات الشرطة التركية وتضييقهم على مصدر عيشهم الوحيد.

ترك تعليق

التعليق