جدل الإغاثة.. لماذا تُنشر صور الفقراء على "فيسبوك"؟

غصت مواقع التواصل الاجتماعي بعديد من الصور، صور نشرتها بعض المنظمات الإغاثية على صفحاتها مؤخراً، وثقت فيها  تلك المنظمات توزيعها لحوم الأضاحي على الأهالي في أيام عيد الأضحى. وأثارت بعض هذه الصور زوبعة من الانتقادات اللاذعة والجدل فيما بين صفوف الناشطين السوريين  حول مشروعية نشر هذه الصور، فبينما ذهب بعض الناشطين إلى تصنيفها على  أنها انتهاك للخصوصية، اعتبرها آخرون طعناً مباشراً في كرامة المحتاجين.

ولم يكن هذا الجدل وليد اللحظة، فقد بدأ مع بداية انتشار عمل المنظمات الإغاثية في الداخل السوري، إذ تكررت هذه الصور على مدار أعوام الثورة، لكن يبدو أن ما تقدمه هذه المنظمات يحول دون محاسبتها من قبل الفصائل العسكرية القائمة على إدارة المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

وفتح إدعاء المؤسسات بأنها مجبرة من قبل الجهات الداعمة على التقاط صور توثق فيها قيامها بالفعل المراد فعله، الباب أمام العديد من التساؤلات عن نوايا بعض هؤلاء الداعمين، فلم يجد مدير اتحاد الاعلاميين في حلب، يحيى الرجو، مبرراً لنشر هذه الصور إلا إمعاناً في مذلة وإهانة المكلومين.

وفي حديثه الخاص لـ "اقتصاد"، أشار الرجو إلى ممارسات بعض إعلاميي هذه المنظمات، واعتبرها مخالفة للأخلاق الصحفية وللرسالة السامية الإعلامية، وقال: "حاولنا عن طريق اتحاد الإعلاميين إقامة بعض ورشات العمل التي ناقشت هذا الجانب مع بعض العاملين بالمنظمات الخيرية، لكن تبقى هنالك حلقة فارغة يجب أن تكتمل وخاصة بعد مضي خمس سنوات من عمر الثورة،  وهي توحيد المبدأ الإنساني قبل البدء بأي عمل يخدم الثورة".

وتابع: "على العاملين بالمنظمات بالداخل إما رفض هذه الطريقة من التوثيق بشكل كامل، أو القبول لكن تحت غطاء إنساني حصراً، وبصورة لا تجرح كرامة أي شخص من الفقراء السوريين".

وأوضح "يمكن التوثيق عن طريق السرية، وعدم عرض هذه الصور على أي من وسائل التواصل الاجتماعي".

من جهته، طالب أحد رجال الدين بمحاسبة كل من يخدش كرامة السوريين الفقراء، كما طالب أيضاً بوضع ميثاق تتعهد بموجبه كافة المنظمات بعدم تكرار هذه التصرفات.

وفي حديث مع مسؤول في منظمة إغاثية، طلب عدم الكشف عن اسمه، شدد المسؤول على تراجع المنظمة التي يعمل فيها عن هذه الطريقة التوثيقية منذ مدة، داعياً المنظمات الأخرى إلى التوقف عن استغلال حاجة الفقراء للحصول على الدعم.

وسخر المسؤول الإغاثي من إدعاء بعض المنظمات التي تقول أنها مرغمة على تصوير نشاطها بالقول "الداعم يطالبكم بالصور لكنه لا يطالبكم بنشرها على صفحات التواصل الاجتماعي".

وتساءل نفس المسؤول الإغاثي: "أين هؤلاء من حديث النبي محمد (ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه)".

ومن المرجح أن لا تنتهي حالة الجدل هذه، فالفاقة تزداد فيما بين الأهالي، إلى درجة أنهم باتوا يعتمدون على ما تجود به هذه المنظمات للبقاء على قيد الحياة وخصوصاً في مدينة حلب التي تحولت من المدينة الأكثر نشاطاً على الصعيد السوري فيما مضى، إلى المدينة الأكثر دماراً، والأكثر فقراً في الوقت الحالي. 

ترك تعليق

التعليق