اقتصاديات.. السوريون يدفعون ثمن كل شيء


عندما استجلب النظام العدوان الروسي على سوريا، حاول أن يقدم تقارير من الشارع  تتحدث عن عودة النشاط التجاري والمعيشي للتحسن.. وكانت مذيعة التلفزيون تحمل المايكرفون، وتتنقل في أسواق وشوارع مدينة اللاذقية تحديداً، وتطرح أسئلتها على "الأخوة المواطنين" بشكل مفاجئ، ليعربوا عن ارتياحهم لهذا التدخل وانعكاسه على انخفاض الأسعار..

 لكن لم تمض سوى أيام حتى بدأت تنهال القرارات الحكومية والمراسيم الرئاسية، رافعة أسعار كل شيء.. ثم تكلل الأمر بهبوط تاريخي لليرة السورية أمام الدولار مع ارتفاع أسطوري للذهب، ليتضح بالفعل أن "جرة" النظام الاقتصادية تستند على "بحصة"، باتت تتآكل بأسرع ما يمكن..

 ولولا أن "الجرة" مسلطة على روؤس الناس، لقلنا: انتظروا سقوط النظام من بوابة الاقتصاد..!!، لكن اتضح، أن الاقتصاد لا يشكل عاملاً حاسماً في سقوط الأنظمة الديكتاتورية المجرمة.. وأقصى ما يفعله، أنه يضغط ويضايق ويؤلم كثيراً، وقلما يؤدي إلى موت هذه الأنظمة أو دفعها للانتحار..

وبناءاً عليه، نستطيع التكهن بأن السوريين في الداخل على موعد مع مأساة اقتصادية وإنسانية شديدة القسوة، بدأت تتضح ملامحها مع هذا السعار الحكومي الذي لا يتوانى عن تمويل هذه الحرب المجنونة على الشعب، من بطون الناس ومن قوت يومهم..
    
وبحسب وسائل إعلام تابعة وموالية للنظام، فقد تم تشكيل لجنة دائمة داخل الحكومة مهمتها البحث عن إيرادات للنظام بأي ثمن.. وهذه اللجنة المؤلفة من عدد من الوزارات وكبار المستشارين الاقتصاديين، تعتبر قراراتها نافذة ويؤخذ بها على الفور، وهي التي اقترحت بالفترات الأخيرة رفع أسعار المشتقات النفطية ورفع سعر الخبز.. وتشير معلومات هذه الوسائل إلى أن العديد من السلع الأساسية يجري دراسة رفع أسعارها من جديد بما فيها الخبز والمحروقات..!!

وفي السياق ذاته، يبدو أن التدهور الذي تشهده العملة السورية، قد يتم فقدان السيطرة عليه في أي لحظة، ولا أحد يستبعد، بما فيها الحكومة، التعامل مع دولار قد يصل إلى 500 ليرة حتى نهاية العام الحالي.. وذلك لأن العوامل التي تتحكم بقيمة الليرة السورية، أغلبها خارجية ولا تخضع لسيطرة النظام.. وبعض هذه العوامل له علاقة بالظروف الأمنية التي بدأت تدفع الناس للمزيد من التحوط بعوامل الأمان، والتي يأتي على رأسها التخلص من العملة السورية..

إذاً الصورة، وكما هي ظاهرة حتى الآن، تنبئ بأن اقتصاد النظام مرشح للمزيد من الضغوط التضخمية، بينما هو لا يستطيع التغلب على جزء من هذه الضغوط سوى عبر رفع الأسعار.. ويكفي أن نشير إلى أن النظام لم يواجه بعد أزمة قمح، كونه لا يزال يستهلك من القليل الذي استطاع شراؤه من الفلاحين.. وهي أزمة مرتقبة بحلول العام الجديد، وتكاليفها باهظة جداً، ولن يكون النظام قادراً على مواجهتها بسهولة.. كونها بحاجة لعشرات ملايين الدولارات.. وعندها لا يمكن أن يتنبئ أحد بدقة، الحالة التي سيغدو عليها واقع السوريين.. لكن بدون شك، لقد اتضح أنهم الوحيدون الذين يدفعون ثمن كل شيء.. وعلى ما يبدو سيدفعون المزيد مادام هذا النظام متمسكاً بحربه على الشعب السوري..

ترك تعليق

التعليق