السويداء متنفس درعا بالبضائع الأردنية


كانت العلاقات، بما فيها التجارية، بين سوريا والأردن، عبر تاريخها الطويل، علاقات متميزة، نظراً لقرب حدود البلدين من بعضهما، وعلاقات الدم والنسب والقربى التي تربط أهالي الجنوب السوري وأهالي شمال الأردن، إذ لم تستطع في يوم من الأيام العلاقات السياسية مهما ساءت بين الدولتين، أن توقفها أو تحد منها.

ولكن مع احتدام المعارك بين قوات النظام من جهة وفصائل المعارضة من جهة أخرى، وسيطرة الأخيرة على معبر نصيب الحدودي، والمنطقة الحرة السورية الأردنية المشتركة، وعلى بعض النقاط الحدودية المشتركة بين البلدين، شهدت عمليات التبادل التجاري، سواء النظامية أو غير النظامية، انخفاضاً كبيراً، إلى أن توقفت بشكل نهائي, حيث أصبح دخول وخروج البضائع من وإلى البلدين سواء بالطرق النظامية أو طرق التهريب المعروفة ضرباً من المستحيل، وفق المصادر الرسمية للبلدين.

وبهذا الصدد، أكد الدكتور يعقوب العمار، رئيس مجلس محافظة درعا للإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، أن العلاقات التجارية بين البلدين متوقفة تماماً، منذ توقف العمل في مركز نصيب الحدودي، لافتاً إلى أن مجلس المحافظة في الحكومة السورية المؤقتة، بالتعاون مع دار العدل في حوران، وبعض فصائل المعارضة، عيّن لجنة مشتركة لإدارة المعبر بالاتفاق مع الجانب الأردني، بهدف استئناف دخول وخروج البضائع بين البلدين، لكن لم يتم التوصل إلى اتفاق بهذا الشأن.

وأضاف أن مجلس المحافظة سعى إلى تفعيل العلاقات التجارية بين تجار البلدين، والتي كانت قائمة سابقاً، لكن لم يتم التوافق عليها مع الجانب الأردني.

مصدر مطلع، فضل عدم ذكر اسمه، أفاد أنه وعلى الرغم من إغلاق المعابر والنقاط الحدودية بين محافظة درعا والمناطق الأردنية المجاورة، لازال هناك تبادل تجاري على نطاق محدود، يتم عن طريق محافظة السويداء المجاورة، والتي تقع تحت سيطرة قوات النظام، وتستفيد منه المناطق المحررة بالجنوب السوري، بشكل غير مباشر، حيث تشكل محافظة السويداء إحدى الشرايين الرئيسية لتمويل المناطق المحررة بالبضائع المختلفة، سواء كانت سورية المنشأ أم أردنية.

وأشار المصدر إلى أن بضائع أردنية مختلفة تدخل إلى محافظة درعا، من أهمها، البطاريات الجافة واللوحات الشمسية ومكملاتها واكسسوارتها وبعض الأجهزة الكهربائية والإنارة، والبذور الزراعية والأدوية البشرية والزراعية وبعض المعلبات والكونسروة، إضافة إلى رصيد النت، كون الاتصالات في المنطقة الجنوبية تعتمد على الشبكات الأردنية، لعدم توفر شبكات الاتصال التابعة للنظام وتوقفها في إطار الحصار المفروض على المناطق المحررة.

 ولفت المصدر إلى وجود بعض العلاقات التجارية من خلال الشركات المشتركة التي كانت تعمل في المنطقة الحرة السورية الأردنية، ولكنها محدودة, وغير كبيرة، حسب وصفه.

من جهته، أشار عبد الناصر، وهو أحد السائقين، إلى أن الجهات الأمنية في السويداء، تسمح بعبور بعض السيارات المحملة بمختلف البضائع، بعضها ذات منشأ أردني، إلى محافظة درعا، مقابل مبالغ مالية كبيرة، تُدفع على الحواجز العسكرية التابعة للنظام، لافتاً إلى وجود بعض نقاط العبور بين البلدين على الحدود الأردنية مع محافظة السويداء، وتشهد هذه النقاط حركة نشاط مقبولة، لاسيما في نقطة رويشد، التي تعد من المعابر المهمة بين البلدين.

وعبّر عبد الناصر عن اعتقاده بأن تكون بعض هذه المواد والبضائع غير القابلة للكساد، مخزنة من فترات سابقة ويتم بيعها الآن بأسعار عالية، وبعضها يمرر تهريباً عن طريق بعض التجار والمجموعات المختصة بهذه الأعمال بين البلدين، ومن نقاط يتم غض البصر عنها.

وقال معتز الحوراني، وهو تاجر جملة، أن التجارة والتبادل التجاري بين الجانبين السوري والأردني كانت ناشطة قبل عدة أشهر ولكن التعزيزات الأمنية التي نشرتها القوات الأردنية على الحدود، بالتزامن مع اشتداد المعارك على الأراضي السورية، ضيقت على المتعاملين فيها، وحدت بشكل كبير منها.

من جهته، أشار قاسم، وهو تاجر مواشي، إلى أن من أهم البضائع التي يتم إدخالها إلى الأردن بطرق غير نظامية، الأبقار والأغنام والماعز، والتي أدى تهريبها إلى نقص كبير في أعداد الثروة الحيوانية في الجنوب السوري، وبشكل ملحوظ, وارتفاع كبير  في أسعار اللحوم والحليب والألبان والأجبان، لافتاً إلى أن لحم العجل مفقود الآن في أغلب المناطق المحررة، وأسعاره إن وجد، تتجاوز سعر لحم الغنم والخروف.

إلى ذلك أفاد بعض المواطنين أن هناك بضائع تدخل من الأردن وعلى نطاق ضيق، من خلال بعض المعابر السرية، إلا أنهم لا يحبذون الحديث عن ذلك، لأنهم يعتبرون بقائها مصدر رزق لهم، وأن الحديث عنها أو التلميح إلى ذلك، من شأنه الإضرار ببعض التجار، وإغلاق هذه المعابر وقطع أرزاقهم، حسبما وصفهم.

ترك تعليق

التعليق