الزراعة الشتوية في معضمية الشام.. تكافح الحصار لتُطعم سكان المدينة في الصيف

يعد ملف الزراعة في المناطق المحررة أحد أهم الملفات التي ينبغي متابعتها دائماً، في سبيل تسليط الضوء عليها ومعرفة ما تحتاجه من أشياء لتطويرها، وما تواجهه من صعوبات في ظل الظروف الراهنة.

هذه القصة تعطي صورة واقعية عن الزراعة الشتوية في مدينة معضمية الشام، كيف يعمل المزارع؟، وماذا يزرع؟، وما هي همومه كفلاح يشارك في إطعام الناس وكسر الحصار المفروض على بلاده، من قريب أو بعيد؟


 القمح هو الأساس

ككثير من أهالي معضمية الشام يعمل أبو محمد (55 عاماً) في حقله المتواصع حيث يواظب على حرثه بهدف تجهيز الأرض للزراعة الشتوية.

ويقول أبو محمد لـ "اقتصاد": "هذه السنة تختلف عن باقي السنوات الماضية، لقد أحس الناس بخطر الحصار بعد أن تذوقوه مرة بعد مرة، وها نحن اليوم نعمل جاهدين لنكافح الحصار ونخبئ في هذه التربة ما سنحصده في بداية الصيف المقبل".


وينوي أبو محمد زراعة القمح، ويهدف من ذلك إلى إطعام أسرته وتجهيز مؤونة تحميه من أي حصار جديد قد تفرضه ظروف الحرب على المدينة.

ويقول أبو محمد: "الأساس في الزراعة الشتوية لمعظم الأهالي هو القمح لأنه يعتبر القوت الرئيسي للناس وبدونه لن يكون هناك طحين أو برغل"، مؤكداً أن الحصار سيُكافح بالعمل على توفير هذه المادة، مضيفاً: "إذا استطاع الفلاحون حصد الأطنان من القمح في الصيف المقبل فذلك أعظم نجاح نقدمه للثورة نحن الفلاحين".

الشعير في المرتبة الثانية

إضافة للقمح يأتي الشعير في المرتبة الثانية، ويقول أبو محمد: "القمح في حاجة للسقي عدة مرات لكن الشعير لا يحتاج إلا إلى السقي عند بداية الزراعة ثم تكفيه مياه الأمطار".

وبعد الشعير يزرع الفلاحون مختلف النباتات الشتوية من سبانخ وفجل وخس وبقدونس وجرجير وملفوف.


ولا يُخفي أبو محمد أن مسألة المياه تشكل أزمة كبيرة بالنسبة للمزارع في هذه الأيام، لكنه يؤكد أن الخلطة المستخرجة من البلاستيك شكلت حلاً مؤقتاً حيث صار بإمكان المزارع استخراج المياه الكافية لسقي مزروعاته دون الاعتماد على مادة المازوت المرتفعة الثمن والمفقودة من الأسواق.

 أين تذهب المزروعات؟

لا يسمح النظام للفلاحين بإخراج محاصيلهم خارج المدينة لبيعها في أسواق دمشق، وتبقى المحاصيل محصورة داخل المدينة، إذ يذهب معظمها كمؤونة للفلاحين، بينما يباع الباقي للأهالي بأسعار عالية بسبب ارتفاع تكلفتها الباهظة.


وبهذا الصدد، يوضح أبو محمد: "أنا أزرع لنفسي وجيراني، وربما يزيد عندي قليل من المحصول فأبيعه للناس داخل المدينة، السعر قد يبدو مرتفعاً، لكننا ندفع في سبيل زراعة أي محصول (دماء قلوبنا)، مثلاً تكلفة 40 قصبة من القمح تفوق الـ 75 ألفاً من الليرات، وهي لا تعطي في أحسن الأحوال أكثر من 350 كيلو من القمح، هذا ما يؤدي لرفع الأسعار".

 ما هي الصعوبات؟

يقول أبو محمد مجيباً عن هذا السؤال: "الصعوبات تتمثل في نفاد المازوت وقد وجدنا الحل في الخلطة، وفي توفر البذور، وقد استطاع الفلاحون تأمينها إما عن طريق شرائها حتى بأسعار مرتفعة، أو كان بعض الفلاحين قد خزنوا بعضاً منها، كما لا يوجد لدينا سماد للأرض وسوف نستعيض عنه بروث المواشي، ثم تأتي مسألة الحصاد وهي بعد عدة أشهر نحن نفتقد للمازوت الذي تعمل عليه الحصادة، على كل حال نحن لن نستسلم، وربما سنحصد محاصيلنا بالمناجل كما كان يصنع الأجداد".



ترك تعليق

التعليق