"اقتصاد" يتواصل مع سوريين سرحتهم شركة بترول أبوظبي

لم يكن ليخطر في بال أحدهم، كما يقول (م. س) العامل في شركة بترول أبو ظبي الاماراتية ADCO، أن يكون مصيرهم، وهم من العمال الأكفاء، الطرد بهكذا طريقة، وتنفيذ قرار الإعفاء بهذه السرعة، وهذه طريقة قاسية لم تراعي فيها الشركة الظروف الخاصة للسوريين في الخارج، وأوضاعهم مع عائلاتهم الصعبة في ظل عدم استقبال أغلب دول العالم للسوريين، وإغلاق الأبواب أمامهم من قبل الأشقاء قبل الأعداء، وهم من كانوا يجدون الخير في بلد (زايد الخير) وأبنائه، على اعتبار أنهم أبناء خير وحب للسوريين على وجه التحديد.

كفاءات كبيرة

يقول أحد الموظفين المطرودين: "إن ما يجعل من هذا القرار تعسفياً ويحمل في طياته أبعاداً سياسية وأخرى غير واضحة أن أغلب العاملين السوريين هم من الكفاءات الكبيرة في الشركة، وأغلبهم كانوا عاملين في الشركة السورية للنفط، وشركة الفرات النفطية، ولديهم من الخبرة وسنوات الخدمة ما يمنع الشركة من التفريط بهم وبحقوقهم بهذه الطريقة المباغتة".

مصير الأبناء
 
موظف في الشركة، (رفض الإفصاح عن اسمه ككل العاملين)، يتحدث عن جانب إنساني آخر: "كل العاملين والموظفين هنا لديهم أطفال في المدارس لم يكملوا بعد الفصل الدراسي الأول لهم، هؤلاء لم يفكر بهم أحد، ومن هي الدولة التي ستسمح لهم بإكمال الدراسة فوراً، وكم سيضيع عليهم من سنوات بسبب الانتقال الجديد لدولة أخرى، وكيف سيتأقلمون على الأجواء الجديدة، من هنا يبدو القرار غير إنساني وليست هذه سمة الاماراتيين الذين تعلموا في مدرسة الشيخ زايد رحمه الله".

في رقابنا عائلات في العراء والغربة

صيحة مخنوقة بالدمع أطلقها موظف مفصول: "أوضاع السوريين باتت معروفة من الأعداء قبل الأشقاء الذين يبدون تعاطفاً إعلامياً فقط معنا، كل السوريين هنا يصرفون على أربع أو خمس عائلات مشردة في داخل الوطن وخارجه، وهذه العائلات ليس لديها أي مورد رزق سوى ما نرسله لهم، وهذا ما يجعلنا نحن وهم في حاجة، أغلبنا عليه ديون، وبالتالي كل هذه التعويضات لا تكفي لسداد الديون، نحن في عجز أصلاً، وكيف سنساعد من هرب من تحت الموت الذي ترسله طائرات الأسد والروس على رؤوس الأبرياء والمدنيين!".

أين نذهب؟

السؤال الأهم الذي يدور في رؤوس كل هؤلاء، "أين نذهب؟، أي دول الأرض ستقبل بنا وبعائلاتنا؟، وكيف سنتحول إلى لاجئين فجأة، والبحر لم يعد يتسع لغرقى السوريين، والمكان الوحيد الممكن أن يستقبلنا هو تركيا، ولكن كيف سنعمل، وكل الدول العربية تمنع دخول السوريين إلا بتأشيرة، هل هذا هو جزاء الخدمات التي قدمناها للدول العربية سواء في مشرق العرب أو مغربهم.."، كانت تلك صرخة من أحد المطرودين الذي يبكي من حرقة ويأس.

يتابع الرجل: "أثاث بيوتنا وأمتعتنا، والبيوت التي عشنا سنوات صعبة في العمل الشاق والحر الشديد حتى أسسناها سيكون مصيرها الشارع، ولن يشتريها منا أحد، ولن يكون لدينا الوقت كي نتصرف بها".

في سوريا فقط.. ينتظرنا الموت

أحد العاملين يقول: "لو فكرنا بالعودة إلى سوريا، ما الذي ينتظرنا هناك .. الموت، ونحن جميعنا لا نعرف كيف سيتعامل معنا النظام، أهلنا مشردون، وإخوتنا إما اعتقلوا أو قتلوا، هل سنكون مطلوبين لأجهزة الأمن؟، هل سيتم اعتقالنا في المطار؟، لا نعرف".

بعض هؤلاء مطلوب للاحتياط في الظروف الصعبة التي تمر بها سوريا، وشبه حالة النفير العام التي أطلقها النظام بعد حملات جر الشبان إلى الخدمة الاحتياطية من البيوت والشوارع دون النظر لأوضاعهم القانونية.. "وفي كلتا الحالتين مصيرنا الموت إما في السجون أو على الجبهات؟"، حسب وصف أحد الموظفين المطرودين.

مناشدات...بنقل إقاماتهم

أغلب من اتصل بهم "اقتصاد" تمنوا على دولة الإمارات أن تنظر لهم بعين الأخوة والدم الواحد، في أن يعطوهم الفرصة في نقل إقاماتهم لشركات إمارتية خاصة، وهم مطلوبين ومرغوبين لديها، وهذا ما يمكن أن يعطيهم الفرصة في الاستمرار بحياتهم وإعالة أبنائهم وأهلهم في سوريا، فلم يعد لدى أغلبهم مكان يأوون إليه في مدنهم وقراهم التي دمرتها الطائرات.. وأن يمنحوا الفرصة لأبنائهم في إكمال دراستهم.

هل العرب أمة واحدة؟

لم يبق بين السوريين وأمتهم العربية التي طالما اعتزوا بانتمائهم لها ودفعوا من أجلها الغالي والرخيص، إلا شعرة معاوية، فهم احتضنوا من تشرد منها، وعلموا منها من كان جاهلاً بقوافل الأساتذة السوريين إلى المشرق والمغرب، وها هم العرب يبدون للسوريين عكس ما تمنوه واعتقدوه، وقبل أيام صدرت دعوات في السعودية لطرد السوريين، وهم من منعوا من دخول دول جوارهم دون تأشيرة كم تفعل الأردن ولبنان!

رجاء السوريين اليوم في الإمارات أن يبقوا لدى السوريين بعض الأمل في أنهم لم ينخدعوا بالعروبة والمصير المشترك وبالدم العربي الواحد، وإلا فإن شعرة معاوية قد قطعها العرب، ولم يقطعها السوريون أبداً.

مادة ذات صلة:

بالوثائق: شركات إماراتية تسرح موظفيها السوريين

ترك تعليق

التعليق