اقتصاديات.. لماذا لم يحصل معي كما حصل معهم..؟!


وجدت منذ أيام في المدينة التي أعيش فيها بجنوب فرنسا، حقيبة ملأى بالنقود ومعها كل الأوراق الثبوتية التي تخص صاحبها، فقررت تسليمها للشرطة طمعاً بموقف بطولي يعيد الألق للاجئ السوري، بعد أن لحق به بعض الغبار في الفترات الماضية..
 
 وأنا في الطريق إلى الشرطة، بدأت أتخيل الضجيج الإعلامي الذي سأحصده من قبل وسائل الإعلام الفرنسية، وكيف أن صورتي وقصتي سوف تتصدر هذه الوسائل.. بينما رحت أتخير العبارات التي سأصرح بها للإعلام، وكيف سأخبرهم أنني أنتمي إلى مجتمع وثقافة، لا يمكن أن يأخذ أشياء ليست له، مهما بلغت قيمتها، ومهما وصل به العوز والحاجة..

 وتطور بي السرحان، فرحت أتخيل الرئيس الفرنسي يطلب لقائي، ويشكرني أمام عدسات الكاميرات.. ثم يقول لي، لقد قررنا منحك الجنسية الفرنسية يا "ابني"، فأقول له، لا أريد، فأنا مسرور بجنسيتي السورية، ثم يحتار الرجل ماذا يقدم لي كمكافئة، فأقول له من جديد: شكراً لا أريد شيئاً، فأنا لم أفعل شيئاً يستحق سوى كلمات الشكر.. فيزداد إعجابه بي..

 وبينما أنا على هذه الحال من السرحان والاسترسال، وجدت نفسي وجهاً لوجه أمام قسم الشرطة، فاقتحمت المكان مزهواً، وأخبرت الاستعلامات بلهفة، أنني وجدت حقيبة ملأى بالنقود في الشارع وأود تسليمها.. فأخذها مني موظف الاستعلامات ثم فتحها وأخرج محتوياتها، وتعرفت زميلته على الفور على صاحبها، ثم اتصلت به ببرود طالبة منه المجيء لاستلام أشياءه التي فقدها.. فنظر إلي شرطي الاستعلامات، وقال: شكراً لك، بإمكانك أن تغادر.. وذلك دون أن يطلب مني هويتي أو يسألني من أكون..؟!، فقلت له: يا رجل..!!، "بس هيك"..، "في واحد سوري وجد موبايل في السويد وأعاده لصاحبه، قامت الدنيا ولم تقعد.. وآخر بألمانيا نفس الشي"..، "يا رجل الله وكيلك المبلغ اللي لقيتو بيفتح محل موبايلات"، فرد ببرود: "إذا أحببت بإمكانك أن تضع رقم هاتفك من أجل أن يشكرك صاحب العلاقة"..، فقلت له: "بكل سرور"..، وقلت بيني وبين نفسي، يبدو أن مهمة إخبار وسائل الإعلام سوف يقوم بها صاحب النقود.. وها قد مضى أكثر من أسبوع ولم يتصل بي أحد ولم يشكرني أحد.. أنا بس بدي أعرف العالم اللي عملت ضجة من ورا موبايل، شو صار معهم بالضبط..؟!، لماذا لم يحصل معي كما حصل معهم..؟!

 بكل الأحوال، أخبرت الشرطة، رغماً عنهم، أنني سوري..!!

ترك تعليق

التعليق