أكثر ما تسأل عنه العائلات السورية قبل لجوئها إلى أوروبا

من أكثر المواضيع التي تستفسر عنها العائلات السورية التي تتاح لها فرصة اللجوء إلى أوروبا، أو التي تخطط لهذا الأمر، هو طبيعة الحياة الاجتماعية وما يشاع عن الفساد الأخلاقي والجنسي المنتشر بكثرة في هذه البلاد..

ويسود اعتقاد لدى الكثيرين، بأن المجتمع الأوروبي منحل أخلاقياً، وأن أغلب من يسيرون في الشوارع هم "أبناء حرام"، وثمرة لعلاقات غير شرعية، بينما الناس يمارسون الجنس في كل مكان دون خجل أو تحفظ..!!
 
وأكثر الأسر التي تبدي هذه المخاوف، ممن لديها بنات، سواء صغيرات أو في عمر الشباب، أما العائلات التي أفرادها من الذكور، فهي تتوكل على الله دون إبداء هذه التحفظات..!!

وكم من العائلات التي عدلت عن فكرة اللجوء بسبب هذه المخاوف أو بعد أن استفسرت من الأشخاص الخطأ، الذين يحاولون أن ينقلوا للآخرين اهتماماتهم وأكثر ما يلفت انتباههم، متجاهلين القيمة العلمية التي وصلت إليها هذه الدول ومستوى التطور..  وهو مستوى لم يكن بالإمكان الوصول إليه دون خلق بنية مجتمع مستقرة، وأسرة تسعى لتربية أبنائها وتعليمهم، وتحرص على تفوقهم..

ومن الاعتقادات الشائعة الخاطئة التي يحاول البعض أن يروج لها، بأن الدول الأوروبية ومراكزها التعلمية والعلمية والثقافية، تدار من قبل الغرباء أو المهاجرين القدماء، وأنه لولا هؤلاء، لانهارت هذه الدول علمياً واقتصادياً.. كون أبناء هذه الدول فاسدون وهمهم الوحيد شرب الخمر وممارسة الجنس فقط..!!

أما على أرض الواقع، فإن كل من يزور مؤسسات الدول الأوروبية ويتعرف على تركيبتها الوظيفية، سوف يعرف بالضبط بطلان الكلام السابق.. بل إن هناك حقائق صادمة في هذا الأمر، لن نخوض فيها على اعتبار أنها ليست موضوع حديثنا..

وبالعود إلى الموضوع الجنسي أو الانفتاح الذي تتميز به الدول الأوروبية، والذي تخشى منه الكثير من العائلات المسلمة على بناتها بالدرجة الأولى، نود أن نلفت الانتباه، أن الانفتاح هو أمر حاصل، ولكن ليس بالشكل الذي يدور في مخيلتنا.. والكثير من السوريين الذين وصلوا إلى هذه البلاد جزموا ومن خلال تجربتهم، أن ما يشاع عن انحلال أخلاقي في أوروبا هو كذبه كبيرة، وقد كان موجوداً في سوريا أو بعض الدول العربية ما هو أكثر منه أو ما يماثله على الأقل.. الفارق الوحيد أنه هناك مخفي وهنا مكشوف ولكن ليس إلى حد الفلتان الأخلاقي كما يتصور البعض..

مما لا شك فيه أن المجتمعات الأوروبية، مرت بالكثير من التجارب والصراعات التي أوصلتها إلى تبني مفاهيم وسلوكيات تعبر عن قناعاتها وثقافتها.. وهي عندما أولت عناية خاصة ببناء الفرد، فإنها فتحت له المجال فيما بعد للاختيار بحرية.. لذلك فإن الفرد المبني في أوروبا على قيم تربوية وعلمية، لا يختلف كثيراً عن الفرد المبني على ذات القيم في الدول العربية والإسلامية وهو يشبهه إلى حد كبير في أغلب سلوكياته.. فكما أن العربي المتعلم عنده سلم للقيم والسلوكيات الإيجابية، كذلك الأوروبي لديه نفس السلم.. وما هو حرام عندنا، هو عيب عندهم.. الفرق أنهم لا يتدخلون ببعضهم البعض ولا ينتقدون سلوكيات بعضهم كما عندنا..
 
النقطة الأخيرة التي نود الإشارة إليها، أن جميع المجتمعات الأوروبية، يعيش فيما بينها مجموعات إسلامية، بعضها كبيرة، وهي تمارس طقوسها وعاداتها بمنتهى الحرية، ويلتزمون بلباسهم الإسلامي دون أن يضايقهم أحد.. وقد تستغرب أن تجد مثلاً في بعض المدن الأوروبية أن عدد المحجبات اللواتي يسرن في الشارع قد يفوق عددهن، عدد نظرائهن في دمشق أو اللاذقية أو طرطوس أو بيروت.. أما بالنسبة للمرأة والفتاة الأوروبية فهي متحررة كثيراً بلباسها، ما هو مطلوب منك ليس النظر إليها وكأنك تجلس في أحد الدول العربية، وبالمقارنة مع من هم حولك.. المطلوب أن تراها وهي تسير وسط مجتمعها، عندها لن تشعر بغرابتها، ولن تثير اهتمامك كالسابق.. فقط افتح عينيك ولا تغمضهما..

وإذا أردنا أن نناقش الأمر بموضوعية، فإن المجتمع الأوروبي مثل كل المجتمعات، التي تحوي الصالح والطالح، مع تفاوت في النسب، بحسب القوانين الاجتماعية والحكومية التي تسيّرها..

ترك تعليق

التعليق