عدد سكان سوريا.. هل يحقق ماهر الأسد "وعيده"؟، وماذا عن العلويين؟


انتشرت شائعة بين الناس، في السنة الأولى للثورة، بأن ماهر الأسد، شقيق بشار، توعد السوريين بأن يُرجع تعدادهم إلى ما كان عليه حين استلم والده زمام الحكم عام 1970، حوالي 8 مليون نسمة، وكان الحديث حينها، عام 2011، عن عدد سكان يصل إلى 24 مليون نسمة، في تقديرات غير رسمية.

الشائعة ذاتها، لم يتم إيجاد أي دليل يؤكدها، نقصد شائعة أن ماهر الأسد توعد السوريين بإنقاص أعدادهم إلى 8 مليون، يعني الثلث. لكن ما ظهر الدليل المتواتر عليه، أن نظام الأسد عمل بجدية، بالفعل، على إنقاص أعداد السوريين، وتغيير التركيبة الديمغرافية، بصورة تغيّر التركيبة الإثنية والمذهبية في البلاد، لصالح أنصاره.

ورغم أن عدد سكان سوريا عام 1970، حين تولي حافظ الأسد السلطة، لم يكن 8 مليون، بل كان 6.3 مليون نسمة، حسب المصادر الرسمية، إلا أن شائعة وعيد ماهر يبدو أنها في طريقها للتحقق، إن استمر الحال على ما هو عليه عشر سنوات أخرى.

وإن حققت سوريا الرقم القياسي للحرب الأهلية اللبنانية، بمعدل 15 سنة، يمكن أن نتوقع في نهايتها، أن عدد السوريين سيقترب من 8 مليون نسمة، حسب المعدل المسجل لتناقص أعداد السوريين في الداخل خلال سنوات الثورة الخمس الفائتة.

المكتب المركزي للإحصاء، أقر بأن عدد سكان سوريا بات أقل من 19 مليون نسمة. لأول مرة في تاريخها المعاصر، سوريا تدخل حالة هرم سكاني، لكن لا لأسباب طبيعية، بل لأسباب "مالتوسية"، إن صح التعبير، فماهر الأسد وشقيقه، ينفذان في سوريا نظرية مالتوس الخاصة بضرورة تدخل عوامل خارجية لإعادة التوازن بين عدد السكان ونمو الموارد الغذائية، ومنها الحروب.

في سوريا قبل الثورة، كانت السلطات دائمة الشكوى من الزيادة السكانية العالية في البلاد، والتي كانت تُقدر بحوالي 2.5%، أي أن تعداد سكان سوريا يتضاعف كل 40 سنة.

لكن اليوم، يمكن أن يرتاح بال الخائفين من تضاءل نصيب الفرد من الموارد الطبيعية بسبب الزيادة السكانية في سوريا، فنظام الأسد يعمل باحترافية عالية على تحقيق هذا التوازن، بأسرع طريقة ممكنة.

في سوريا، يبقى اليوم العجزة والنساء والأطفال، الشباب يفرون، من الخدمة العسكرية، ومن الملاحقات الأمنية، ومن ضيق الأفق، وانعدام فرص العمل، فالمركزي يقر بأن نسبة البطالة بين الشباب، قاربت الـ 70%.

وهكذا، وبغض النظر إن كانت شائعة وعيد ماهر صحيحة أم لا، يبدو أن هذا الوعيد يتحقق. لكن السؤال الذي يطرح نفسه، هل التراجع السكاني سيكون لصالح الأقليات التي يقاتل الكثير من أبنائها تحت راية النظام؟، سؤال يزداد إلحاحاً إن علمنا أن التقديرات غير الرسمية تشير إلى أكثر من 100 ألف علوي قتيل، وتعداد العلويين لا يتجاوز المليونين، ناهيك عن مصابي الحرب.

بحسبة بسيطة، يمكن أن نتوقع المشهد بعد 10 سنوات أخرى، فإن كان تعداد سكان سوريا سيهوي إلى 8 مليون، في أسوأ الأحوال، فإن العلويين سيفقدون على الأقل 300 ألف قتيل من شبابهم، وقد نتوقع مثيل هذا العدد من مصابي الحرب، بمعنى آخر، إن كانت نسبة الشباب، وفق المعايير الديمغرافية المعتادة، 30%، فهذا يعني أن فئة الشباب من العلويين، بأكملها، ستكون بعد عشر سنوات، مقتولة، أو معطوبة.

مصير كارثي ينتظر السوريين، لو استمرت دائرة الحرب تدور.. لكن الكارثية لا تنتظر مناوئي النظام والديمغرافية الحاضنة لهم فقط، بل تنتظر أيضاً أنصاره، والديمغرافية المحدودة الحاضنة لهم.

تَصوّر في رَسم من هو مستعد للذهاب حتى النهاية، فداءً لكرسي الحكم!، وفي رَسم من يقاتل في سبيله دون أي وعي بالمستقبل المرير الذي ينتظر فئته!

ترك تعليق

التعليق