من هو رأس الماسونية في حلب؟!


لقد أثارت مقالة "حلب والماسونية في نادٍ عائلي"، جدلاً حول مدى المصداقية التي حملتها كلماتها ومعانيها، سواء تلك الظاهرة منها أو تلك المعاني التي قرأها البعض بين السطور، ولكنها في الوقت نفسه ونظراً لارتباطها بمرحلة ماضية، أثارت تساؤلات حول ما آلت إليه الأمور بعد تلك المرحلة.

وإذ كنت أؤكد أن كل ما ورد فيها من معلومات ورأي، يقع في إطار مقبول من الموضوعية والتجرد، إلى درجة جعلتني أحجب العديد من المعلومات التي لم يبلغ توثيقها وتبنيها إلى مستوى مقنعٍ بالنسبة لي، أضف إلى التزامي بربط رأيي الذي أوردته فيها بالمعلومات الموثقة حصراً وبحدود ما تشير إليه، حيث كان صدى ذلك قوياً في جعل الرضا والقبول هو الطاغي على ردات الفعل التي نشأت عنها، فإن بعض ردات الفعل السلبية –على قلتها- والتي أبداها البعض حملت بحد ذاتها نوعاً من التوثيق الجديد ومن أطراف قريبة مما نشعر به كحلبيين اليوم أنه رأس الماسونية في مدينتا، وأنه الرجل الذي اجتمعت لديه أدوات (الدينامو) التي تركها (جورج أنطاكي) بل، وأيضاً شيئاً من زخم الواجهة الذي لعبه طوال عقود (عبد الله موصللي).

من المعروف أن إحدى نشاطات (جورج أنطاكي) كانت بروزه في الصناعة الدوائية، في إطار شركة (ألفا) الدوائية التي تمكنت من امتلاك الحيز الأوسع من السوق الدوائية في سوريا، طوال عقد ونصف مضى، وأن هذه الشركة كانت مملوكة بالمعية لعائلة (أحمد الشهابي)، الرجل البارز في نادي حلب العائلي، والذي تربطه علاقة قربى بـ(حكمت الشهابي) الرجل العسكري المعروف، وأحد ألمع الشخصيات في تاريخ سوريا إبان عهد حافظ الأسد، والذي شغل منصب رئيس هيئة الأركان لأطول فترة في تاريخ هذا البلد، في ذروة الأحداث والتطورات التي كانت فيها سوريا دولة فاعلة على المستوى الإقليمي خلال ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي.

(حكمت الشهابي) أطاحت به إرهاصات توريث بشار لكرسي الحكم، ولكنه وجد مكاناً آمناً في الولايات المتحدة في حضن ابنه (حازم)، قنصل سوريا في ولاية (كاليفورنيا)، بعكس (محمود الزعبي) الذي كان ابنه ذريعةً لقتله منتحراً.

وعلى ما يبدو فإن الإطاحة بـ(حكمت الشهابي) سمح لقريبه (أحمد) أن يأخذ دوراً أوسع، تجلى في لحظة ما بقدرته على فرض بيع (جورج أنطاكي) لحصته في شركة (ألفا)، أضف إلى نشاطٍ صناعي بارز في مجال (التعبئة وتغليف المنتجات الزراعية والغذائية)، مستغلاً حالة الغضب الشديد التي أحدثها سوء علاقات (عبد الحليم خدام) مع بشار الأسد، ومن ثم انشقاقه عن النظام، الغضب امتد إلى العديد من الأطراف التجارية والصناعية المقربة منه.
 
بُعيد ذلك غدت عائلة (أحمد الشهابي) شريكاً أساسياً لأخطبوط الاقتصاد السوري (رامي مخلوف) عبر المساهمة معه في تأسيس مجموعة (شام القابضة)، وتصدت لدور بارز في حفلة (التطوير والتحديث) التي أطلقها (بشار الأسد) في إطار ما سمي بالإصلاح الاقتصادي، حيث أسست هذه العائلة (بنك الشرق) و(فرانسبنك) و(الشركة السورية العربية للتأمين).

 ولأن (رياض موصللي) ابن (عبد الله موصللي)، شخص ديمقراطي وإنسان منفتح، فإن الأولوية منحت لعائلة (أحمد الشهابي) في الدمج بين دور (الواجهة) ودور (الدينامو)، حيث سُمح لهذه العائلة بإبراز دور سيغدو له قيمته في الوقت المناسب لوريثها الأكبر (فارس).


(فارس) هذا، كان يعتبر نفسه على ما يبدو وريث مجد العائلة الشهابية، التي توزع نشاطها في حلب على مكامن القوة والنفوذ التي سمح النظام بها لكل من رضي عنه وألقى إليه بحبال الولاء والتبعية، والتي كان أهمها (الإسلام الصوفي) و(اشتراكية المال والسلطة). وعلى ما يبدو فإن (فارس) أجاد الدور وفق خطة مدروسة، أُطلق تنفيذها على قدم وساق عشية اشتعال الثورة السورية في مقتبل ربيع عام /2011/.

لن أُعرَّف المعرَّف هنا، فدور (فارس الشهابي) الذي كان يشغل منصب (رئيس غرفة الصناعة في حلب) في تجميع الصناعيين والتجاريين الحلبيين في بوتقة دعم النظام عشية انطلاق الثورة السورية، وتشكيله لحائط صدٍ لانتقالها إلى حلب، أضف إلى دوره في تأمين واجهة دينية جديدة من عائلته لتغطية الفراغ في المؤسسة الدينية في حلب عبر مديرية الأوقاف بشخص قريبه (عبد القادر الشهابي) وتأمينه صمت بقية مشايخ الشهابية في حلب، ومن أهمهم (الشيخ محمد نديم الشهابي) والذي وافته المنية مؤخراً، جعله رجل النظام الأول في المدينة الشهباء.

وكما سمحت الإطاحة بحكمت الشهابي بدور أكثر علنية واتساعاً لعائلة (أحمد الشهابي) رجل (نادي حلب العائلي)، فقد أدت استقالة (حازم) من مسؤولياته كقنصل لسوريا في (كاليفورنيا) الأمريكية، عشية مجزرة الحولة الشهيرة في عام /2012/، إلى منح (فارس الشهابي) نشاطاً أكثر اتساعاً، حيث أصبح في نفس يوم الاستقالة رئيساً لاتحاد غرف الصناعة السورية؛ وليتصدى بكل ما أوتي من شراسة وطموح لدور البوق الأكثر تهديداً ووعيداً ليس للمعارضة وحسب، وإنما أيضاً للمدنيين وقاطني المناطق التي خرجت من سيطرة نظامه، مع هامش واسع (تجميلي) من القدرة على انتقاد الفساد الذي عشعش بصورة مطردة وأكثر تأثيراً في مؤسسات النظام الخدمية، ولا بأس من فترة لأخرى من الطعن ببعض الشخصيات هنا وهناك في سعي دائم للبقاء تحت الضوء، مدعوم بوسائل إعلامية جعلت من ظهوره الدوري على شاشاتها وصفحاتها العنكبوتية يحمل نوعاً من التشويق والإثارة، في طيش يضطر إليه كل من هو (سني) من رجال النظام، ليؤكد شراسته وتبعيته العمياء لشخص المعتوه والمجرم الأول (بشار الأسد)، كبير ورثة الآباء الماسون.

ترك تعليق

التعليق