مصرف التسليف الشعبي.. إله الفقر عند السوريين

ارتبط اسم مصرف التسليف الشعبي بأذهان السوريين، بأنه كان رمزاً للقهر والذل والتعتير.. كنت تجد طالبي القروض في أيام حافظ أسد يقفون في داخله وكأنهم نسخة عن بطل الكاتب الروسي "غوغول" في قصته "المعطف".. وجوه متعبة ونظرات منكسرة، يرتدون أسمالاً تخفي أجساداً هزيلة، وكأنهم مومياء..

كان حافظ أسد يعمل على خلق تركيبة شعب، يشبهون بعضهم البعض، نساء ورجالاً.. ليس من حيث الشكل فحسب بل من حيث العمر كذلك..!!، من أجل أن يبدو ابنه "باسل"، شيخ الشباب عن جد..

 "باسل" الذي جرى تصويره في رياضة الفروسية التي يمتهنها، وكأنه رائد فضاء..!!

كان أول عمل قام به بشار، أنه حطم حصرية مصرف التسليف الشعبي كرمز للفقر في البلد، وهذا التحطيم كان ضرورياً لكي يشعر السوريون أنهم انتقلوا من مرحلة لأخرى.. لقد فتح القروض على مصراعيها ولمن يشاء، بعد أن كانت حكراً على الموظف المسكين والذي لم يكن يستطيع تحمل سوى، قرض التسليف، بينما تم منحه ميزة كفالة غير الموظفين بالنسبة للمصارف الأخرى.. وهي اللحظة الوحيدة التي كان يشعر فيها الموظف بتفوقه على الآخرين..

سرعان ما تناسى الناس أن هناك مصرفاً اسمه مصرف التسليف الشعبي مع فتح باب المصارف الحكومية الأخرى لمنح القروض وبتسهيلات كبيرة.. لقد جرت مقاطعة هذا المصرف نفسياً، رغم أنه ظل مستمراً في عمله وزاد من تسهيلات قروضه.. لكنه كان خلال السنوات العشر الأولى من حكم بشار، المصرف الأقل إقراضاً وإقبالاً من قبل السوريين..

الجديد في الموضوع، أن هذا المصرف عاد اليوم لمنح القروض وبسقف 300 ألف ليرة سورية.. وهو المصرف الحكومي الوحيد الذي قرر العودة لمنح القروض.. لكن لنا أن نتخيل قيمة هذا المبلغ وسقفه بالنسبة لسعر صرف الليرة مقابل الدولار والغلاء الفاحش في الأسواق.. أي أن مبلغ القرض أقل من 800 دولار، وهو بالكاد يغطي نفقات طعام ولباس لمدة شهر واحد بالنسبة لأسرة متوسطة..

ومع ذلك هناك إقبال منقطع النظير على هذا القرض بحسب وسائل إعلام النظام.. وبهذا يكون بشار الأسد، قد استطاع من خلال هذه الخطوة أن يحول مصرف التسليف الشعبي من رمز للفقر والذل عند السوريين، إلى رمز للثراء.. وهذا يُحسب له..!!

ترك تعليق

التعليق