ضوء على اللقاء الأكاديمي السوري التركي


وجّه كبير مستشاري رئاسة الحكومة التركية، محمد مرتضى يتيش، في السادس والعشرين من الشهر المنصرم، دعوة لخمسة وثلاثين أكاديمياً سورياً موجودين على الأراضي التركية، لحضور لقاء مع عدد من المسؤولين الأكاديميين الأتراك من رؤساء جامعات ونوابهم وغيرهم من المهتمين بالشأن السوري في تركيا.

وقد ضمّن السيد يتيش الدعوة بتوضيح مختصر لغاية الاجتماع بالتدارس حول شؤون الأكاديميين السوريين في تركيا في إطار مسعىً حكومي تركي لتوظيفهم والاستفادة من خبراتهم وكفاءاتهم في القطاعين العام والخاص.

اللقاء الذي عقد في يوم الخميس 28/1/2016 ضم السيد (يتيش) ورئيس مؤسسة الهلال الأحمر التركي التي شاركت في رعاية اللقاء، ونائب رئيس مجلس التعليم العالي التركي.

ولم يخرج اللقاء عن الإطار البرتوكولي، حيث شهد تواجداً ملموساً للحكومة السورية المؤقتة وبعض الأطراف الدينية المقربة من الحكومة التركية، ولم يتضمن طرح آلية عملية أو خطة واضحة من قبل الحكومة التركية للغرض الذي دعت إلى البحث فيه.

وإذا ما كان بعض الأكاديميين الأتراك قد شخَّص الحالة التي يعانيها الكثير من نظرائهم السوريين بصورة أكثر إنصافاً من الجهتين السياسية والدينية التي سيطرت على الصوت السوري في ذلك اللقاء كعادتها، ناهيك عن الصور والكلمات المطولة، فإن جلَّ ما تمخض عنه هذا الاجتماع هو بعض الإيميلات التي طُلب من الأكاديميين السوريين نشرها لإرسال السير الذاتية لهم عبرها إلى رؤساء الجامعات وغيرها من المؤسسات الأكاديمية التركية.

فمع تركيز المنسق العام للاجتماع، الدكتور أنس إنجين، والذي بذل جهوداً طيبة في إنجاحه، على ضرورة بناء جسم موحد جامع للأكاديميين السوريين، حاول الدكتور أسامة الحموي، رئيس ما يسمى "رابطة الأكاديميين العرب"، ومقرها في اسطنبول، تظهير اللقاء لصالح رابطته التي يغلب عليها الطابع الديني، وإظهارها ممثلاً عن الأكاديميين السوريين في الأراضي التركية، متفائلاً بسلسلة من السيناريوهات المستقبلية حول ما ستقوم به الرابطة من إنجازات، فهي التي ستؤسس معهداً بحثياً، وهي التي ستؤسس جامعة، وكذلك ستكون وستصبح. كما لم يبخل أكاديميون آخرون على المجتمعين بما يملكونه من حس ثوري فريد، من التحدث عن تجاربهم الثورية الأكاديمية والتي يديرونها من داخل تركيا.

وإذا ما كان الاجتماع قد شهد بعض الممارسات السورية التي أصبحت اعتيادية في السنوات الماضية، فإن ذلك لن يكون عائقاً أمام سعي حثيث لتلبية المتطلب التركي ببناء جسم أكاديمي جامع للسوريين في الأراضي التركية، والعمل بجدية للعب دور مفيد في مسيرة التعليم العالي، ولاسيما باللغتين العربية والإنكليزية، والذي يستهدف شريحة السوريين والعرب بشكل خاص إلى جانب الطلاب الأتراك، وربما يمتد إلى تدعيم الدور الاستشاري والبحثي والذي يمكن أن يلعبه الكثير من الأكاديميين السوريين الذين يشعرون بالامتنان تجاه تركيا، حكومة وشعباً. مع التأكيد على ضرورة أن تكون الحكومة التركية المبادرة بوضع خطة عمل واضحة ومباشرة، تؤمن للأكاديميين السوريين دوراً فاعلاً يستحقونه وحياة كريمة افتقدها الكثير منهم، بعيداً عن الأجسام والشخصيات الاستئثارية الانتفاعية سيئة الصيت.

ترك تعليق

التعليق