إذن السفر للسوريين في تركيا.. يُحيي لدى البعض ذكريات التحايل على حواجز النظام

لم تستمر سعادة النازح السوري علي الأحمد طويلاً، فقانون منع تنقل السوريين بين المدن التركية بدون إذن سفر أعاده إلى المربع الأول، بعد أن خسر عمله، وكأنه للتو وصل إلى تركيا نازحاً من مدينة حلب.

بانفعال شديد يقول الأحمد: "السلطات التركية تقول لنا لا مكان لكم بيننا، اذهبوا الى أوروبا، ودعوا البحر يلتهمكم، لأننا سنوصد كل الأبواب في وجوهكم هنا".

ويضيف لـ"اقتصاد": "كنت أجمع الحليب من المدن والقرى القريبة من مدينة عنتاب، وأوصلها إلى معمل للألبان في مدينة عنتاب، بالشاحنة الصغيرة التي استأجرتها".

وبنبرة مرتفعة يردف، "بعد فرض قانون منع التنقل بدون إذن سفر، توقفت عن العمل، وأعدت السيارة لصاحبها، والآن كما تراني أبحث عن عمل، في هذا البلد الذي يضيق فيه الخناق على السوريين تدريجياً، وخصوصاً الفقراء منهم لأن المستثمرين يملكون إقامة".

بعد التطبيق، إذن السفر له شروط، "لا أدري ما الفائدة منه، من له نوايا غير سليمة، تهدد أمن تركيا، غير عاجز عن اختراق أي مدينة، في بلد مترامي الأطراف كتركيا"، بهذا بدأ مصدر حكومي معارض، حديثه لـ"اقتصاد"، معقباً على تطبيق السلطات التركية لقرار منع تنقل السوريين بدون إذن سفر بين المدن التركية.

 وكانت السلطات التركية قد حددت أربع حالات لمنح السوري إذن سفر وهي: التنقل بداعي العلاج مع اشتراط ابراز الاحالة من مشفى حكومي، أو لزيارة مريض مع طلب الاثبات، أو بقصد التعليم للطلبة، أو للزيارة العادية لكن بعد تزويدهم بهوية ورقم هاتف الشخص المزار.

 وأعفى القرار أصحاب الإقامة في تركيا من الحصول على إذن السفر المسبق، ما دفع بنفس المصدر الحكومي، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه، إلى اعتبار أن النوايا التي تقف وراء هذا القرار، نوايا "تنظيمية ومالية بحتة"، من قبل السلطات التركية، مشيراً إلى التكلفة العالية في سبيل استصدار إقامة في الوقت الراهن، عدا عن الأوراق القانونية التي ليس بمقدور كل السوريين تأمينها.

 ونقل المصدر شكاوى من سوريين لم يحالفهم الحظ في استصدار أذونات سفر من مراكز "الأمنيات"، مشيراً إلى رفض الموظفين لطلبهم بدون مبرر منطقي.

واستطرد المصدر، "في أيام العطل الأسبوعية لا يمكن استصدار إذن سفر، بالتالي ليس هنالك مراعاة للحالات الطارئة لا الإنسانية منها، ولا الاجتماعية، عدا عن ذلك المركز يشترط "الكملك" بطاقة الإقامة المؤقتة، علماً بأن مراكز استصدار البطاقات الشخصية متوقفة عن العمل في الوقت الراهن".

 تحايل على القرار

 "مكفول ما بتمر على حاجز".. العبارة المتداولة اليوم في كراج السيارات بمدينة كلس الحدودية مؤخراً، وتدل هذه العبارة على أن الطريق الذي ستسلكه السيارة إلى مدينة عنتاب، طريق فرعي "قشق"، لا تتواجد فيه دوريات للشرطة، لكن بأجر مادي مرتفع قليلاً.
 
تلك واحدة من الحيل التي يتم التلاعب بها على مضمون القرار، أما نضال، الشاب السوري، فلديه حيلة أخرى، تشبه الحيل التي كان يطبقها في مدينته حلب عندما كان يتحاشى المرور على حواجز النظام، تجنباً للاعتقال، يشرحها لـ"اقتصاد"، "ليس أسهل من الالتفاف على الحاجز، أي السير في الأراضي المحيطة بالطريق العام لتجاوز النقطة التي تتواجد فيها الدورية، ومن ثم استقلال حافلة جديدة إلى المدينة التي تريد السفر إليها".

 "وماذا لو كنت برفقة عائلة"، يرد نضال على سؤالنا، "من الأفضل في هذه الحالة البحث عن سيارة خاصة تركية، واستقلالها لأن احتمال وقوفوها للتفتيش يبقى ضئيلاً".

وعود تركية بتسهيلات

 أكد المسؤول في منظمة "بيتنا سوريا"، درويش خليفة، نقلاً عن مسؤول في الخارجية التركية كان قد التقى به الأول ضمن فريق من ناشطين وصحفيين سوريين لبحث مشاكل اللاجئين في مدينة عنتاب، أن "المسؤول التركي وعدهم بعرض المقترح الذي قدمه الفريق السوري، والذي يتمحور حول تخصيص موقع على شبكة الإنترنت، يسمح فيه للسوريين باستصدار أذون السفر الكترونياً".

خليفة خلال تصريحات لـ"اقتصاد"، اعتبر أن تخصيص موقع الكتروني خاص بالسوريين حل يرضي كل الأطراف، على اعتبار أن إذن السفر أصبح أمراً واقعاً، مضيفاً، "المسؤول قال لنا، وهل يجيد كل السوريون استخدام الانترنت، وكان ردنا عليه بأن من لا يجيد منهم استخدام الانترنت، يلجأ إلى سوري آخر يجيد ذلك، المهم أن نسهل من حدة هذه الإجراءات، ونخفف من الازدحام في مقر الأمنيات".

ترك تعليق

التعليق