دور أكثر وضوحاً للذهب في تأجيل سياسة الدولار القوي

تستمر حالة عدم اليقين الاقتصادي بشأن مبررات رفع أسعار الفائدة الأمريكية في إطار الاقتصاد الأمريكي؛ هذا الاقتصاد الذي حفل خلال الفترة المتوسطة الماضية بمعدلات تضخم بحدود مقبولة، أضف إلى وجود تقارير تبدي مخاوف على قطاع العمل وعجلة التوظيف على المدى القصير القادم قبيل إصدار القرار برفع أسعار الفائدة في منتصف كانون الأول /2015، وغيرها من المعطيات التي أثارت شكوكاً حول وجود دواعٍ اقتصادية لقرار رفع أسعار الفائدة، أضف إلى ذلك بروز مخاوف طبيعية من دفع هذا القرار إلى ارتفاع سعر صرف الدولار، وبالتالي زيادة أسعار الصادرات الأمريكية، لا سيما في ظل السياسة المالية التقييدية (ارتفاع الضرائب على القطاعات الاقتصادية) والعبء الناشئ على تطبيق قانون الرعاية الصحية، والذي كان سيعني إمكانية تخفيض الطلب عليها والتأثير بصورة سلبية على الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، بكل ما يعنيه ذلك من تخفيض الطلب العالمي ووضع الاقتصاد الأمريكي في حالة تنعكس تلقائياً بزيادة حالة الفوضى في الاقتصاد العالمي.

في إطار كل ما سبق ذكره، برز النشاط –غير المتوقع- في أسواق الذهب العالمية لتواصل (أونصة الذهب) ارتفاعها على مدار ثلاثة أسابيع متتابعة وصولاً إلى (1156) دولاراً أمريكياً في ساعة إغلاق الخميس 4/2/2016، محققة مكاسب استثنائية لم تقع منذ سنوات، وصلت إلى (3%).

هذه المكاسب كان من الواضح أنها تمت على حساب الدولار الأمريكي الذي انخفض مؤشره مقابل سلة العملات الرئيسية التي تضم اليورو والين الياباني والجنيه الإسترليني والدولار الكندي والكورون السويدي والفرنك السويسري، هذا الانخفاض وصل أمام ذروة سعر الأونصة الجديدة المشار إليها آنفاً إلى (96.25%) في ساعة إغلاق الخميس 4/2/2016، ليمنح الصورة المتأصلة في الوعي الاقتصادي الدولي، المتمثلة بالعلاقة العكسية بينه وبين الذهب، قوة غير مسبوقة، في إطار حاجة ماسة لدولار غير مرتفع يمكن أن يؤدي إلى مشكلات مضاعفة أمريكياً ودولياً، ليسهم كل ذلك –ولو مبدئياً- بكبح الرغبة –غير الاقتصادية على ما يبدو- في الاستمرار برفع أسعار الفائدة الأمريكي، والتي ثمة من يضغط بقوة لا يستهان بها على الفيدرالي الأمريكي للاستمرار بها بالتتابع على مدار العام الحالي.

وبالقفز عن التأثر بصورة العلاقة العكسية الأصيلة تلك بين الذهب والدولار، فإن الأمر على ما يبدو سيأخذ منحىً أكثر ديناميكية وعمليةً بتأثر سعر الذهب بالبيانات الأمريكية المتعلقة بعجلة التوظيف في الاقتصاد الأمريكي، والتي من المتوقع أن تنعكس إيجابيتها إلى المزيد من الضبابية أمام المستثمرين فيما يتعلق بسوق الذهب، الأمر الذي يعيدها إلى تذبذبها الذي اعتراها قبل أسابيع العسل الثلاث الماضية، كما حصل خلال تداول يوم الجمعة 5/2/2016، حيث ارتد سعر الأونصة إلى مستوى دون /1150/ دولاراً، دون أن ننسى أن الأخبار عن استقرار الاقتصاد الأمريكي وانخفاض معدلات البطالة عند مستوى التوظيف المتكامل بحسب ما هو معتمد لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي تنعكس تلقائياً بنوع من الطمأنينة على أسواق المال العالمية. بينما ستدفع سلبية بيانات الوظائف الأمريكية إلى المزيد من الاستقرار في أسواق الذهب باتجاه ارتفاع مرتبط بالعلاقة العكسية التقليدية عينها مع الدولار، وبصورة أوسع بتطورات الطلب الصيني والأوضاع الصعبة التي قد تمر بها أسواق المال العالمية في وقت لاحق نتيجة عوامل غير أمريكية المنشأ.

ترك تعليق

التعليق