و"التيس" مدير التربية..!!

وقفت عاجزاً عن تحرير خبر يتحدث عن تعميم لمدير تربية ريف دمشق التابع للنظام، يحظر فيه على المدرسين تشغيل المدفئة في غرفهم تحت طائلة إنهاء التكليف، بسبب عدم وجود مخصصات مازوت للمدرسين.. فلأول مرة أشعر أن مفردات اللغة لا تلبي إحساسي الحقيقي بما قرأت.. 

لذلك رحت أبحث في التعليقات، عمن يوفر علي الكثير من الكلام، بعبارة واحدة، فوقعت على تعليق يقول، "والتيس مدير التربية بدو يقعد بالاصطبل تبعو بتدفئة ولا بلا تدفئة"، أما آخر فقد علق، "طيب ليش التربيه اول ما تفوت عليها كلها شغاله التدفئه وخدود موظفيها بتشل من الحمار...؟".

كذلك علق أحدهم قائلاً "رح تضلو زبالة وما رح نتقدم طول ما نظرتكن للمربي بهل شكل الوسخ".

وبالعودة إلى كلمة "والتيس مدير التربية"، وسبب إعجابي بهذا التوصيف، واختياره عنواناً لمقالي، هو أنه يعكس ما أراده النظام لهذا القطاع خلال سنوات حكمه الخمسين.. إذ سعى جاهداً لكي يحط من قدره وقيمته بين الناس، حتى غدا المدرس والمتعلم، عموماً، أضحوكة في المجتمع.

لا يوجد مجتمع يسخر من متعلميه ومثقفيه كما كان الأمر في سوريا.. ولا يوجد مجتمع تعتبر فيه كلمة "أستاذ" سبة وشتيمة، إلا في سوريا.. فكيف تتوقعون من نظام، هكذا هي نظرته للمتعلم، أن يختار من يمثله في هذا القطاع سوى "التيوس"..؟!

لقد أراد النظام أن يجعل من سوريا غابة عامرة بالحيوانات، هو الأسد والباقي، "قرود وكرار وجحاش وتيوس".. وغيرها من الألفاظ النابية التي كان يحاول تعزيزها بين موظفيه الحكوميين بدءاً من قطاع الجيش والأمن وانتهاء بمديرية المسارح والموسيقا..

لذلك أجد كلمة "تيس"، لطيفة، بالمقارنة مع "البغال" الذين اختارهم النظام لقطاع الجيش والمخابرات.. بل هي مناسبة تماماً في هذا المفصل التاريخي من عمر الأزمة السورية والتي أضحى فيها ترشيد إنفاق المازوت، قراراً تربوياً، يستخدم للنيل من كرامة المدرس أمام الأجيال الذين سيربيهم..

ترك تعليق

التعليق