سوريون يهربون من زوجاتهم إلى أوروبا

تروي "سارة"، البالغة من العمر 26 عاماً، والمقيمة في مصر، قصتها مع زوجها الذي ذهب إلى ألمانيا منذ أكثر من سنتين، لكي يقوم بإجراءات لم الشمل لها، ثم اختفت أخباره بالكامل دون أن تعلم عنه أي شيء.

وتقول سارة: "عندما هربنا من دمشق قبل أكثر من ثلاث سنوات، عشنا أوضاعاً سيئة جداً في مصر، إذ لم يستطع زوجي الحصول على عمل، فاتفقنا أن يذهب هو إلى أوروبا تهريباً من ليبيا إلى السويد، ومن ثم يرسل لي عندما يحصل على أوراقه، لذلك مضت أشهر كثيرة دون أن أعرف مكان تواجده، وكنت أعتقد أنه في السويد، غير أني علمت منذ نحو العام أنه استقر في ألمانيا وحصل على اللجوء هناك".
 
وتتابع سارة: "زوجي يبلغ من العمر حاليا 31 عاماً، حاولت الاتصال به والتحدث إليه كثيراً، لكن لم يستجب لي، وبعد جهد أرسل لي رسالة عبر الواتس أب تقول /أنتي طالق/..!!".

وتضيف، "طلبت من أهلي في دمشق رفع دعوى طلاق منذ نحو خمسة أشهر، وأنا حالياً أنتظر الورقة التي تمنحني حريتي لأبدأ حياتي من جديد"، مشيرة إلى أنها تحمد الله لأنه ليس لديهما أولاد.

بكل تأكيد قصة سارة ليست هي الوحيدة ضمن عذابات السوريين، بل قد تكون الأقل ضرراً اجتماعياً على اعتبار أنه لا يوجد أولاد، فـ "حسين السالم"، اللاجئ في السويد، يروي قصة صديقه الذي جاء إلى السويد منذ نحو ثلاث سنوات وترك زوجته وأطفاله الأربعة في الأردن، على أن يقوم لهم بإجراءات لم الشمل.

 ويقول حسين أن "صديقه يضحك على زوجته، حيث يخبرها في كل مرة أنه تقدم لها بلم شمل إلا أن السلطات السويدية لم توافق حتى الآن"، ويضيف حسين أن صديقه الأربعيني، يسر له أنه لا ينوي إحضار أسرته بالمطلق وأنه يخطط لزيارتهم بالأردن كلما سنحت له الفررصة، بحجة أنه لا يريد لأولاده أن يفسدوا في المجتمعات الغربية.
 
ويتابع: "صديقي هذا يمارس حياة المجون في السويد بشتى أشكالها ثم يتصل بزوجته مطالباً إياها أن تحافظ على نفسها وعلى أطفالها إلى أن /يفرجها الله/".

وفي السياق ذاته، يقول ثائر، اللاجئ في فرنسا، والذي كان يعمل محامياً في سوريا، أن حالات هروب الزوج من أسرته أصبحت شائعة كثيراً، فمنهم من ترك أسرته في سوريا وهرب، ومنهم من تركها في البلدان المجاورة، مشيراً إلى أن هذه الأخيرة كارثية وعلى كل الصعد.

 ويردف ثائر: "أعتقد أن الأزمة السورية كان لها الكثير من الانعكاسات السلبية على حياة السوريين بشكل عام، فهي لم تقتصر فقط على الدمار والقتل والتشريد، بل امتدت إلى من قرروا النجاة بأنفسهم وأسرهم، حيث أن الكثير من الأزواج لم يستطيعوا تحمل نفقات الحياة الجديدة في الدول الأولى التي هربوا إليها، ما دفعهم للهروب من فشلهم ومشاكلهم بشكل نهائي".
 
وعن طبيعة الأزواج الذي يتركون أسرهم ويهربون، يرى المحامي ثائر، أن الحرب والمآسي اليومية التي عايشها السوريون خلال السنوات الأربع الماضية، جعلتهم على الأغلب يستسهلون المصائب ويتعاملون معها كأقدار، لافتاً إلى أن الفشل والإحباط واليأس والاكتئاب كلها تربة خصبة للقسوة، تجعل الإنسان يجرم بحق نفسه وحق أطفاله الذين ليس لهم ذنب.

ويرى ثائر أن حالات هروب الأزواج لازالت ضمن المعدلات العادية، مشيراً إلى أن هناك الكثيرين هربوا لكنهم لازالوا على تواصل مع أسرهم، غير أن هناك حالات لأزواج هربوا واختفت أخبارهم، وهي قليلة حسب قوله.

أما المرشد الاجتماعي، محمد العبد الله، فيرى أنه لا نستطيع أن نحكم على سلوك المجتمع السوري، فيما البلد تفور وتغلي ومنفتحة على كل المآسي، مضيفاً أنه في مثل هذه الحالات يتعرض المجتمع لهزات عنيفة وحركات تفكك شديدة الصعوبة، وفي كثير من الأحيان هي خارج إرادته أو لا يستطيع التحكم بها.
 
ويروي العبد الله أنه لم يخرج من سوريا، ويقوم حالياً بمساعدة مجموعة من المختصين، بزيارة الأسر التي فقدت أزواجها أو هرب أزواجها نتيجة لتعرض نسائهم للاغتصاب على يد عصابات النظام، لافتاً إلى أنهم يحاولون مساعدة هذه الأسر للتكيف مع الصعوبات الجديدة، كما أنهم يحاولون التواصل مع الأزواج الهاربين ومخاطبتهم لإنقاذ أسرهم.
 
ويرى العبد الله أن هذه الحرب لا بد أن تنتهي، وبنهايتها سوف تتدواى جراح الكثير من السوريين، ويختم: "حالياً لا نملك سوى المسكنات".

ترك تعليق

التعليق