"حالات".. بلدة نجت من "الهولوكست" الطائفي بريف حمص الغربي لكنها فُرّغت من شبابها

"حالات"، قرية حدودية مع الشمال اللبناني تقع إلى الجنوب من مدينة تلكلخ في ريف حمص الغربي، وهي قرية صغيرة بلغ عدد سكانها وهم من السوريين السُنة قبل الثورة حوالي (2500) نسمة، تجاورها قرية "عذير" المسيحية إضافة إلى عدد من القرى العلوية الموالية للنظام.

خلال الثورة السورية ومنذ بداياتها، لم يشارك أهالي قرية "حالات" بشكل مباشر في الحراك الثوري ولم تسجل أي ظاهرة مشاركة في الاحتجاجات أو المظاهرات أو حمل السلاح، ولكنها وبسبب موقعها الحدودي الهام مع الشمال اللبناني كانت معبراً لتمرير السلاح من لبنان إلى تلكلخ في البداية، ومن ثم أصبحت معبراً لهروب الشباب والعائلات من المنطقة إلى لبنان، الأمر الذي ألبّ عليها قوى أمن النظام والقرى المؤيدة المجاورة.

 عملت قوى النظام على إبقاء قرية "حالات" على الحياد عبر تفريغ القرية من شبابها، ولم تلاقي المصير الذي شهدته قرى الزارة والحصرجيه والشواهد والحصن، وذلك بعد اتفاق مع الأهالي بفتح طريق لشباب القرية، للخروج إلى لبنان، فخرج كل شباب قرية "حالات" وخرج معهم عدد من العائلات، ثم قامت قوات النظام بعملية دهم وتفتيش ولم تسجل أي حالات اعتقال أو تخريب للممتلكات.

وبعدها شُددت القبضة الأمنية عليها وأقيمت الحواجز وزرعت الألغام في كافة الأراضي المؤدية إلى لبنان. وانخفض عدد سكانها ليقارب (1300) نسمة، ومنذ ذلك الحين مازالت قرية "حالات" تعيش أماناً شكلياً يشوبه الخوف من الاعتقال أو الخطف، بغياب شبابها وبقاء كبار السن والنساء والأطفال.

 يعتمد معظم أهالي قرية "حالات" على أعمال الزراعة ويملكون الأراضي الزراعية والماشية ويعملون بأراضيهم وأرزاقهم، وشبابهم محرومون بشكل كامل من العودة إلى القرية، ومن يحاول اجتياز المنطقه الحدودية يكون مصيره الموت قنصاً أو بانفجار لغم.

النازحون إلى قرية "حالات"

 نزح عدد قليل من أهالي قرية الزارة والحصرجيه إلى قرية "حالات" وقد أقامو في المنازل الفارغة من أهلها دون فرض أجرة سكن، ولكن قوى أمن النظام أجبرتهم على كتابة تعهد وإلقاء مسؤولية على أصحاب المنازل وأقاربهم عن كل نازح يسكن في "حالات" حتى يضمن عدم فرار او هروب أحدهم إلى لبنان.

 المعيشة في "حالات"

 يعمل أغلب من نزح إلى "حالات" باﻷجرة في اﻷراضي الزراعية ومداجن ومزارع القرية، وبذلك يخففون بعضاً من ضيق العيش.

 اما رجال الأسر النازحة تقتصر إقامتهم ضمن القرية دون محاولة المرور على الحواجز الأمنية إلا للضرورة القصوى خشية الاعتقال التعسفي أو الخطف من محيط معادٍ طائفياً.

 التعليم في "حالات"

 تُعتبر نسبة التعلم قليلة فيها إلى يومنا هذا، فلم تبلغ نسبة المتعلمين في قرية "حالات" إلى يومنا هذا 10% مقارنة مع قرية "عذير" المجاورة والتي بلغ نسبة المتعلمين فيها 70%، فأهالي قرية "حالات" يعملون بالزراعة، وشبابهم يفضلون العمل في لبنان وأعمال التهريب حالهم كحال أبناء تلكلخ.

 وقبل بداية الثورة، ازداد اهتمام أهالي القرية بتعليم أبنائهم، ولكن باندلاع الثورة ومارافقها من قمع واعتقال اضطر أغلبهم للنزوح إلى لبنان مع شبابهم، ليدخلوا في تيه النازحين السورين في لبنان.

 مدارس وأعداد قليلة من الطلاب

 يواظب من بقي من أهالي القرية على إرسال أبنائهم إلى المدارس ولكن أعدادهم قليلة مع أبناء الأسر النازحة.

 وتوجد في "حالات" مدرسة ابتدائية تضم ست شعب من الصف الأول الابتدائي إلى الصف السادس الأساسي، بالاضافة لمدرسة إعدادية وأخرى ثانوية من الصف السابع الى الثالث الثانوي، ولوحظ عدم وجود شعبة ثاني ثانوي لقلة العدد مما اضطر الطلاب للدراسة في مدارس تلكلخ.

 مدرسون من خارج القرية

 وغالبية المعلمين في هاتين المدرستين هم من أهالي قرى النصارى وقليل من مدينة تلكلخ ومعظمهم من خارج الملاك يشتكون من ارتفاع أجور المواصلات مقارنة مع رواتبهم التي لا يتقاضونها إلا بعد انتهاء العام الدراسي مما يضطر بعضهم للانقطاع عن التدريس وبقاء الصفوف شاغرة دون مدرس حتى إيجاد المعلم البديل.

 لا وجود لمراكز حكومية خدمية في "حالات"

 تخلو قرية "حالات" من أي مركز حكومي أو ارشادي أو إصلاحي أو جمعيات باستثناء المدارس ومستوصف صغير بسيط يقدم إسعافات أولية ﻷهالي القرية وبعض اللقاحات للأطفال.

 قرية "حالات" نجحت حتى الآن في تجاوز الهولكوست الطائفي في منطقة ريف حمص الغربي، فهل تنجو بسكانها وتصل بر الأمان!

ترك تعليق

التعليق