بعد أن فقد كل شيء.. "أبو رأفت" يتمكن من الصعود مجدداً ليدهش الفرنسيين بالمأكولات الشامية




كثير من السوريين خرجوا مرغمين تاركين محلاتهم ومصانعهم ووظائفهم، لاجئين إلى دول الجوار، ليبدؤوا من الصفر أعمالاً جديدة، ومنهم من اضطر إلى تغيير مهنته بالكامل، وهو التحدي الأصعب الذي خاضه أبو رأفت، "مرعي الرز"، الذي تدرج من دراسة التصميم في المعهد الفرنسي في لبنان، بدرجة امتياز، إلى مؤسسة لاستيراد المنظفات في حمص، إلى مشروع المطبخ الشامي في الأردن، لإنتاج المواد الغذائية.

"اقتصاد" التقى أبو رأفت، ليروي لنا كيف بدأ مشروعه..

اضطر أبو رأفت للخروج من حمص مكرهاً، تاركاً عمله الذي بناه لسنوات، ويلجأ إلى الأردن. وجد أبو رأفت نفسه فجأة بدون عمل، وعزت عليه نفسه أن يسأل المساعدة من جمعية إغاثية أو منظمة إنسانية، فقرر أن يبدأ عملاً بسيطاً يعيل به أسرته، ويساعد به من يعرفهم من العائلات التي فقدت معيلها.
وبدأ مع بعض الأسر التي فقدت معيلها، فكان هذا المشروع خيط النجاة الذي تمسكوا به جمعياً. وبعد التشاور مع الأصدقاء قرر أن يبدأ بمشروع إنتاج المواد الغذائية التي اشتهر بها السوريون خاصة أن أهل الأردن، قليل منهم من لم يزر سوريا ويتعرف على أكلاتها الشهية، وكان في البداية هناك دعم مادي من بعض الأصدقاء ليخرج إلى النور "مشروع المطبخ الشامي".

*الصعوبات التي واجهها المشروع في بدايته

البداية كانت صعبة وخاصة في موضوع التسويق، فقد اقتصر على الأصدقاء والمعارف والجهود الشخصية، وبدأ البحث عن طريقة عملية أكثر للتسويق، فتم تأسيس صفحة على "فيسبوك"، والتي كان لها أثرها فعلاً، من خلال الطلبيات التي كانت تأتي من خلال أشخاص يتواصلون معهم ويتعرفون على المشروع من خلال المطبخ.

ومن أجمل المصادفات التي مرت معهم، كان هناك أخ سوري في الكويت يبحث على النت عن أحد ينتج المأكولات الشامية، وأثناء البحث ظهر له اسم صفحة المشروع، "مشروع المطبخ الشامي"، وكان هناك تعاون، وساعدهم كثيراً في تصريف المنتجات وقد لاقت رواجاً كبيراً في الكويت.

والمشكلة الأكبر كانت أن شروط الاستثمار في الأردن شبه مستحيلة بالنسبة لـ"أبو رأفت"، فالمبلغ المطلوب والشروط خارج إمكاناته، وهذا ما أدى إلى صعوبة التصدير إلى دول الخليج، التي طلب فيها بعض التجار من المشروع كميات كبيرة ولكن حال دون ذلك قيمة الشحن المرتفعة، بسبب عدم وجود شهادة منشأ، لأنه لا يوجد ترخيص أصلاً.

والأهم هو عدم وجود سيولة مادية كبيرة والتي تنعكس سلباً على كميات الإنتاج، فمعظم المواد الأولية لها مواسم محددة تنتهي فيها، لذلك تنفذ البضاعة بعد الموسم بأشهر بسيطة، "لننتظر الموسم القادم"، كما يقول أبو رأفت.

*التميز والجودة هي الحل

بدأ أبو رأفت وفريقه بتطوير منتجاتهم، واستبدال العبوات البلاستيكية بالزجاجية، وبالتجربة بدأت المنتجات تصل لمرحلة الجودة العالية، وهنا كانت نقطة التحول، فقد طلبت الشركة الفرنسية الأولى في الأردن، والتي تعمل في مجال الأغذية، أن تتعامل مع المشروع، وفعلاً ذهب أبو رأفت ومعه العينات، فأخبروه أنهم سيخضعون العينات للفحص، ليتأكدوا من جودة المنتجات، وبعد شهر تمت الموافقة وبدأت مرحلة جديدة، وحققت منتجات "مشروع المطبخ الشامي" أعلى المبيعات والطلبيات لدى الشركة الفرنسية لأنها طبيعية 100%، ولا تحتوي على أي مواد حافظة، مع أن الشركة الفرنسية لديها أصناف من شتى دول أوروبا.

*الأصناف التي يتم إنتاجها وضبط معايير الجودة

بدأ أبو رافت وفريقه بالعمل بنظام الجودة، فلديهم معايير ثابتة، فالمقادير والمكونات الخاصة بكل منتج تحفظ وتكرر في كل مرة مع السعي لتطوير المنتج باتجاه الأفضل.

يضيف أبو رأفت أن هناك كثيراً من الأصناف جلبها من سوريا كالورد والتوت الشامي.

أما عن الأنواع فهي كثيرة، فاللبنة صار لديهم منها 7 أنواع بنكهات مختلفة، فمن نكهة الزعتر البري إلى حبة البركة، إلى الشطة إلى الباربيكا وهكذا، إضافة إلى الكشكة ودبس البندورة ودبس الرمان طبعاً، والمكدوس في المقدمة، والسمن العربي، المخللات بأنواعها، اللفت، الخيار، الفليفلة، الزهرة، العجور، الخوخ، الفاصوليا، الجارنك، اللوز الأخضر.

بالإضافة إلى خل التفاح الطبيعي والملوخية والبامية والزيتون والجبنة والزعتر.
ومن ضمن الابتكارات الجديدة ورق العنب باللبنة، وقد لاقت رواجاً كبيراً، بالإضافة إلى أنواع مختلف من الشنكليش.

*التفاؤل بالقرارات الجديدة بخصوص فتح سوق العمل أمام السوريين

أكد أبو رأفت أنه متفائل بخصوص قرارات مرتقبة لفتح سوق العمل أمام السوريين في الأردن، إذ صارت الحاجة ملحة لترخيص رسمي، وحينها سينطلق المشروع بقوة أكبر، والهم الأساسي، حسب أبو رأفت، هو تشغيل السوريين وتأمين فرص عمل لهم، وهذا هو الهدف من المشروع، إلى جانب فتح مجالات أوسع للبيع الداخلي والتصدير.

"مشروع المطبخ الشامي"، هو أحد المشاريع السورية التي نجحت في الأردن مع الصعوبات التي تواجهها، لكن تبقى مثالاً على قدرة العقل السوري على الاستثمار والنجاح.

ترك تعليق

التعليق