ما بين تحديات الدين وبيروقراطية الإجراءات.. هل مازالت ألمانيا من أفضل الدول في استقبال السوريين؟


الإجراءات الحالية تهدف للتخفيف من جاذبية اللجوء في ألمانيا.

نسبة السوريون 14% فقط من مجموع مليون لاجئ وصلوا ألمانيا في العام 2015.

بعد الحصول على حق اللجوء يُعامل اللاجئ تماماً كمعاملة أي ألماني من حقوق وواجبات.

العائق الأكبر هو عائق اللغة.

سياسة الباب المفتوح لاستقبال اللاجئين في ألمانيا لن تستمر.

الكلام عن رغبة الألمان في تغيير دين اللاجئ أو ابتعاده عنه كشرط للاندماج ليس صحيحاً.


يتحدث الكثيرون عن معاناة السوريين اليوم في ألمانيا، وخصوصاً لجهة الحصول على منزل، أو تعلم اللغة، إضافة إلى الوضع المعيشي الحالي والصعب في الصالات المؤقتة، وفي مراكز اللجوء.
 
فما هي حقيقة الوضع الحالي للسوريين في ألمانيا؟، وهل هناك أي مشاكل من الناحية الإنسانية أو الاقتصادية؟، وهل يستطيع السوريون العمل في ألمانيا؟

للإجابة على ما سبق  التقى "اقتصاد" مع فواز تللو، سياسي وكاتب سوري مقيم في ألمانيا، في حوار موسع بدأه بالإشارة إلى أن العدد التقريبي للسوريين في ألمانيا قبل الثورة كان يقارب السبعين ألفاً، معظم البالغين منهم يحملون شهادات جامعية، وكل السوريين تقريباً يعملون ويدفعون الضرائب ولا يتقاضون أي إعانات اجتماعية للعاطلين عن العمل، وربما مثلت الجالية السورية أرقى جالية أجنبية في ألمانيا ينظر لها الألمان شعباً وحكومةً باحترام شديد، "وهو ما سمعته في الربيع الماضي من مسؤول الدائرة القانونية للأجانب في وزارة الداخلية الألمانية".

(فواز تللو - صورة أرشيفية)
 
ما يقارب الربع مليون سوري في ألمانيا

وأضاف "فواز تللو": "اليوم يبلغ العدد التقريبي لمجمل اللاجئين السوريين الذين وصلوا إلى ألمانيا خلال خمس سنوات ما يقارب الربع مليون متنوعي المشارب والمؤهلات العلمية، استغل الفرصة معهم مئات الآلاف من الباحثين عن تحسين حياتهم من بلاد لا يوجد فيها حروب في شمال إفريقيا ولبنان والعراق (كرد وشيعة) وإيرانيين وأفغان كانوا يعيشون في إيران من عقود، وألبان وصرب شيشان وغيرهم".

واستطرد "تللو": "فمثلاً كانت نسبة السوريون 14% فقط من مجموع مليون لاجئ وصلوا عام 2015، وهو ما شكل رقماً قارب ثمانية أضعاف ما يأتي ألمانيا سنوياً من لاجئين بشكل وسطي، وهو أمرٌ شكل ضغطاً كبيراً غير محسوب لإدارة ألمانية وطريقة تفكير بيروقراطية تقدس العمل المبرمج المخطط له مسبقاً، وهو ما استدعى افتتاح مخيمات (مدفئة ومخدمة) داخل صالات كبيرة وازدحام هائل على الدوائر الرسمية التي تتابع أمورهم، ولاحقاً مشكلة إيجاد سكن في بلدٍ يعمل وفق دراسات النمو السكاني المحسوبة لعقود فإذا به يفاجأ بحجم طلب هائلٍ غير محسوب (وهو أمر موجود في السويد أيضاً)".

 وبيّن "تللو" أنه لا شيء مقصود كما يشاع ولا استهداف للسوريين والأمر طبيعي، وإن بات من الملاحظ ظهور تدريجي لبعض التأخير المتعمد في إجراءات اللاجئين بهدف تخفيف جاذبية اللجوء في ألمانيا.

(إجراءات تستهدف التخفيف من جاذبية اللجوء لألمانيا)

تنتحل صفة السوري للحصول على اللجوء

وتابع "تللو": "الحكومة تحاول فرز اللاجئين وتسريع إجراءات الطرد التي كانت تطول لعام واثنين لأسباب بيروقراطية، طرد بحق من لا يستحقون اللجوء من جنسيات أخرى نسبة فرص حصولهم على اللجوء تتراوح ما بين 10-60% حسب منطقتهم، ويجري فرزهم عن السوريين الذين يحصلون بشكل أوتوماتيكي على حق اللجوء بنسبة 100% مع العلم أن هناك من ينتحلون صفة السوري بوثائق مزورة أو مسروقة وأحياناً أصلية خاصة من لبنان من أتباع "حزب إيران في لبنان"، حيث كان هؤلاء قبل وصول السوريين يمثلون الجالية العربية الأكبر، أتت إلى ألمانيا منتحلة صفة الفلسطيني اللبناني بعد عام 1982 وهي تنتحل اليوم صفة السوري للحصول على اللجوء، ولهم مشاكلهم الكبيرة مع المجتمع والقانون الألماني".

(مهاجرون يدخلون إحدى كامبات الإقامة المؤقتة بألمانيا)

اللاجئ يحظى بنفس حقوق الألماني
 
وأوضح " تللو": "هناك مجموعة قيم من المهم أن يتنبه لها اللاجئ السوري، تمثل المدخل للقبول في المجتمع الألماني مثل الصدق والجدية وثقافة العمل والاحترام والتهذيب والالتزام بالقانون، هي قيم الاندماج الحقيقية المرغوبة أما الكلام عن رغبتهم في تغيير دين اللاجئ أو ابتعاده عنه كشرط للاندماج كتناول لحم الخنزير والكحول والانفلات الأخلاقي فذلك ليس صحيحاً، فقيم الاندماج الحقيقية التي ذكرتها تكفي ليفتح معظم الألمان قلوبهم للشخص، نعم هناك نظرة نمطية للمسلمين رسخها الإعلام وممارسات البعض (من غير السوريين) والمشكلة أن النظرة يتم تعميمها أحياناً لينظر البعض للحجاب بتحسب قد يؤثر على فرصة العمل أحياناً لكن سرعان ما يزول ذلك إن تصرف اللاجئ بشكل حضاري".

(مهاجرون في إحدى كامبات الإقامة المؤقتة بألمانيا)

العائق الأكبر هو اللغة

 وفي رأي "تللو" فإن من حق اللاجئ العمل في ألمانيا بل إن ذلك يمثل هدفاً رئيسياً للحكومة وبرامجها فثقافة العمل مقدسة وتحظى باحترام شديد، ومراكز البطالة ليست هدفاً دائماً بل تهدف لتأهيل اللاجئ والألماني للعمل حيث يحظى اللاجئ بنفس حقوق الألماني تماماً باستثناء حق انتخاب البرلمان،  لكن العمل ليس سهلاً في ظل اللغة حيث لا فائدة كبيرة للغة الانجليزية هنا، كما لا وجود لرجال أعمال سوريين ولا مشاريع إلا ما ندر ومن المبكر الحديث عن هذا في السنوات الأولى من اللجوء مع العلم أن الكثيرين وصلوا إلى ألمانيا بعد أن فقدوا كل شيء.

واستطرد "تللو": "في ألمانيا وبعد الحصول على حق اللجوء يُعامل اللاجئ تماماً كمعاملة أي ألماني من حقوق وواجبات - باستثناء حق الانتخاب للبرلمان- وجواز السفر، والعائق الأكبر هو اللغة، لذلك وبدلاً من الشكوى فإن على الشباب والصغار بذل الجهد لتعلم اللغة لتُفتح أمامهم كل الأبواب، فالتعليم بكل مراحله مجاني ومتاحٌ لمن يملك القدرة دون تمييز هنا".
 
سياسة الباب المفتوح لن تستمر

وحول سياسة الباب المفتوح لاستقبال اللاجئين في ألمانيا أشار "تللو" إلى أنها لن تستمر، وهناك ضغط كبير على المستشارة "ميريكل" من قبل كل الأحزاب بمن فيهم حزبها "CDU الاتحاد الديموقراطي المسيحي"، والحزب الشقيق الأهم المتحالف معه من ولاية بايرن/ميونخ حزب "CSU الاتحاد الاجتماعي المسيحي"، الذي أثار جدلاً واستغل الموقف السلبي المتصاعد تجاه اللاجئين للطلب من ميريكل الانسحاب وعدم ترشيح نفسها مجدداً مهدداً بالانسحاب من التحالف بينهما منذ الوحدة الألمانية الذي سمح لهما بقيادة البلاد خلال أربع دورات انتخابية مع احتفاظ "ميريكل" بمنصب المستشارية، وهو غالباً ما سيحصل حيث من المرجح انسحاب "ميريكل" قبل الانتخابات القادمة.

ترك تعليق

التعليق