تكلفة الطرف الصناعي تصل إلى 1300 دولار.. تقدمها مؤسسة إنسانية مجاناً في درعا


مع استمرار الثورة السورية التي ماتزال جذوتها مشتعلة منذ خمس سنوات، وبسبب توقف العديد من المؤسسات الحكومية العائدة للنظام عن تقديم الخدمات للمواطنين في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة السورية، ظهرت في الجنوب السوري العديد من المؤسسات المدنية، التي أخذت على عاتقها الاهتمام  بحياة المواطنين، وتقديم الخدمات المختلفة لهم وفقاً للإمكانيات المتوفرة والمتاحة.

وتعد مؤسسة "فجر الأمل للتأهيل والرعاية الطبية"، واحدة من تلك المؤسسات الناشئة في الجنوب السوري، وتكاد تكون الوحيدة التي استطاعت رغم حداثة نشأتها، أن تقدم الكثير من الخدمات العلاجية والتأهيلية لفئة من ضحايا الحرب الدائرة  في سوريا، وهي فئة ذوي الاحتياجات الخاصة، وتحديداً، مبتوري الأطراف السفلية والعلوية  بفعل الألغام والأعمال العسكرية، وهي فئة يزداد عدد ضحاياها يوماً بعد يوم مع تصاعد تلك العمليات.

ويقول محمد العلي، المدير التنفيذي للمؤسسة، "إن فكرة  إنشاء المؤسسة ظهرت لدى بعض الشباب الطموح، من المختصين بصناعة الأطراف الصناعية في المنطقة الجنوبية، بهدف التخفيف من معاناة ضحايا القتال من المدنيين، الذين كثر تواجدهم في المجتمع، للعمل على إعادة الأمل إلى نفوسهم من خلال تأهيلهم، للقيام بدورهم  المجتمعي الفاعل".

وأشار العلي إلى "أن مؤسسة فجر الأمل  للتأهيل والرعاية الطبية"، هي مؤسسة مدنية إنسانية علاجية غير حكومية، ذات شخصية اعتبارية مستقلة، لا ترتبط بأي جهة سياسية أو عسكرية، وهي مؤسسة تعليمية غير ربحية، ملتزمة بمبادئ العمل الإنساني، يقع مقرها في المنطقة الجنوبية من سوريا، وتحديداً في محافظة درعا، لافتاً إلى أن المؤسسة "تهدف إلى تنفيذ مشاريع إنسانية اجتماعية وتعليمية في الداخل السوري، وإلى  تقديم الرعاية والعناية الطبية لكافة المرضى، وتأهيل مرضى الأطراف الصناعية ومرضى الإعاقات الحركية، وتقديم العلاج الفيزيائي والدعم النفسي للمرضى والجرحى المدنيين، وتخفيف المعاناة عنهم، وفقاً للقانون الدولي ومعايير الأمم المتحدة، إضافة إلى إقامة علاقات تعاون مع المؤسسات والمنظمات المحلية والدولية العاملة في نفس المجال.

وأضاف العلي "أن المؤسسة وبهدف القيام بواجباتها بالطرق المثلى حصلت على موافقات وعلى تراخيص مزاولة عملها من مجلس محافظة درعا المحررة، منذ منتصف العام الماضي"، مشيراً إلى أن المؤسسة تعمل بالتعاون والتنسيق مع روابط ومؤسسات ومنظمات، معترف بها خارج سوريا.

وأشار إلى أن المؤسسة تتألف من مجلس إدارة مكون من خمسة أعضاء ومن عدد من العاملين والمختصين، لتسيير أعمالها وفقاً للأنظمة والقوانين الدولية المرعية في عمل المؤسسات الإنسانية.

من جهتها، قالت أسماء الموسى الاختصاصية في صناعة الأطراف الصناعية وأحد أعضاء مجلس إدارة المؤسسة، "إن المؤسسة ورغم حداثتها وإمكاناتها المحدودة وتجهيزاتها المتواضعة نسبياً، استطاعت أن تقدم خدمات علاجية كبيرة في مجال الأطراف الصناعية حيث شملت خدماتها المجانية خلال ستة أشهر الماضية، تركيب 156 طرفاً صناعياً سفلياً وعلوياً وخمسة أجهزة شلل"، لافتة إلى وجود نحو 133 طلباً مقدماً من مرضى ينتظرون دورهم، لتركيب الأطراف الصناعية في المؤسسة.

وأضافت أن "المؤسسة لا تقدم  الأطراف الصناعية وحسب بل وتقدم أيضاً خدمات علاجية أخرى مرافقة ومتصلة، إذ قدمت أيضاً العلاج الفيزيائي لأكثر من مئة مريض راجعوها بإصابات مختلفة خلال نفس الفترة، كما وقدمت الدعم النفسي لنحو 150 مريضاً آخرين"، لافتة إلى أنه يدخل في مجال عمل المؤسسة خدمات علاجية أخرى، منها خدمة العلاج بالجبائر البلاستيكية والأجهزة التعويضية، وتقدمها مجاناً لعشرات المرضى والجرحى والمصابين.

وقالت الموسى "إن مؤسسة فجر الأمل، يحدوها أمل وطموح واسع وكبير فيما لو توفر لها الدعم المادي اللازم والكافي، والجهات والمنظمات الداعمة، وهي تعمل على تطوير نفسها، وتسعى إلى توسيع دائرة عملها ونشاطاتها، من خلال افتتاح فروع جديدة لها في عدة مناطق في الجنوب السوري، وذلك بهدف الوصول إلى أكبر عدد ممكن من المرضى ومحتاجي خدماتها، وستفتتح قريباً مركزاً جديداً لها، في بلدة تسيل في منطقة نوى في ريف درعا الغربي", منوهة إلى أن مؤسسة فجر الأمل للتأهيل والرعاية الطبية، التي يقع مقرها في بلدة الشجرة، تنفذ مشروعها العلاجي بالشراكة والتعاون مع "الرابطة الطبية للمغتربين السوريين- سيما"، حيث يقدم المشروع خدمة الأطراف الصناعية والعلاج الفيزيائي والدعم النفسي لجميع المرضى والجرحى في الداخل السوري، مجاناً.

وأكدت الموسى"أن تكاليف الأطراف الصناعية عالية جداً، فيما لو قدمت في القطاعات الأخرى", لافتة إلى أن تكلفة الطرف الميكانيكي تحت الركبة تقدر بنحو ألف دولار، فيما تقدر تكلفة الطرف الميكانيكي فوق الركبة بنحو 1300 دولار، لكن المؤسسة تقدمها مجاناً، وتحرص دائماً على أن تكون بمواصفات عالية الجودة، وهي تهدف بذلك إلى التخفيف قدر الإمكان من معاناة المصابين وتكاليف علاجهم المادية، حسب الموسى.

الحاج عز الدين فنيش، 67 عاماً، من بلدة الرفيد في محافظة القنيطرة، أحد المستفيدين من خدمات فجر الأمل، قال "بينما كنت أسير في حقلي الزراعي جاءت قدمي على لغم من مخلفات قوات النظام، فانفجر وقطع ساقي من تحت الركبة، لقد شعرت بالعجز وعدم القدرة على مساعدة نفسي، وكان العكاز قد سبب لي آلاماً شديدة، لكن بعد مراجعة مؤسسة فجر الأمل، وتقديم طرف صناعي لي، تغير وضعي الصحي والنفسي، وأصبحت أعتمد على نفسي في قضاء حوائجي، والحمدلله، لم أعد احتاج لمساعدات خاصة من أحد, أقوم وأجلس وأتحرك بحرية تامة الآن".

أما رنا الزامل، 25 عاماً،  من القنيطرة أيضاً، فقالت: "لقد تعرضت لحادث أدى إلى قطع ساقي من تحت الركبة، وأنت تعرف حجم الألم النفسي الذي يحدثه ذلك، لفتاة بعمري، لكني بحمد الله وبفضله تجاوزت هذه الآلام، والآن أصبحت أفضل، بعد أن تم تركيب طرف صناعي لي في مؤسسة فجر الأمل، التي تبذل مشكورة جهوداً كبيرة لمساعدة المرضى أمثالي، وتسهر على راحتهم بلا مقابل".

فيما توجه راضي الرحيل، 30 عاماً، من بلدة نصيب في محافظة درعا، بالشكر الجزيل للعاملين في المؤسسة، على الخدمات الكبيرة التي تقدمها لذوي الاحتياجات الخاصة، لافتاً إلى أنه تعرض لشظية من براميل الأسد التي ألقاها الطيران الحربي فوق بلدته، ما أدى إلى بتر ساقه من فوق الركبة، الأمر الذي جعله يعيش معاناة قاسية بطرف مبتور، لكنه استعاد توازنه النفسي والجسدي، بعد تركيب طرف صناعي"، مضيفاً أنه يعيش وقد تلاءم مع إصابته، وأنه يمارس أنشطته المعتادة دون الحاجة لمساعدة الآخرين كما قال.

ترك تعليق

التعليق