اقتصاديات.. عبيد يحاسبون أذلاء

المهزلة التي نفذها مجلس الشعب التابع للنظام الذي تنتهي ولايته خلال شهرين، باستجوابه وزيراً لم يمض في منصبه سوى بضعة أشهر، تعكس حالة الضياع التي يعيشها النظام، والذي بدأ يشعر أنه لم يعد له دولة ولا حكومة ولا شعب..

وزير التجارة الداخلية الذي جرى استجوابه، وجد نفسه في مجلس الشعب كـ "الهتيشة"، يواجه ملفات فساد تنوء الجبال عن حملها، وهو غير مسؤول عنها بحكم أنه لازال في "كرتونته"، ما جعله يدرك متأخراً بأنه منذ البداية تم "استوزاره" لكي يكون كبش فداء.. وهو بالفعل كبش، سواء تم التضحية به أم لا..
 
وسائل إعلام النظام عرفت أن الاستجواب ليس أكثر من مسرحية هزلية الهدف منها الدعاية لمجلس الشعب قبل الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها في نيسان القادم، وهو تحليل خرافي لواقع الحال في سوريا.. فمنذ متى كان مجلس الشعب ينطق عن الهوى..؟!

بكل الأحوال، المسرحية لم تستمر طويلاً، فقد خرج الوزير سليماً من الجلسة، ولم تلتصق به سوى تهمة فساد واحدة ذات علاقة بصفقة شاي مخالفة للمواصفات.. وهي أهون مما لو كانت صفقة متة فاسدة..!!

وجرى تنبيه الوزير بألا يعيدها في المرات القادمة، لتنتهي الجلسة بعناوين إعلامية كبيرة تقول: "مجلس الشعب يستجوب وزيراً لأول مرة منذ عقود"..، وبعضها عنون خبره، بأن فكرة الاستجواب كانت جيدة لكنها متأخرة أربع سنوات على الأقل..!!

على نفس الموقع الذي جرى فيه الإشادة بمجلس الشعب لأنه استجوب وزيراً، كان هناك مقابلة مع الدكتور أكرم عمران، صاحب صفحة "فساد سوريا في زمن الاصلاح"، يقول فيها، أنه في كل قضية فساد كان يحاول الإشارة إليها أو الكتابة عنها، كان يتلقى سيلاً من التهديدات والضغوط، دون أن يشر إلى من كان يهدده أو يضغط عليه.. وكأن أحداً لا يعلم من هي الجهة الوحيدة التي تستطيع أن تضغط وتهدد في سوريا..؟!

الاستغراب الذي تتركه جلسة مجلس الشعب وهذه المقابلة، هو هذا الحديث المنفتح عن الفساد، في الوقت الذي بات فيه الفساد جزءاً من هيكلية النظام وتركيبته وهيبته.. ولولا أنه حديث بين عبيد وأذلاء لكنا قلنا أن النظام تغير كثيراً.. لكن هيهات أن يتغير ذنب الكلب الأعوج، بالتعبير السوري للكلمة، وليس بالتعبير الروسي..  وشتان ما بين التعبيرين..!!

ترك تعليق

التعليق