"فارس الشهابي" كنموذج للسني المؤيد- الجزء الأول


لقد اعتاد الشعب السوري، ولا سيما في ظل الحالة التي نعيشها جميعاً، وبصورة مستمرة على المفاجآت المدوية لأبواق النظام وعباده المؤيدين، وذلك بأشكال وأساليب متعددة من كلمات، وتعابير، وتصرفات، وأخيراً فعاليات، ولا سيما في موسم السنة الكبيسة الحالية (انتخابات مجلس الشعب).

وبعيداً عن أي نقاش يتعلق بطبيعة النظام الطائفية، فإننا شاهدنا كيف تصدر الكثير من العلويين شاشات الإعلام للدفاع عن النظام، والخوض في الصراع بصورة "شعبوية" و"تعبوية"، لكنها لم تأخذ منحنىً "تصفوياً" – إن صحت التعبيرات - ولم يتم الإعلان صراحةً برغبة رسمية أو شبه رسمية بإبادة الطرف الآخر، إلا من قبل (علي كيالي- معراج أورال) وهو علوي تركي ذهب أدراج الرياح، في إطار صفقة تنظيف، ورئيس المخابرات الجوية اللواء (جميل الحسن) الذي قيل–دون دليل على ذلك- أنه طلب السماح له بقتل مليون "سني" لإنهاء الأزمة، والمرشح بشكل كبير أن يكون ممن سيتم تغييبهم في المرحلة المقبلة.

 وأخيراً طبيب الأسنان الأحمق (طالب إبراهيم) إثر استفزازات من أحد المذيعين كشفت عن وجهه الطائفي القبيح عندما دعا لاستخدام كل وسائل الإبادة، رغم أنه كان يتحدث بصفته عضواً في مجلس الشعب الذي تم انتخابه في السنة الكبيسة الماضية /2012/.

أما بالنسبة لمن هم محسوبين على "السنة" في سورية، والذين ارتبطوا ارتباطاً عضوياً بالنظام مصلحياً ومصيرياً، فإن الموضوع مختلف تماماً، حيث قطع بعض هؤلاء أشواطاً ليس في التسبيح بحمد النظام والتشبيح له وحسب، وإنما أيضاً في دعوات القتل والإبادة والإرهاب، وبلا حدود أو ضوابط، لا أخلاقية ولا دينية ولا حتى مناطقية؛ فوجدنا (سعيد بخيتان)، وهو ابن ريف حماة- يردد على مسامع رفاقه البعثيين حديث "صعود ثلثي الأمة بالتضحية بالثلث"، مؤولاً إياه بإمكانية قتل سبعة ملايين سوري لبقاء أربعة عشر مليون سوري آخرين، يعيشون بأمان تحت سلطة بشار الأسد، وذلك تزامناً مع مظاهرات (حماة) التي قضَّت مضاجع النظام.

كما خرج على الإعلام (المفتي حسون) وهو يفتي بالقتل الجماعي لكل من هم في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، بعد سنة تقريباً من تهديده العلني ومن المسجد بشن حملة إرهابية على أوربا والغرب.

ولا يخفى تمسك النظام بالواجهة "السنية" (فهد الفريج) وزير الدفاع، بعد تصفية سابقيه بتفجير خلية الأزمة الشهيرة، كدمية أو كشكلٍ "ديكوري" مقصود لغايات سيكون لها توظيف مهم في المستقبل.

ولأن حلب كانت خط الجبهة الرئيسية، فكان من الضروري خلق "البوق" المحلي ذي البعد الوطني المناسب لأهمية تلك الجبهة في الصراع السوري، وعلى ما يبدو أن تجربة اللواء (مصطفى التاجر) الذي شغل منصب رئيس فرع فلسطين، والتي تم العمل عليها إبان أحداث الثمانينات، ألقت بظلالها في استبعاد الخيار العسكري والأمني في شخصية رجل المرحلة، نظراً لما شكله من عبء في مرحلة لاحقة، أدت إلى الاضطرار لقتله وهو في منصب نائب رئيس المخابرات العسكرية في أيلول من عام /2003/ للتخلص من عبئه وأسراره ونشاطاته الفردية والعائلية، وبعد تأكد النظام من تواصله مع الأمريكيين.

 لذلك كان لابد من مواصفات خاصة رديفة ليكتمل الفريق "السني" المُسبح والمُشبِّح للنظام، والإرهابي أيضاً، فصفة الإرهابي يجب أن تكون لصيقة بـ"السني" حتى لو كان موالياً.

وعلى ما يبدو أن (فارس الشهابي) كان الخيار التوافقي الأقوى بين المحفل والنظام، نظراً لما يتمتع به في سيرته الذاتية من عوامل الفشل والفساد والطموح اللازمة والمؤثرة لرميه إلى المسرح ليلعب الدور المرصود له ولأمثاله، هذه العوامل التي تعطي هامشاً واسعاً لاستخدام الأداتين الشهيرتين: العصا والجزرة، في توجيهه ونفخه دون أن يشكل في المستقبل عبئاً ذي قيمة ما دام بعيداً عن ركن القوة الأساسية في النظام، وهو الركن العسكري والأمني.

وفعلاً، وبعد أن تمكن عبر عائلته من تأمين الحبلين السريين المؤهلين لعلاقة وطيدة مع النظام، والمحركين له في دوره المسرحي عبر (الإسلام الصوفي) الذي كان وما يزال لعائلة الشهابي دوراً فيه في حلب، و(اشتراكية المال والسلطة) عبر مجموعة (شام القابضة) والنشاطات الاستثمارية في المجال المالي، ثم سرقته عبر تدخل مباشر من الأمن، منصب رئيس غرفة صناعة حلب ثم اتحاد غرف الصناعة السورية، أخذ (فارس الشهابي) يتصدى منذ انطلاقة الثورة السورية، وبكل ما أوتي من شراسة وطموح لدور البوق الأكثر تهديداً ووعيداً ليس للمعارضة وحسب، وإنما أيضاً للمدنيين وقاطني المناطق التي خرجت من سيطرة نظامه مطالباً بإبادتهم، مع هامش واسع (تجميلي) من القدرة على انتقاد الفساد الذي عشعش بصورة مطردة وأكثر تأثيراً في مؤسسات النظام الخدمية، وكان لا بأس من فترة لأخرى من الطعن ببعض الشخصيات هنا وهناك في سعي دائم للبقاء تحت الضوء، مدعوماً بوسائل إعلامية جعلت من ظهوره الدوري على شاشاتها وصفحاتها العنكبوتية يحمل نوعاً من التشويق والإثارة، في طيش يضطر إليه كل من هو (سني) من رجال النظام، ليؤكد شراسته وتبعيته العمياء لشخص المعتوه والمجرم الأول (بشار الأسد).

ثم أتت السنة الكبيسة كعادتها في سوريا بانتخابات مجلس "الإجماع والتصفيق"، ليكون (فارس الشهابي) المرشح الأكثر حضوراً فيها، وليتم تجنيد كل ما شاء تجنيده فيما أطلق عليه حملته الانتخابية، مستشعراً بنفسه رجل الديمقراطية الشعبية الأول في حلب، ومقدماً نفسه كقدوة للشباب في حلب وحذوة لهم.

وهكذا أطلق هذا الحذوة الماسونية المُلَمَّعة حملته الانتخابية بطريقة لم تكن لتخطر على بال، حيث "تعشبق" على منبر كلية الاقتصاد بجامعة حلب محاضراً في الاقتصاد على هيئتها التدريسية وطلابها، من نفس المكان الذي خرَّج عشرات الدكاترة وأنا منهم، ليتنقَّل بعد ذلك في جولات ميدانية عبر حملته الانتخابية "العسكرية" برفقة ضباط ميدانيين في المنطقة الصناعية بـ(العرقوب)، ثم في (قلعة حلب) برفقة مخرج "جهاد النكاح" (نجدت أنزور)، مزيناً تلك الحملة "الوطنية" بلقاءات خطابية وصور مع الكادحين من عمال النظافة والشباب والتلاميذ الفقراء المحشورين في مدرسته الخيرية، أضف إلى من تبقى من "الكومجية" ومصلحي السيارات من الأقلية الأرمنية، ثم ليعود إلى نقابة المهندسين منظراً ومعلماً "كشيخ كار" على من أجبرهم أن يكونوا زملاء له بتعديل شهادته في وقت سابق، ومُنهياً فعاليته الانتخابية اليوم بانتخابه لنفسه في كلية الهندسة الكهربائية والميكانيكية بجامعة حلب، وهي الكلية التي فشل فيها في عامي 1990 و1991 من النجاح في مادة واحدة، قبل أن يتم إرساله إلى قريبه (حازم حكمت الشهابي) في الولايات المتحدة حيث نال شهادة الهندسة من كلية لم يُسمع بها لا من قبل ولا من بعد.

إنه (فارس الشهابي) الذي سنهنئه - على الأغلب- غداَ بمقعد يستحقه، في مجلس يستحقه، بمقال آخر، يستحقه، ليكون عن حق بدايةً يستحقها كعضو فعال وتاريخي في مجلس السنة الكبيسة.

ترك تعليق

التعليق