النظام.. والخيار الثاني في مرحلة اقتصادية حاسمة

يكاد لا يصدق أحد أن في سوريا مشكلة كبيرة وحرب وهو يطلع على نتائج أعمال مؤسسات الدولة الاقتصادية في الربع الأول من العام الحالي.. فالأرباح حدث ولا حرج، حتى شركة المخابز، التي توصف بأنها خاسرة ومدعومة، أعلنت عن أكثر من 140 مليون ليرة من الأرباح..!!، فما حقيقة هذه الأرقام، ولماذا بدأت تعلن هذه المؤسسات عن نتائج أعمالها  بعد صمت استمر أكثر من ثلاث سنوات..؟!

يحدث في الدول التي لا تحترم نفسها ولا تحترم شعبها، أنها تلجأ في كثير من الأحيان إلى البروبوغندا الإعلامية، للتغطية على فشل وشرخ كبير في بنيتها..

ومن هذا المنطلق، يحاول نظام الأسد عبر الإيعاز لمؤسساته الاقتصادية، بالحديث عن نشاط وأرباح، أن يوصل رسالة لحاضنته ولمعارضيه بنفس الوقت، بأن عجلة الإنتاج في البلد بدأت تدور، وما هي إلا مسألة زمن، حتى يمتلك النظام السيولة اللازمة لتحسين الوضع الاقتصادي للبلد والناس..

لكن من يقرأ الأرقام الصادرة عن هذه المؤسسات، وهويتها، يكتشف اللعبة على الفور.. فالحديث عن إيداعات تتزايد في المصارف الحكومية، بكل تأكيد ليس مصدره الناس، وإنما المؤسسات الحكومية ذاتها التي جرت العادة أن تضع موازناتها ورواتب موظفيها في البنوك الحكومية، غير أن النظام حاول تقديم الأرقام على أنها إيداعات للناس..

 والجديد في الموضوع أنه خلال السنوات الثلاث السابقة لم يكن النظام يعلن عن هذه الإيداعات، وحالياً أخذ يعلن عنها دون تبيان مرجعيتها..

وما ينطبق على المصارف الحكومية يمكن سحبه على باقي المؤسسات.. مثل شركة الأسمدة التي أعلنت عن مبيعات في الربع الأول بأكثر من ملياري ليرة سورية.. فهي لم تعلن عن الأرباح في بياناتها، ما يشير إلى أحد احتمالين، إما أنها خاسرة، أو أن أرباحها هزيلة جداً لا تستحق الذكر.

ونفس الشيء عند الحديث عن مبيعات المؤسسات العامة الاستهلاكية، فقد حرص النظام على تقديم بيانات مضللة عن حجم المبيعات دون ذكر للأرباح إطلاقاً.. وهو ما يشير إلى أن النظام بات في مأزق اقتصادي حقيقي، إذ يحاول النظام عبر الإعلام أن يقدم صورة وردية عن الأوضاع، بينما داخلياً، فإن الاقتصاد يتآكل وتتلاشى قيمه المادية مع تراجع سعر صرف الليرة إلى مستويات متدنية جداً..

يعتقد الكثير من المحللين الاقتصاديين، أن النظام دخل في مرحلة اقتصادية حاسمة، مع فقدان الناس للحد الأدنى في تأمين حياتهم المعيشية.. وبالتالي، إما أن يضحي النظام بنفسه وينقذ ما تبقى من البلد، أو أن يضحي بشعبه ويستمر هو بالبقاء..

وعلى ما يبدو أنه ماض في الخيار الثاني..

ترك تعليق

التعليق