"البيت التدمري".. مشروع حيوي لتأهيل المجتمع المدني في تدمر بعد الحرب


ضمن فعاليات "مقهى مواطنة" الذي تنظمه شهرياً جمعية "إلى سوريا"، في مقر عصبة حقوق الإنسان في باريس، قدم الباحث الآثاري "محمد طه" محاضرة حول "مشروع البيت التدمري" الذي يعمل عليه منذ شهور، وتضمنت المحاضرة شرحاً وافياً لفكرة المشروع وماهيته وأهدافه.


 وأوضح الباحث طه لـ"اقتصاد" أن مشروع "البيت التدمري" عبارة عن منظمة تُعنى بتطوير وتأهيل المجتمع المحلي التدمري ليصبح قادراً على إعادة إعمار المدينة على كل الصعد في الفترة القادمة.
 
ولفت محدثنا إلى أن "المشروع لا يقدم نفسه ممثلاً للمدينة بأي شكل من الأشكال، وهو بذلك– ليس جمعية خيرية أو إغاثية، كما أنه ليس سلة غذائية تُقّدم اليوم لتؤكل أو تباع أو يشترى بها ذمم مع الاحترام والتقدير لكل جهد قُدم أو يقدم في هذا المجال".

وتعود فكرة "البيت التدمري" لسنوات طويلة مضت وتناثرت وقتها كحلم لمجموعة شباب، وككل الأحلام في سوريا توارى الحلم تحت وقع الكوابيس المستدامة التي تحكم حياة السوريين اليوم.

ولفت الباحث طه، الذي كان مديراً لشعبة التنقيب في مديرية آثار تدمر، إلى أن "ما حلّ من خراب في المدينة والتشريد الممنهج لأهلها والمساعي المدروسة لتغيير ديمغرافي في تدمر-كما يحدث في عدة مناطق سورية اليوم- وكذلك الكم الكبير من التشويه الذي طال العلاقات المجتمعية كنتيجة مباشرة للحرب ومآسيها، كل ذلك فرض عودة المشروع ليظهر كضرورة واقعية تتجاوز رومانسية الحلم".
 
وأشار طه إلى دلالة اسم "البيت التدمري" الذي يعود–كما يقول- إلى حلم رافق القائمين على المشروع وهو تحويل سجن تدمر إلى بيت يحمل هذا الاسم، "ليكون بيتاً ثقافياً يمسح نقطة السواد التي ألصقها النظام بمدينتنا وأهلها من خلال سجنها سيء الصيت، إلى جانب أهمية البيت في المشرق، ففي البيت تكون العائلة وتحت سقفه تتربى الأجيال وتتعلم وتنمو وفيه يجتمع أصحاب البيت مع الجيران والأحباب".

ونوّه طه إلى أن "تطوير المجتمع المدني في المدينة سيكون من خلال مراكز تخصصية تعمل بجهد من أبناء المدينة وأصدقائهم وكل مركز سيحاول إيجاد السبل لتهيئة وتطوير كوادر المدينة كلُ حسب تخصصه من خلال توفير الأدوات اللازمة لذلك بالتعاون مع جمعيات ومؤسسات محلية ودولية تمتلك الخبرة والسبق في هذا الميدان".

ويتضمن المشروع العديد من الأقسام ومنها ما يتعلق بالطفولة والمرأة والتراث والإعمار وقسم العودة إلى تدمر وقسم التوثيق والدراسات والإحصاء وثمة أقسام للتعليم الشعبي ومكتب صحي ومركز إعلامي وغيرها.
 
وحول ما لحق بآثار تدمر من أذى وتخريب وما هي خطط مشروع "البيت التدمري" بهذا الخصوص، أكد محدثنا أن "المشروع يتضمن قسماً خاصاً للتراث الأثري إلى جانب التراث البيئي والتراث المروي"، وهذا القسم–كما يقول– قيد العمل منذ زمن وكل ما يستطيع عمله ككل المراكز والمختصين، "للأسف"، هو التوثيق للدمار والخراب ومحاولة تتبّع المسروقات لمعرفة وجهتها الأخيرة ومحاولة استرجاعها يوماً ما.

 ولفت محدثنا إلى أن "المشروع سيصدر /كاتلوج/ للمسروقات من متحف تدمر"، مشيراً إلى أن عدة جمعيات وجهات ستتعاون مع مركز التراث الأثري في هذا المجال.

وسيرافق ذلك-كما يؤكد-حملات توعية عن قيمة الآثار المعنوية والاقتصادية بالإضافة لمحاولة إيجاد فرص لتهيئة كوادر أثرية مختصة من أبناء المدينة تساهم مستقبلاً في ترميم ما تهدم.

ونظراً لأن مجتمع تدمر في ظل الحرب متهدم ومشرد ومنقسم بكل معنى الكلمة فإنه ليس من السهل تطبيق برنامج واحد في أماكن جغرافية مختلفة دون الاصطدام –كما يؤكد مدير المشروع-، أضف إلى ذلك المعارك الدائرة في الداخل وصعوبات في التواصل مع الجميع وإقناعهم بالعمل على هدف واحد بعيداً عن الايديولوجيات وبخاصة أن المجتمع السوري أصبح نهباً لإيديولوجيات متناقضة.


ترك تعليق

التعليق