طروادة والسوريون العظماء عام 2030


هل تعرف قصة حصان طروادة؟.. بطبيعة الحال، فإن معظمنا يعرف تلك الأسطورة وما تم تصويره منها في الأفلام. لكن قلّة قليلة، ربما، تلك التي تعرف القصة الحقيقية التي تقف وراء أسطورة حصان طروادة الخشبي، رغم أن القصة الحقيقية لا تقلّ سحراً وجاذبية عن النسخة الأسطورية منها.

يعتقد مؤرخون، وهي قراءة ما تزال في طور النظرية، لكنها شائعة في أوساط المختصين، أن طروادة الحقيقية، كانت مدينة مُحصّنة أسستها قبيلة تنحدر من آسيا الصغرى، وكانت تقع على الجانب الآسيوي من مضيق الدردنيل الذي يفصل بين بحر مرمرة، وبحر إيجه، (في تركيا اليوم)، وذلك، قبل أكثر من ثلاثة آلاف قرن.

ويعتقد المؤرخون أن نزاعاً دام سنوات، اندلع بين الإغريق (اليونانيين القدماء) وبين الطرواديين، بغية السيطرة على طرق الملاحة البحرية، وبالتالي، على الطرق التجارية في تلك البقعة من العالم.

وحسب النظرية التي يؤيدها العديد من علماء الحفريات الأثرية، فإن الإغريق شنوا عدة حملات على طروادة، باءت جميعها بالفشل، بسبب التحصين القوي للمدينة التي تُشرف على الدردنيل. إلى أن تمكن الإغريق من استخدام منجنيق خشبي، يُعتقد أنه كان على هيئة حصان، شكّل نقلة نوعية في المعركة، ساعدت الإغريق على تحقيق خرق في جدار تحصينات طروادة. وتمكن الإغريق من اجتياح المدينة، التي أعملوا في أهلها، قتلاً وتنكيلاً وتشريداً.

ويروي المؤرخون، حسب تلك النظرية، أن بعض المُشرّدين ممن بقي حياً من أهل طروادة، ساقتهم سبل اللجوء إلى منطقة في إيطاليا، حيث أسسوا هناك مدينة، عُرفت لاحقاً باسم، روما.

وبعد بضعة قرون، تحولت روما تلك إلى قوة دولية كبرى، وسيطرت لاحقاً على بلاد الإغريق، الذين تسببوا يوماً في تدمير مدينتهم الأم (طروادة). وتبنى الرومان (الطرواديون سابقاً) ثقافة الإغريق، واستوعبوها، وأسسوا عليها نهضة تاريخية، ليشكلوا واحدةً من أعظم الامبراطوريات في تاريخ البشرية، دانت لها مساحات واسعة من العالم، بما فيها اليونان القديمة (بلاد الإغريق).

تفيض قصة الطرواديين تلك، بالعِبر. وبقدر ما تمتلئ الأسطورة بالسحر، تمتلئ الحقيقة المُرجحة حول قصتهم، بسحرٍ أكبر، تُذكرنا بما يُسميه بعض المؤرخين بـ"دروب التاريخ الدائرية". ففي معظم تجارب الأمم، يتحول المنهزمون إلى منتصرين، والمُشردون إلى سادة، والعكس صحيح.

وقد تنسجم تلك القصة مع نبوءة تتعلق بالسوريين تحديداً. إذ توقع خبراء استشراف المستقبل العالمي، على هامش المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، قبل أيام، أن يكون العديد من المدراء التنفيذيين في شركات عالمية كبرى، عام 2030، من السوريين الذين لجؤوا إلى بلدان أوروبية وغربية خلال السنوات الأخيرة.

تلك النبوءة، ساهم في صياغتها، نخبة من الخبراء والباحثين ومستشرفي المستقبل، من مختلف دول العالم، ، بمن فيهم خبراء من وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا)، ومركز "لانجون" الطبي التابع لجامعة نيويورك، إضافة إلى معهد "ماساتشوستس" للتكنولوجيا، ومختصين من شركة "كونسين سيس" للإنتاج، ومؤسسة "سينس" العالمية للأبحاث. وذلك في إطار إعداد تقرير "استشراف المستقبل العالمي"، خلال المؤتمر السنوي الأخير لمنتدى "دافوس".

خبراء استشراف المستقبل، اعتبروا أن اللاجئين السوريين في دول غربية، يملكون فرصاً أكبر ليكونوا فاعلين ومؤثرين جداً في المجتمعات التي هاجروا إليها، في المستقبل القريب، مقارنة بلاجئين من دول أخرى، بسبب سوية التعليم والثقافة والإرث الحضاري، الذي يتحدرون منه.

وعلى غرار تلك النبوءة. تُشاع نبوءة أخرى تبني على نظرية مفادها، أن الدول العظمى تنشأ بعد حروب أهلية كارثية، وأن الشعوب التي تحمل إرثاً حضارياً تعتز به، لا تبقى طويلاً في حال من العجز جراء كارثة وطنية تحل بها، فهي سرعان ما تنهض، وبوتيرة إنجاز متسارعة، لتحقق خلال قفزات نوعية، ما يفاجئ كل مراقب خارجي.

نبوءتان تتحدثان عن سوريا عظمى، أو ربما، سوريين عظماء، بعد عقدٍ من الزمن، أو ربما أكثر بقليل. لكن، بطبيعة الحال، يبقى أن "إرادة المستقبل"، حسب تعبير الفيلسوف المغربي الراحل، محمد عابد الجابري، قوة الدفع العميقة القادرة على عكس اتجاه المسارات المظلمة لمستقبل شعب أو بلد ما. وهو ما ينطبق على السوريين حول العالم. وعلى سوريا أيضاً.

ترك تعليق

التعليق