رجل الأعمال، غسان عبود.. ثروته وثورته


اختلف الكثيرون حول حجم ثروته، كما اختلفوا حول مصدرها، بسبب أن الفارق الزمني بين فقره وغناه، لم يتجاوز السنوات القليلة.. فهو بحسب الكثيرين، أصبح بين ليلة وضحاها، وبغفلة من الجميع، رجل أعمال كبير وتقدر ثروته بأكثر من 2 مليار دولار..

 لكن غسان عبود ولدى توجيه هذا السؤال له، يرى أن الفترة الزمنية التي جمع بها ثروته ليست بالقليلة، فهو منذ نحو 26 عاماً مغترب في دول الخليج، ولديه استثمارات في أربع قارات، متسائلاً باستغراب: "هل هذا الزمن قليل من أجل أن يجمع المرء ثروة بهذا الحجم..؟!".

ومهما يكن من أمر الخلاف حول حجم ثروة الرجل ومصدرها، فنحن في هذا المقال لسنا بصدد التحقق من أين له هذا..؟، وما يهمنا هو أين أنفقها وفي أي اتجاه..؟، وخصوصاً أن أبناء بلده يتعرضون ومنذ أكثر من ست سنوات لشتى أنواع القتل والتهجير والإفقار..

 وقد أعلن غسان عبود ومنذ اليوم الأول للثورة أنه معها قلباً وقالباً وبكل ما يملك من إمكانيات، سيما وأن الله أنعم عليه من واسع رزقه.. فكيف دعم عبود الثورة..؟، وما هي الأدوار التي قام بها خلال السنوات الماضية في الوقوف إلى جانب أبناء شعبه..؟، بالإضافة إلى ما هو الدور الذي يتطلع إليه في سوريا مستقبلاً..؟

قلق البحث

دعوني في البداية أسجل بعض المخاوف التي اعترتني وأنا أكتب عن هذه الشخصية.. فهو الوحيد الذي أجريت معه دردشة من بين أكثر من عشرة رجال أعمال كنت قد كتبت عنهم سابقاً ضمن سلسلة أثرياء سوريا.. وهو ما أوقعني في إرباك خلال الكتابة، خشية أن يتم اتهامي بأن الرجل اشتراني أو أنه دفع مبلغاً كبيراً من المال مقابل هذا المقال.. لذلك وبينما أنا على هذه الحال من المخاوف، أدركت أنني لن أنجو من هذه التهمة سوى بالموضوعية، وقد بدا لي ذلك من خلال المقدمة، إذ سجل غسان عبود اعتراضه على فكرة أنه من محدثي النعمة وشعرت ربما برغبته في عدم التطرق إلى هذا الأمر.. لكن كانت وجهة نظري أنه ما دمنا نملك الأجوبة، فلماذا نمنع الأسئلة..؟، وبناء عليه قررت أن أستمر في مقالي أو حواري هذا، بدون قيود، بما فيها تلك التي قد تزعج غسان عبود ذاته.. فالمجال مفتوح للجميع بأن يرد وأن يتهم ويدافع كيفما يشاء وبالوسيلة التي يريد.. وخصوصاً أن الرجل وبحسب ما أخبرني عندما طلبت محاورته، من أكثر المتحدثين عن نفسه، ولقاءاته موجودة وبكثرة على اليوتيوب بالإضافة إلى صفحته الشخصية على "فيسبوك" التي يواظب الكتابة عليها باستمرار، ناشراً مواقفه من الحدث السوري الآني، وهو ما أدخله في كثير من الأحيان في سجالات مع المعلقين، قد تصل إلى حد شتمه، لكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار بالكتابة وطرح الأفكار الصدامية في بعض الأحيان..

ثورة غسان عبود

من خلال متابعة حوارات غسان عبود الكثيرة، المنشورة والمتلفزة، استوقفني إصرار الرجل على ذكر حادثة تعرضه لتضييق نظام الأسد كرجل أعمال قرر أن يستثمر في بلده في مجال لطالما كان حكراً على فئة محدودة من المقربين والموثوقين من النظام، والمقصود هنا قناة المشرق التي أطلقها في عام 2009 والتي لم تستمر سوى بضعة أشهر وصدر قرار بإغلاقها وبالقوة..

 وعلى الرغم من أنه قد سبقه في هذا الأمر أكرم الجندي صاحب قناة شام، الذي تعرض هو الآخر لظلم وتضييق وخسائر أكبر من غسان عبود، إلا أنه لم يستثمر الأمر كما استثمره عبود..!!، بل يكاد لا أحد يعرف بالضبط ما الذي جرى مع قناة شام حتى اليوم.. فما هي دوافع عبود لإثارة هذه القصة في كل مرة..؟

يرى رجل الأعمال غسان عبود، أن فضح ممارسات نظام الأسد، واجب أخلاقي على كل من تعرض للظلم من قبله، بل يعتبر ذلك جزءاً من أعمال الثورة التي قررت أن تفضح هذا النظام وتكشف كل ممارساته القذرة..

ويتابع عبود أنه يعتقد أن ثورته بدأها عندما رفض أن يكون أداة بيد هذا النظام وتحدى جبروته وقمعه عندما رفض بيع الأورينت لرامي مخلوف في العام 2009 وتسبب الأمر بإغلاقها، حيث قال لي بشيء من الانفعال: "شوف أخي، أنا أعمل ولا أريد من حدا شيء ولو كان الإعلام يعنيني آخر مرة ظهرت على الأورينت قبل أكثر من سنة!.. بكل الأحوال، اكتب مقالات غسان عبود في أورينت نت وكذلك موثقة على اليوتيوب كل لقاءاتي وكيف وقفت يوم 2/2/2011 قبل الثورة بشهر ونص وطالبت أسد بتعديل نظامه، اللقاء بعنوان غسان عبود تجارة إعادة التصدير، نشرة المشرق من أورينت موجودة على اليوتيوب، بعد هذا اللقاء حاول النظام شرائي وعرض علي دفع كل ما خسرني إياه وشراء أورينت بشيك نحو 40 مليون دولار والشاهد أيمن عبد النور وحامل الشيك كان علي جمالو والوسيط علي مملوك، حكى مع أيمن، قله بس خليه يرد علي، ورفضت"..

وتابع: "نحن في زمن الانفصام واختلاط المفاهيم وحتى حول شروق وغروب الشمس وأنا أخذت موقف ضد أعتى وأخس فئة بتاريخنا الحديث مافيا أسد ونظامه والايراني ومليشياته كأحزاب "الله".. فهل تظن أن موقفي هذا سيمر بدون أن يشوهوا كل ما في!.. راجع سجلات راديو النظام مارس 2009 وكيف استقبلوني في لقاء على الهواء ووضع أغاني كايد اللي بتعمر الله يحميها، وحاولوا مشاركتي بالطيب وعنوة ولم أستجب".

 تابع: "ما نشرت عن لقاءاتي الثلاثة بمناف طلاس على مدى أسبوع، نحو 5 ساعات، كل اجتماع حوالي الساعة ونصف، في نهاية أيلول 2010، وكيف رفضت كل عروض النظام.. واسأله عن هذه اللقاءات.. بات منشقاً.. ولقائي الوحيد برامي مخلوف لمدة 45 دقيقة نهاية آذار 2009.. وكيف رفضت كل عروضهم ومن وقتها جنوا".

العمل الإغاثي والإنساني

منذ اليوم الأول للثورة، فتح غسان عبود قناته "الأورينت" لكل المعارضين لكي يقولوا عليها ما لم يستطيعوا قوله على مدى أكثر من خمسين عاماً، كما تميزت القناة بتغطيتها من الداخل عبر فريق إعلامي من المراسلين والناشطين تجاوز عددهم الألف صحفي، وكانوا ينقلون الحدث مباشرة، مخاطرين بحياتهم، وهو ما أفقد الأورينت خيرة صحفييها في سوريا، سواء عبر القتل برصاص وصواريخ النظام أو عبر الاختفاء والاعتقال..

أما على صعيد آخر، فقد تميز غسان عبود بنشاطه الإنساني والإغاثي، إذ أسس في تركيا مؤسسة، كانت ولا تزال تعمل على خدمة المهجرين السوريين إلى تركيا، وتقدم لهم الخدمات الطبية والإغاثية، بالإضافة إلى تأسيس مدارس لأبناء اللاجئين في المخيمات التركية.

نعم لدي طموح سياسي

كثيراً ما تم اتهام رجل الأعمال غسان عبود، بأنه يقوم بكل هذه الأعمال الخيرية والإعلامية، بحثاً عن موقع سياسي في سوريا المستقبل، وقد أثرنا هذه النقطة معه خلال دردشتنا، فأجاب: "لقد قمنا بثورة ليحق لكل فرد كفء بأن يكون له مطامع سياسية وإلا بدون هذا الطموح سيتوجب علينا الإبقاء على أسد وسلالتهم".

وأضاف: "ليس عيباً أن يكون لدي طموح سياسي، ولكن هذا الأمر لا علاقة له بأنشطتي الإغاثية والإنسانية، وإنما هذه الأعمال تضاف إلى رصيدي عندما أقرر أن أدخل إلى المجال السياسي".

في الختام

لا ندعي في هذا المقال أننا استطعنا الإحاطة بشخصية رجل الأعمال غسان عبود، وأعماله وأنشطته التجارية أو السياسية الداعمة للثورة السورية، التي يعتبر أحد أبنائها الأوائل، لكننا حاولنا أن نقدم لمحة عن رجل سوري استطاع أن يبني نفسه خارج بلده وأن يحقق نجاحات كبيرة في عالم الأعمال، انعكس خيرها في النهاية على أبناء بلده..

غسان عبود في النهاية يمثل شريحة كبيرة من السوريين، الذين لو اتيحت لهم الفرصة والظروف، لما كانوا أقل منه نجاحاً.. وهي الجريمة الكبرى التي ارتكبها النظام بحق الشعب السوري.

ترك تعليق

التعليق

  • 2017-09-19
    معظم العرب مصابون بعقدة ستوكهولم . ولو نزل نبيا من السماء لقتلوه .
  • غسان عبود احد اهم رجال الاعمال السوريين و سيطو سابقوا بمراحل https://copypaste.news/
  • لا أدري ، هل ما اضحكني في هذا المقال شخصية من يتناوله المقال أو مصداقية من كتب المقال !!! الانتهازيون لا يختلفون عن الخونة و الوصوليون أكثر خطراً من الخونة .. لا عربي و لا مسلم يستطيع أن يصل الى اية مرتبة حكومية او غيرها في بلاد الغرب إذا لم يكن متطبعاً حتى النخاع مع اسرائيل و الصهيونية ، و مع ذلك يبقى رغم ثرائه و تطبعه مجرد درجة ثانية لا يمكن الوثوق بها من قِبل الدولة و مخابراتها .. العمالة قد تملأ الجيوب بالذهب و لكنها لا تمنح صاحبها مركزاً يُحترم .. حتى العدو يحتقر هذا الصنف من الأصدقاء .