بوظة "بكداش" في إدلب


في وسط مدينة إدلب؛ وبالقرب من منطقة دوار الساعة تحديداً، كان السيد "أكرم جباس" منهكاً بطرق مزيج من الحليب والسحلب بمطرقة خشبية كبيرة؛ ومن ثم تحويله إلى لفافة مزينة بالفستق الحلبي ذات منظر جميل وطعم رائع.

"جباس"، عمل في محلات بوظة بكداش الشهيرة في دمشق لعدة سنوات؛ قبل أن ينقل هذه الطريقة الجديدة في صناعة البوظة التي لم يعتد عليها سكان إدلب.

قال متحدثاً لـ "اقتصاد": "تتنوع أشكال البوظة في مدينتي إدلب. ولكن ما يُعرف بالبوظة الدق "العربية" فغير متوفرة، وأنا أول من يعمل بها".


تعتمد صناعة البوظة العربية على براد أو ما يعرف بـ "الجمادة"، يوضع فيها الحليب مع السحلب وتستخدم المطيبات ماء الورد وماء الزهر والسلحب. وتتميز عن غيرها من أنواع البوظة أنها لا تُخلط بالخلاط الكهربائي، بل تدق يدوياً، بدرجة 30° تحت الصفر، ويتم طرقها بالمطرقة الخشبية.

وبلغت تكلفة الآلة المستخدمة بالتجميد بحسب "جباس"، قرابة 4 ملايين ليرة سورية. ويأتي ارتفاع ثمنها لعدم توفرها في المحافظة حيث ابتاعها "أكرم جباس" من العاصمة دمشق، موضحاً: "400 ألف ليرة أجرة نقل الآلة من دمشق لإدلب".

وتُعتبر البوظة العربية والتي اشتهرت بمحلات "بكداش" من الفلكلور والتراث الدمشقي العريق.


شهد محل "بكداش" الإدلبي إقبالاً جيداً لتقديمه نوع البوظة التي لم تكن معروفة لأبناء المنطقة. كما أنه لقي روجاً كبيراً بالنسبة لأهالي العاصمة وريفها القاطنين في إدلب بعد عملية التهجير القسري التي طالت مدنهم.

يقول "محمد"، ٢٣ عاماً، من مدينة داريا ويقيم في إدلب، "سُررت كثيراً عندما شاهدت لوحة محل بكداش في إدلب، وشعرت بالحنين لدمشق عندما تذوقت طعمها".

مضيفاً: "حُرمنا في الحصار لسنوات من كل شيء بما فيها البوظة، وعند قدومي لإدلب لم أستطع تناول البوظة التي اعتدت عليها في صغري،. طريقة صنعها في إدلب مختلفة، كما أنهم يستخدمون الحليب الملدوع (الشايط) على النار".


وكان "محمد" مستمتعاً وهو يتناول بوظة الدق بالفستق الحلبي أمام محل بكداش بإدلب ويقول: "رجعت بي الدنيا سنوات، وأحسست كأنني بسوق الحميدية عند بكداش".

وبشيء من التفاؤل أردف: "كما أكلت بوظة عربية في إدلب، سنعود لنتناولها في دمشق".

ويبيع محل السيد "جباس" كيلو البوظة بدون فستق بـ 1400 ليرة؛ بينما المغطاة بالفستق بـ 2400 ليرة بسبب غلاء سعر الفستق الحلبي والذي يصل إلى 15 ألف ليرة للكيلو الواحد.


ترك تعليق

التعليق