اقتصاديات.. عن مشروع إعادة الإعمار وأوهام النظام


لا ندري ما المقصود بمعرض إعادة الإعمار، أو من اقترح هذه التسمية الجديدة على معرض كان يحمل خلال السنوات السابقة للأزمة السورية، اسماً مختلفاً، ونظنه معرض البناء.. وكان يحوي كل ما يتعلق بأدوات البناء وعددها، بدءاً من المسمار وانتهاء بـ"سطل" الدهان، وهو معرض متخصص كان يهم فئة محدودة من العمال والمتعهدين.. أو من يرغبون الاطلاع على آخر الصرعات في عالم البناء، وبالذات من خلال الشركات الأجنبية المشاركة..

هذا المعرض، يحاول النظام أن يسوق له ومنذ أكثر من سنتين، وعمل على إعادة إطلاقه بعد توقف لأربع سنوات، على أن مرحلة إعادة الإعمار قد انطلقت بالفعل.. بينما هو على أرض الواقع لا يعدو كونه تجمع لشركات أو محال تجارية تبيع المنتجات المتعلقة بصناعة البناء فقط، وبعض الاقتراحات لمن يريد أن يبني بيتاً أو فيلا خاصة به، بينما لا تجد فيه مقترحات لإنشاء مدن بأكملها، وهو ما تحتاجه الحالة السورية..

ومن جهة ثانية، إن مشروع إعادة الإعمار، بدأ النظام في الآونة الأخيرة يكثر من الحديث عنه، ويستخدمه باعتباره مؤشراً على نهاية الأزمة السورية، وليس لأنه يملك خططاً وأفكار أو معطيات حقيقية، عن آلية البدء به.. فهو مشروع، لا يمكن للحكومة السورية أن تقوم به لوحدها، وحتى لو بمساعدة أشقائها من الروس والإيرانيين.. هو يتطلب إمكانيات أكبر من ذلك بكثير، وعندما تقول الدول الكبرى مثل فرنسا وبريطانيا وأمريكا، أنها لن تشارك بإعادة الإعمار، مادام الأسد في السلطة، فهي تعي، أنه من دون الاستعانة بها، فإن مشروع إعادة الإعمار سوف يتعثر ولن يُكتب له النجاح.. فهو بحاجة لأموال طائلة ومانحين، وشركات كبرى، وحل جميع المشاكل المرتبطة به، ونقصد مشكلة اللاجئين والمهجرين في دول الجوار ودول العالم..

بمعنى، أن مشروع إعادة الإعمار، ليس مجرد شركات بناء وتعمير وحديد واسمنت، وزيادة على ذلك يتعامل معه النظام على أنه مشاريع تجارية تحقق أرباحاً طائلة، لمن يود الانخراط به، إلا أن الصورة غير ذلك تماماً.. يجب أن يعي النظام أن هذا المشروع، الخاسر الأكبر به هو الحكومة السورية، التي هي من ستدفع تكاليف هذا المشروع، وليس المهجرين والذين دمرت بيوتهم كما يخطط.. وهو أمر ليس بوسع النظام الحالي، الفاقد للثقة داخل المجتمع الدولي، أن يقوم به، وإذا أصر على البقاء، فإن مشهد الدمار سوف يستمر لفترة طويلة، قد تستغرق عشرات السنين على أقل تقدير.. فمن أين سيأتي النظام بمبلغ أكثر من تريليون دولار، وفق أكثر الدراسات تفاؤلاً ورحمة، وهو وسطي تكاليف إعادة الإعمار..؟!

ترك تعليق

التعليق