اقتصاديات.. الليرة السورية بعد عام من الاستقرار، فماذا عن تحسنها؟


الكثيرون يتساءلون اليوم عن وضع الليرة السورية بعد عام من الاستقرار أمام الدولار، شهدت فيه انخفاضات مهمة مقارنة مع العام 2016 والذي تجاوزت فيه الليرة حاجز الـ 600 ليرة أمام الدولار، قبل أن تعود وتراوح حول رقم الـ 500، المستمر، كما ذكرنا، منذ أكثر من عام..

وجميع هذه التساؤلات تتمحور حول: ما هو أقصى حد ممكن أن ترتفع به الليرة أمام الدولار..؟، وهل من الممكن أن تعود إلى سعر عام 2014، عندما كانت تتراوح بين 250 إلى 300 ليرة مقابل الدولار..؟

الإجابة على هذين السؤالين، يمكن أن نستنتجها بكل بساطة من تصريحات رئيس وزراء النظام الأخيرة، عماد خميس، والتي اتهم فيها حكومة الحلقي السابقة بتبديد 14 مليار دولار من الاحتياطي النقدي من العملات الصعبة، وذلك من العام 2013 وحتى العام 2016.. فهو تصريح يفسر الانخفاض الكبير الذي شهدته الليرة في تلك الفترة، ويشير إلى أنه انخفاض طبيعي وليس نفسياً كما كان يبرره النظام باستمرار..

فهو يعني أيضاً، أن الدولة كانت تأكل من نفسها خلال السنوات الثلاث من حكومة الحلقي، ما أدى في النهاية لأن تخسر الليرة السورية كل هذه الكمية من قيمتها النقدية مقابل العملات الأجنبية..

ورقم 14 مليار دولار، يشكل ما نسبته أكثر من 70 بالمئة من الاحتياطي النقدي الذي كان قد أعلنه حاكم المصرف المركزي آنذاك والبالغ 17 مليار دولار، في مطلع العام 2012.. وهذا الرقم يقودنا إلى أن ما تبقى من الاحتياطي النقدي، إذا صدقت تصريحات خميس، هو 3 مليار دولار فقط، إضافة عليها، حجم ديون يتجاوز الـ 10 مليار دولار.. هذا عدا عن الدين العام الداخلي، والذي لم يعلن عنه أحد حتى الآن، لكن بحسب تقديراتنا، فهو يصل كذلك إلى أكثر من 10 مليار دولار..

لكن الذي يدعو للتساؤل: ما هي فرص تحسن وضع الليرة السورية بشكل أكبر بعد عام من الاستقرار، أو ما الذي يقصده مسؤولو النظام، بأن الأشهر القادمة سوف تحمل المزيد من التحسن، وبالتالي ما هو المستوى المرجو بلوغه في هذه الحالة..؟

يحاول النظام أن يوحي، بأن تحسن وضع الليرة السورية، خلال الفترة الماضية، سببه زيادة الإنتاج، وليس الإجراءات والسياسات التي كان يمارسها المصرف المركزي سابقاً، ومنها سياسة الضخ في الأسواق، لكن المتابع لحركة الليرة السورية، يكتشف بأن الأمر خلاف ذلك تماماً، بدليل أنه عندما توقف هذا الضخ استقرت الليرة السورية..!

 وأما السبب الآخر الذي يحاول أن يظهره النظام بأنه أدى لتحسن سعر الصرف، هو الانتصارات التي يحققها جيشه وسيطرته على المزيد من الأراضي.. وهو أيضاً سبب غير مقنع وغير اقتصادي، لأن المناطق الجديدة التي سيطر عليها زادت من نفقاته ولم تزد من إنتاجيته بعد.. ونشير بهذا الخصوص إلى مناطق إنتاج النفط والغاز، فهي لم تدخل بالإنتاج بعد ولم تقدم أي مردود يذكر لخزينة الدولة.. ومؤخراً أعلن وزير النفط أن الإنتاج من النفط ارتفع إلى 16 ألف برميل يومياً من 10 آلاف برميل.. وهي زيادة لا تعني شيئاً، كونه أعلن من جهة ثانية أن فاتورة دعم المشتقات النفطية لاتزال تبلغ مليار ليرة يومياً.

كل ذلك يقودنا للاستنتاج أن الليرة السورية، سوف تبقى تراوح حول رقم 500 ليرة مقابل الدولار، ولن تشهد ارتفاعات مهمة حتى منتصف العام القادم على الأقل، وسوف تبقى نسبة التذبذب تراوح حول 10 ليرات سورية فقط.. بمعنى أكثر انخفاض يمكن أن يشهده الدولار حتى العام القادم، مقابل الليرة، لن يبلغ أكثر من 490 ليرة، وهذا مرهون بدون شك، بزيادة الإنتاج بشكل ملحوظ، ودون أن تبدأ أي عمليات لإعادة الإعمار.. لأن إعادة الإعمار لوحدها بحاحة لحسابات جديدة، قد لا تكون لصالح الليرة السورية، والتي قد تؤدي إلى المزيد من الانخفاض، كون النظام لا يملك حتى الآن أي صندق لتمويل هذه المشاريع، ما يعني أنه سيضطر للدين مجدداً أو لإصدار سندات خزينة، سوف تزيد من حجم الدين الداخلي والخارجي..


ترك تعليق

التعليق