اقتصاديات.. السوق السوداء للدولار تهزم حاكم المصرف المركزي


أخبار غير سارة تلك التي يتلقاها حاكم المصرف المركزي التابع للنظام، دريد درغام، بانخفاض سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية في السوق السوداء إلى ما دون السعر الرسمي. ففي الوقت الذي أعلن فيه المركزي عن سعر 508 ليرة للدولار، كان يباع في السوق السوداء في بعض المناطق بسعر أقل من 490 ليرة.. وهي المرة الأولى في تاريخ سوريا "الأسدي"، التي يحصل فيها هذا الأمر.. فما الذي يزعج درغام والحكومة من هذه العملية..؟، ولماذا هم مستنفرون ويصرحون بأن سعر صرف الدولار يجب أن يحافظ على مستواه..؟، والمقصود كما تم تحديده في موازنة العام القادم، أي 500 ليرة..

في البداية، أول ضربة تلقاها المركزي من هذه العملية، أن شركات الصرافة عادت لتلعب به من جديد، بعد أن حرمها درغام منذ توليه منصبه، من أسباب وجودها واستمرارها.. وكادت في مرات كثيرة أن تعلن استسلامها، مع قرار حصر التعامل بالدولار وإجازات الاستيراد عبر البنوك فقط.. لكن ما حصل حالياً أن شركات الصرافة اشترت الدولار من المتعاملين بسعر أقل من 490 ليرة، وهي يجب أن تبيعه للمصرف المركزي بالسعر الذي حدده، أي 508 ليرة سورية.. وهو ما يعني أرباحاً طائلة بالنسبة لها وخسائر كبيرة للمركزي الذي سوف يضطر لتخفيض السعر الرسمي، أو أن يرفع سعر السوق السوداء إلى أكثر من أسعاره.. لذلك ما فعله المركزي أنه أحجم عن شراء الدولار من شركات الصرافة، في صورة مخالفة للقوانين، كي يجد طريقة يحل بها هذا الإرباك الذي وقع به.. فهو صحيح أنه وعد الناس بتخفيض سعر الصرف، ولكن ليس على حسابه كما يحصل الآن..!

مما لا شك فيه أن حكومة النظام، ليست سعيدة بخبر هبوط الدولار إلى ما دون 490 ليرة.. لسبب بسيط أن هذا الهبوط هي من ستدفع ثمنه ومن خزينتها، لأنه هبوط نفسي وليس اقتصادياً.. أي بمعنى لم تزد الصادرات، ولم تتحرك عجلة الإنتاج، كي يتحسن المدخول الحكومي ويتحسن معه وضع الليرة السورية.. كل ما هنالك أن التطورات السياسية، والمبالغة من قبل المصرف المركزي في التصريح بأن هناك إجراءات سوف يتم اتخاذها لتحسين سعر الصرف، ساهم بهذا الهبوط دون أن يتم اتخاذ هذه الإجراءات، وحتى قبل أن يتم معرفتها، وإذا ما كانت حقيقية أم لا..

اليوم تشكو شركات الصرافة من عدم وجود سيولة لديها بالليرة السورية، وأنها لا تستطيع أن تشتري الدولار بسبب نقص هذه السيولة، وتطالب المركزي بأن يفي بالتزاماته بأقصى سرعة، وأن يشتري الدولارات المكدسة في خزائنها.. بينما طلب المركزي التريث، وهو بين نارين، إنه يخشى أن يشتري الدولار منهم بالسعر الرسمي، ثم يعاود دولار السوداء الارتفاع من جديد.. كونه حتى الآن ليس لديه مؤشرات لانخفاض الدولار إلى ما دون ذلك، بل على العكس، مشروع إعادة الإعمار سوف يؤدي إلى المزيد من الارتفاع، نظراً لأن تمويله للشركات الأجنبية سوف يكون بالدولار حكماً.. والشيء الآخر الذي يخشى منه المركزي، هو إجازات الاستيراد التي أعطى الموافقة عليها للتجار، والمقدرة بمليارات الدولارات.. فالتجار في هذه الحالة سوف يمتنعون عن الاستمرار في استجرار هذه المستوردات من خلال المصرف المركزي، بسبب سعره المرتفع، وسوف يلجؤون إلى السوق السوداء أو إلى شركات الصرافة.. وفي هذه الحالة سوف يرتفع الدولار بشكل جنوني..

نعتقد أن المركزي، سوف يحاول المحافظة على سعر الصرف فوق الـ 500 ليرة سورية، وكما حدده في موازنة العام القادم.. وسوف يحيل الانخفاض الذي حصل بشكل مفاجئ على سعر الصرف، إلى مؤامرة خارجية، هدفها النيل من الاقتصاد السوري الذي بدأ ينتعش على وقع الانتصارات العسكرية..

ترك تعليق

التعليق