اقتصاديات.. وزير التجارة في حكومة النظام، ومنطق "الزعران"!


لسوء الحظ أنني لم أكن على معرفة مسبقة بوزير التجارة بحكومة النظام عبد الله الغربي، قبل الثورة، إذ لم يسبق لي أن التقيت به أو حتى سمعت باسمه.. لهذا تقييمنا لشخصيته نستمدها من وسائل إعلام النظام، والتي تحاول أن تقدمه على أنه شخصية مهزوزة وانفعالية، ويتخذ قراراته من خلال ردود الأفعال.. وفي مرات كثيرة ينتابك إحساس بأنه شخص أهبل.. فهل هو كذلك بالفعل..؟، أم أن الوسائل التي تنقل عنه هي التي وضعته في هذا الإطار وبشكل مقصود..؟!

بكل الأحوال، وزارة التجارة الداخلية، كان قد جرى إلغاؤها مع بداية عهد بشار الأسد، والتي كانت تعرف باسم وزارة التموين، ثم تم العودة بها مع انطلاق الثورة السورية، وكنوع من عمليات الإصلاح التجميلية التي حاول النظام أن يمتص بها الاحتجاجات الشعبية، ومحاولة تصوير الثورة على أنها ثورة جياع وليست ثورة حرية وكرامة..

لذلك عادت هذه الوزارة في البداية، بدون عمل أو صلاحيات، وكان وزير التجارة خلال حكومة الحلقي، بالكاد تسمع تصريحاً له أو قراراً صادر عنه.. غير أنه مع تشكيل حكومة عماد خميس، كانت الأوضاع المعاشية والغلاء والفساد في الأسواق، قد وصلت إلى منتهاها، وأصبحت الأوضاع تنذر بثورة جياع بالفعل هذه المرة.. لذلك جرى اختيار وزير من نوع خاص، كنا قد أطلقنا عليه في مقالات سابقة، بنه "دونكيشوت" حكومة خميس، لكن اتضح لنا فيما بعد بأنه أكثر من أن تصفه بـ "الزعبرة"، فهو على ما يبدو أنه يعاني حقيقة من لوثة ما في تفكيره وعقله، فلا يتعامل مع نطاق عمل وزارته بمنطق الدولة، وإنما بمنطق الزعران.. وهو سلوك لا يبدو في تصريحاته فقط، إنما في قراراته أيضاً.

ولعل نظرة سريعة على القرارات التي اتخذها مؤخراً، بتخفيض أسعار المتة، ومن ثم عدم استجابة التجار لهذا التخفيض، تعطينا فكرة عن منطق هذا الوزير، وردة فعله على هذا الأمر من خلال قراره باستيراد المتة من أجل ضرب التجار وإجبارهم على تخفيض سعرها.. فما هذه "الزعبرة"..؟

كلنا يعلم أن وزارة التجارة الداخلية، مسلحة بجيش من المراقبين التموينيين ولديها دوريات كانت ترعب تجار التجزئة أكثر من أجهزة المخابرات.. فلماذا لا تقوم بمعاقبة المخالفين وفق القوانين، بدل أن تدخل على خط منافسة التجار بالاستيراد..؟، ومن ثم، من قال أن من اختصاصات وزارة التجارة الداخلية استيراد السلع..؟

لكن ذلك يعطينا فكرة عن وزير، يريد منه النظام أن يكون مسلياً للجماهير الملتاعة.. وعلى مبدأ، كلما زاد البؤس، زادت الحاجة للتهريج..

ترك تعليق

التعليق